لا أمن بالتراضي

مع التفاؤل بتحديد وزير الداخلية مروان شربل سبعة أيام للتخلص من مخلين بالأمن والاستقرار على مساحة الوطن، فإن تحقيق هذا التوجه المطلوب من المواطنين القلقين يحتاج إلى أكثر من ارادة ذاتية مهما بلغ اخلاصها لأن الوضع السائد سياسياً بصورة خاصة يفسح في المجال أمام أفراد وربما جماعات لتجاوز القانون كما هو حاصل احياناً وفي اوقات متفاوتة للخطف والابتزاز والتفاوض على مقدار الفدية ممن يتعرضون لحجز الحرية.

ويكفي أن حادثاً فردياً او اشاعة عن محاولة اغتيال تحدث صدمة للجميع وتبعث على التخوف من الوصول إلى توسيع دائرة التجاذبات والاتهامات واظهار البلد وكأنه ساحة مفتوحة للمتفلتين من الضوابط الوطنية والاجتماعية وغير المبالين بنتائج تعدياتهم على التوحد وما تتسبب به من تداعيات اقتصادية واجتماعية وسياحية واستثمارات وموارد مالية، يضاف إلى ذلك اعتبار كل تجمع تحت أي عنوان كان حراً في فرض ما يناسبه ويرضيه مهما كانت انعكاساته على الآخرين وتأثيراته على الوضع العام في البلاد.

ومع التقدير الشمولي للجيش والقوى الأمنية لانجازاتهما لا سيما في هذه المرحلة فانهما بحاجة إلى موقف سياسي معهما ليؤكدا مدى قدرتهما على جعل الوطن على امتداده خالياً من الجريمة كما كان في السابق حيث لا يجرؤ مواطن على حمل سكين وحتى تجاوز اشارة المرور والعبور عكس السير، وهذا متاح في حال منع التدخل والشفاعة فلا نفوذ لأحد إلا للدولة حاضنة الجميع، وكم كان واجباً وطنياً اتخاذ مجلس الوزراء قراراً بتسليح الجيش ولو بمبلغ مليار وخمسمائة مليون دولار على مدى خمس سنوات، وهذا يحتاج إلى أن يكون القرار له وحده وفق مصلحة البلد وأبنائه وحمايتهم من أي تجاوز لا سيما صون الاستقلال والسيادة والقدرة على ردع أي عدوان والانتصار على من يقدم عليه كما ثبت في التصدي مرة بعد مرة للانتهاكات الإسرائيلية.

والمطلوب أكثر هو تخلي هذه الجهة او تلك عن اعتبار نفسها ذات صلاحية على ناحية من البلد واعتبارها ملكاً لنفوذها شرقاً أو غرباً وهي تعلم ان ذلك يدعو إلى تفلت الغرائز الفردية، والثابت أن العجز عن الانضباط لا يكون إلا بالدولة التي حققت ما أرخى الأعصاب المشدودة وطمأن إلى ملاحقة أولئك المتفلتين من الضوابط الأخلاقية والاجتماعية ومن الحرص على استقرار الناس وعدم ترويعهم.
وعندما يلتزم الأفرقاء السياسيون كافة بسلطة الدولة وبواجب الجيش والقوى الأمنية في حماية النّاس والوطن من التجاوزات يسود الاستقرار وتنتفي الجريمة، ولا أمن بالتراضي.  

السابق
اتلاف حقول من الحشيشة في حزين – الحمودية
التالي
يستعمل لمرة واحدة فقط