افتراس العقول!

لا أعرف لماذا تقطع المحطات التلفزيونية في لبنان برامجها فجأة لتبث لنا خبراً عن جلسة للحوار الوطني أو لمجلس الوزراء أو مجلس النواب أو أيضا لنقل كلمة أو خطاب لأحد الزعماء؟!
أقول لا أعرف بمعنى الاستنكار الشديد من جهة والوعي الشقي من جهة أخرى، الذي يجعلني أفكر – إنْ لم أقل أُدرك تماما – الغاية من وراء هذا الفعل الذي يسيء بعمق إلى حياة اللبنانيين ومستقبل وطنهم.
لماذا إذاً هذا الإصرار على تسييس الناس وجميع مناحي حياتهم من خلال هذا الوسيط غير الشفّاف الذي يُسمّى الإعلام المرئي والمسموع؟ هل يبدو الجواب بعيد المنال؟ أم إنّه على العكس في متناول اليد واللسان وأنْ كان للأسف في منأى عن العقل والإرادة.

نعم المحطات جميعها مملوكة للسياسيين والزعماء أو لجهات نافذة مجهولة، وهي تمارس التضليل والدعاية السياسية طوال أيام السنة تحت ستار الإعلام الموضوعي والحر، فتسابق بعضها على افتراس العقول وتمزيق كبد الحقيقة وتخويف الناس من مجهول دائم ينتظرهم.
هل بات من فرق بين الفنانين والسياسيين أو بين برنامج فني يتخلّله الغناء والرقص والضحك والفبركات وآخر سياسي «يتعنطز» فيه الضيوف كأنّهم نجوم لامعون؟ هل هناك أتفه من هذه البرامج وأسوأ منها على أخلاق المتفرّجين؟ ألا تشبه بمضمونها برامج النكات الإباحية التي انحدرت بلبنان الى الدرك الأسفل حتى صار السائح يطلب الاستماع الى آخر نكتة فاضحة من موظّفي المطار وسائقي الأجرة دون تمييز بين رجل او امرأة او صغير وكبير؟
السياسة عندنا مرض سرطاني خبيث أصاب الجميع، فصار السياسيون متغلغلين في كل مكان ويملكون كل شيء، حتى حين طرحت سلسلة الرتب والرواتب الجديدة لتصحيح اوضاع المعيشة أطلَّ النواب والوزراء بأعناقهم الطويلة لخطف المال من أيدي أصحابه!
  

السابق
الطغاة الجدد يهددون ثورات التغيير
التالي
محافظ الجنوب زار دار السلام في شرحبيل