المالكي يحذر من الطائفية!

نعم، الطائفية شر مقيت يهدد كل منطقتنا، والتحذير منها أمر واجب، بل لا بد من التصدي لها، لكن الغريب والعجيب عندما يأتي التحذير من أخطار الطائفية على المنطقة ككل من قبل رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي الذي تعد حكومته من أكبر من ينفخ في كير الطائفية المقيتة!
السيد نوري المالكي يحذر، ومن النجف، من أخطار الطائفية بالمنطقة، حيث يقول: «إن المنطقة تعيش اليوم موجة خطيرة من التحديات جذورها الحقيقية طائفية»، ومضيفا أن العراق قد تخلص من شرورها، لكنه يحذر من بقايا البعث في العراق باستغلال «ورقة الطائفية للبقاء في الميدان لأن الإرهاب هو أساس الفتنة الطائفية، وكلاهما يولد الآخر». فهل هناك من حديث مستفز أكثر من هذا الحديث، خصوصا أنه يأتي بنفس اليوم الذي قررت فيه السلطات المحلية بالنجف وقف رحلات شركة طيران الخليج البحرينية للنجف «تضامنا مع الشعب البحريني الذي يتعرض إلى قمع من السلطات هناك»، بحسب البيان العراقي الذي يدعم المعارضة الشيعية بالبحرين؟ فالمالكي يحذر من الطائفية في المنطقة في الوقت الذي يعتبر نظامه هو أسوأ أشكال الطائفية، وأحد أبرز مؤججيها وبالتعاون مع إيران بالطبع؛ فعراق ما بعد صدام حسين مثل الشرارة البغيضة لإشعال جذوة الطائفية السياسية في منطقتنا من جديد، فالنظام العراقي الحالي، ومعه حزب الله، وبشار الأسد، وبرعاية إيرانية، هما من أعاد إشعال الطائفية السياسية في منطقتنا وبشكل خطير جدا، فصحيح أن الطائفية علة مزمنة بالمنطقة لكنها لم تكن بهذا السوء الذي يعصف بكل منطقتنا، وتحديدا سياسيا وإعلاميا.
والغريب أن المالكي يحذر من الطائفية ونظامه يطارد نائب الرئيس العراقي السني بعد أن حكم عليه بالإعدام! والمالكي يحذر من الطائفية، وخطورة حزب البعث العراقي، بينما المجتمع الدولي يطالب حكومته، أي المالكي، بالكف عن دعم نظام بشار الأسد البعثي في سوريا، والذي قتل للآن ما يفوق سبعة وعشرين ألف سوري، وقاد سوريا كلها للدمار، وليس المجتمع الدولي وحده الذي يطالب الحكومة العراقية بالكف عن دعم الأسد، وضرورة الوقوف مع السوريين العزل، بل ها هو ممثل آية الله علي السيستاني في خطبة صلاة الجمعة بكربلاء عبد المهدي الكربلائي يقول إن «الواجب الإنساني وحقوق الجوار تقتضي موقفا إنسانيا نبيلا من الحكومة العراقية، ومن الشعب العراقي، تجاه هؤلاء المواطنين الذين ينزحون من سوريا إلى العراق وأن تكون هناك رعاية واحتضان لهم وتوفير ظروف السكن في حدها الأدنى لهم»!
وعليه، وبعد كل ذلك، هل يمكن أن يكون مقبولا، أو معقولا، أن يتحدث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن خطر الطائفية في المنطقة، ونظامه من أكبر مؤججيها، أو أن يحذر المالكي من البعث والنظام العراقي يدعم البعث الأسدي؟ أمر محير فعلا، خصوصا أن نظام المالكي مستمر بقمع قرابة نصف المجتمع العراقي، ولأسباب طائفية، فالأولى بالسيد المالكي، وعوضا عن التحذير من الطائفية، القيام بمحاربتها، وإزالة أسبابها، وبدءا بالعراق، ثم سوريا، لأن الأقربين أولى بالمعروف!
  

السابق
النظام السوري… الخيار الشمشوني والتردد الدولي؟
التالي
اعتصام صيداوي احتجاجاً على التقنين