الشرق الأوسط: الرئيس اللبناني يطرح وضع المقاومة بإمرة الجيش

لم يرض التصور الذي طرحه رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان على أقطاب طاولة الحوار التي انعقدت يوم الخميس الماضي للخروج باستراتيجية دفاعية تحل إشكالية سلاح حزب الله، لا قوى المعارضة ولا حتى الموالاة التي يتزعمها حزب الله على الرغم من إجماع الطرفين على أن ورقة الرئيس قابلة للبحث ولكنها لا تؤمن المطلوب.
ويقتصر الخلاف الحاصل بين القوى اللبنانية على فقرة أساسية طرحها الرئيس وجاء فيها: "ضرورة التوافق على الأطر والآليات المناسبة لاستعمال سلاح المقاومة ولتحديد إمرته ولإقرار وضعه بتصرف الجيش المولج حصرا باستعمال عناصر القوة، وذلك لدعمه في تنفيذ خططه العسكرية مع التأكيد على أن عمل المقاومة لا يبدأ إلا بعد الاحتلال، وذلك حتى تزويد الجيش بالقوة الملائمة للقيام بمهامه".
وتعتبر قوى "14 آذار" أن رئيس الجمهورية وفي هذه الفقرة أعطى شرعية للمقاومة وهو ما لا ينص عليه الدستور وما لا تقبل به قوى المعارضة، في وقت يصر فيه حزب الله على أنه "مهما ازدادت أهمية الجيش فلن يتمكن من كسر العدو لأن الشعب هو المدافع الأول عن الوطن، والمجتمع المقاوم هو الأساس في الاستراتيجية الدفاعية".
موقف "14 آذار" يفصله النائب بطرس حرب الذي شدد على أن أهمية التصور الذي طرحه الرئيس تكمن في إعادة طرح الاستراتيجية الدفاعية بشكل جدي على الطاولة، واصفا إياه بـ"التوجه السليم" الذي يستحق التعاطي معه بإيجابية.
وأضاف قائلا "كما أن النقطة الأساسية فيه تكمن في تركيز سليمان على أنه لا يحق للمقاومة أو أي طرف آخر فتح المعركة ولا سيما مع إسرائيل إلا بعد عجز الجيش عن رد الاحتلال". لكن النقطة التي يعارضها حرب ومعه قوى "14 آذار" هي "ما تبين وكأنه اعتراف بالمقاومة كجسم مستقل على غرار ما ورد في البيان الوزاري وعارضناه"، وقال لـ"الشرق الأوسط": "نحن لن نعترف بالمقاومة كشخصية مستقلة عن الدولة والشعب وهو ما نخالف به الرئيس في تصوره، ولكن الأجدر بنا عدم الدخول بجدل بيزنطي والتعاطي بإيجابية مع ما تم طرحه سعيا للاتفاق على خطة مرحلية لحل موضوع السلاح غير الشرعي".
وتوقع حرب ألا يتعاطى حزب الله بإيجابية مع تصور الرئيس، باعتبار أن ما تضمنته الورقة الرئاسية يتناقض كليا مع مفهوم حزب الله لوجوده ودور سلاحه خاصة بعدما ثبت مؤخرا أن الحزب ليس معنيا بالصراع اللبناني – الإسرائيلي فحسب بل يشكل جزءا أساسيا من الاستراتيجية الإيرانية بمواجهة إسرائيل.
بالمقابل، اعتبر عضو كتلة حزب الله النيابية كامل الرفاعي، أن رئيس الجمهورية حاول من خلال الاستراتيجية التي طرحها تثبيت دوره كحكم بين طرفي الصراع اللبناني وبالتالي إرضاء هذين الفريقين، لافتا إلى أن تصور الرئيس سيخضع للنقاش وبالتأكيد هو قابل للتعديل والتطوير.
وقال لـ"الشرق الأوسط": "لكن الإشكالية تكمن في أن الرئيس طرح وضع المقاومة بإمرة الجيش مما يجعلها لواء من ألويته في وقت أثبتت التجارب أن الجيوش العربية وحتى الجيش اللبناني غير قادر على مواجهة الترسانة الإسرائيلية الحديثة، وبالتالي فالمطلوب تفاهم وتنسيق بين المقاومة والجيش بحيث لا يستخدم سلاح حزب الله إلا للدفاع عن الأراضي اللبنانية وكرامة اللبنانيين، لتترك الحرية للمقاومة بوضع تكتيكها العسكري، فلا تكون بإمرة الجيش مباشرة".
وبعيدا عن النظرة السياسية للتصور الذي طرحه الرئيس اللبناني، رأى اللواء المتقاعد ياسين سويد أن الاستراتيجية التي طرحها سليمان صائبة ومتكاملة، وهي ليست سياسية فقط بل وطنية أيضا، معتبرا أن هذه الاستراتيجية قابلة للتطبيق بشيء من الإحساس الوطني لدى مختلف الفرقاء على أن يسبق إقرارها إلغاء الطائفية السياسية كما تنص المادة 95 من الدستور.
وقال لـ"الشرق الأوسط": "للتوصل لسياسة دفاعية متكاملة يجب أن يكون لدينا جيش قوي، وسلطة قوية بالتنسيق مع مقاومة وطنية قوية"، مشددا على وجوب أن تنتقل المقاومة من كونها مقاومة مذهبية لتصبح مقاومة وطنية تخضع لإمرة الجيش، لأنه عدا ذلك ستظل مقاومة بمؤازرة الجيش لا تحت إمرته.  

السابق
الجمهورية: سليمان إلى زحلة وميقاتي إلى نيويورك وعون إلى جزين
التالي
الحياة: اجراءات امنية كثيفة احماية المؤسسات الفرنسية والاميركية والاوروبية