بداية الحوار الجدي

اذا وضعت الهدف الصحيح، فان ملازماً يستطيع كتابة الاستراتيجية. هذا ما قاله الجنرال جورج مارشال الذي تولى وزارة الخارجية الأميركية وحمل اسمه مشروع مارشال لإنهاض اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. ونحن وضعنا الهدف الصحيح، وهو مواجهة أي اعتداء اسرائيلي، لكن الاستراتيجية الدفاعية لا تزال متعثرة الولادة منذ سنوات على ايدي قيادات وجنرالات. فهل يكون تصور الرئيس ميشال سليمان ل استراتيجية دفاعية وطنية بداية الانتقال من السجالات والمناظرات الى الحوار في هيئة الحوار الوطني؟ والى أي حد يمكن التغلب على الخلافات المرتبطة بأهداف متناقضة تحت سقف الهدف الصحيح؟

هيئة الحوار اعتبرت ورقة الرئيس منطلقاً للمناقشة سعياً للتوافق على استراتيجية دفاعية، وهي مناقشة في المضمون، وربما في الاطار المحدد في الورقة. ولا بأس في أن يكون موعد الجلسة المقبلة يوم 12 تشرين الثاني بعيداً نسبياً. فلا القيادات مستعجلة، مع ان المخاطر داهمة وسريعة. ولا الاستراتيجية الدفاعية مجرد تفاهم على خطوط فوق الورق أو منظومة جامدة غير قابلة للتحرك والتبدل مع التحديات.
ذلك ان من الوهم الهرب من سؤال مقلق وخطير يتعلق باستراتيجيات سوانا من اللاعبين في المنطقة والعالم: ماذا نفعل اذا ارتكب نتنياهو حماقة الهجوم على ايران قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تسبق موعد الجلسة المقبلة للحوار أو حتى بعد الانتخابات؟ هل نستمر في مناقشة الاستراتيجية الدفاعية أم يبادر حزب الله الى تطبيق استراتيجية الأمر الواقع دفاعاً عن ايران والأمة باطلاق الصواريخ على العدو الذي يهدد بتدمير لبنان؟
ليس من الضروري حدوث ذلك بسبب الحسابات المعقدة والمخاطر التي يصعب تصورها على المنطقة بأكملها. لكن من الضروري أن نقطع نحن الشك باليقين حول الالتباس بين الدفاع عن لبنان ضد العدو الاسرائيلي وبين ان تكون ارض لبنان جبهة امامية وعمقاً استراتيجياً لايران. فنحن في استقرار هش تفرضه مصالح قوى مختلفة في المرحلة الحالية ويحميه الجيش والقوى الأمنية تحت مظلة ما يسميه المسؤولون الحكمة التي يراها البابا بنديكتوس السادس عشر الفضيلة القصوى.
لكن المطلوب هو الجمع بين الحكمة والحكم. فالحكمة من دون حكم تبقى عاجزة عن منع الفلتان الأمني والسياسي. والحكم من دون حكمة يقود الى الهاوية حتى في الأمور العادية.
والسؤال هو: ماذا عن أمن المواطن مع أمن الوطن؟ ما هي سياسة الأمن المختلفة عن تسييس الأمن؟ أليس في لبنان كثير من الكلام على الأمن وقليل من الأمان؟
  

السابق
انقسام حاد
التالي
بين فيلم الإساءة و11 أيلول