المرشّح أوباما تقلقه إيران وإسرائيل فقط

الارهاب ليس مشكلة طارئة على أميركا. فهي تواجهه منذ عقود رغم ان "الاسلامي" منه يبدو حتى الآن على الاقل الاكثر خطراً عليها. ولذلك فان كل اداراتها مجنَّدة لمحاربة الارهاب داخلها وفي الخارج. وهي تمتلك المخططات اللازمة للنجاح في ذلك، رغم علمها ان هذه الحرب لا تجري بين جيشين نظاميين لدولتين متعاديتين. لهذا السبب فإنها تجمع يومياً المعلومات من كل المصادر والجهات والمناطق في العالم، وتُحلِّلها وتعدّل تبعاً لها مخططاتها، وتضع إذا احتاج الامر مخططات جديدة لمواجهة الاحتمالات المستجدة. ويعني ذلك ان الانتخابات الرئاسية لأوباما لا تشكل عائقاً امام التعاطي اليومي مع مشكلة الارهاب، وامام اتخاذه القرارات اللازمة في شأنها. ولا تقيّد حركته الرسمية على هذا الصعيد المنافسة الانتخابية، وخصوصاً عندما يحاول المرشح المنافس له استغلال ضرر عمل ارهابي على بلاده لتشويه صورة اوباما. وهذا حصل اخيراً.
والأزمة السورية وقد صارت حرباً اهلية ومذهبية وثورة شعبية "معسكرة" ضد نظام استبدادي اقلوي يستعمل ضدها جيش البلاد بكل عتاده وامكاناته وحلفاءه في المنطقة والخارج، وقد سقط حتى الآن عشرات آلاف القتلى والجرحى والمعوقين كما فقد الآلاف من السوريين، هذه الأزمة ورغم خطورتها بل خطورة استمرارها بلا حل ورغم تشعباتها الخارجية لا تشكل همّاً يومياً لاوباما، وخصوصاً وهو في ذروة معركة تجديد ولايته الرئاسية. فهو يعرف ان روسيا والصين لن تمكناه الآن وربما في المستقبل المنظور، وحتى يقبل دفع "الثمن" الذي تريده كل منهما، من الحصول على قرار من مجلس الامن بـ"اسقاط" نظام الاسد. لكنهما لن تحاربا معه لاسقاط الثورة. وهو يعرف ان ايران ستستمر في دعم الأسد واستغلاله للحصول على ما تريد من اميركا إلا اذا قررت اميركا ضربها مباشرة. وهذا الامر ليس الآن وقته. لكنها لن تنجح في جعله يسحق الثورة السورية. وهو قرر من زمان إن على الاسد التنحي، وإن على نظامه ان يخلي الساحة لنظام ديموقراطي بديل. ولذلك فانه اعطى الضوء الاخضر لحلفائه في الغرب والعالم العربي لتزويد الثوار ما يحتاجون اليه للصمود والتقدم البطيء والاستمرار، ولكن ليس للانتصار للاسباب المذكورة اعلاه ولسببين آخرين ايضاً. أولهما، عدم تكوُّن معارضة واحدة سياسية وعسكرية تمتلك برنامجاً نهائياً لسوريا الجديدة. وثانيهما، ضرورة التفاهم المسبق على توجهات سوريا الجديدة، وذلك في ظل الاسلاموية المسيطرة على العالم العربي التي قبلت اميركا التعامل مع احزابها في مصر وتونس وليبيا رغم حذرها من عدم وضوح مواقفها من قضايا عدة تهم اميركا، ومن امتلاكها أجندة متطرفة قد تسعى الى تطبيقها فور وصولها الى الحكم. وأجندة كهذه لن تكون في مصلحة اميركا وحلفائها وكذلك العالم.
أما ايران فإنها تُقلق اوباما وتحديداً في اثناء معركته الانتخابية، ليس فقط لأنها صارت دولة اقليمية كبرى، ودولة نووية أو شبه نووية، ودولة ذات قوة عسكرية متنوعة يُحسب لها ألف حساب، ودولة ذات طموحات دولية، وإذا استحالت فأقليمية. فبلاده اي اميركا قادرة على التعاطي مع المشكلة التي سببتها لها وللعالم كله ولا تزال تسببها لهما بكل الوسائل المناسبة بما في ذلك القوة العسكرية. كما لا تزال قادرة على النجاح في ذلك. لكن اوباما فضّل منذ بدء ولايته التي تقارب الانتهاء حل المشكلة معها بالحوار والتفاهم. لكنها رفضت وحاولت تعقيد امور بلاده في المنطقة. فوضع الخيار العسكري على الطاولة ليس لمعالجة عنادها، بل كوسيلة ضغط عليها للانخراط في حوار جدي ومثمر. وهو ليس عنده مشكلة في تنفيذ الخيار الآخر إذا احتاج الى ذلك. لكن ما يقلقه في موضوع ايران هو استغلال اسرائيل نتنياهو ملفها النووي المثير للجدل لإخضاعه ولجرّه الى حرب مع ايران قبل استنفاد الخيارات الحوارية رغم معرفتها بآثارها الضارة عليها وعلى اميركا، أو لإجباره على الموافقة على شنها هي حرباً على ايران. لكن قلقه لم يمنعه من العمل المستمر لثنيها عن ذلك وقد ينجح في هذا الامر. علماً ان السباق بينه وبين نتنياهو حول هذا الامر ينتهي قبل السادس من تشرين الثاني المقبل موعد الانتخابات الرئاسية. وعلماً ايضاً ان تعنُّت نتنياهو سيجعل اسرائيل تدفع ثمناً كبيراً لأميركا لاحقاً، وخصوصاً إذا فاز اوباما. ودَفعُه يبقى ممكناً إذا فاز منافسه الجمهوري، ولاسيما إذا ادت مغامرة نتنياهو الى إلحاق أذى كبير جداً بأميركا وحلفائها وهيبتها في المنطقة والعالم.
ماذا عن مصر "الأخوان" ومحمد مرسي؟ هل تقلق اوباما قبل انتخاباته الرئاسية؟ وهل ساعد حلفاء اميركا العرب اوباما في مواجهة مشكلاته الشرق الاوسطية الصعبة؟  

السابق
“نون” العنف
التالي
كادت طاولة الحوار أن تكون الأخيرة… لولا ورقة سليمان