لإنجاح الحوار

تنعقد هيئة الحوار الوطني اليوم وسط مناخ سياسي واجتماعي يفرض الوصول إلى تفاهم على تحصين البلد ضد تداعيات غير مريحة، وهي متعددة الوجوه إقليمياً ودولياً، ولا بدّ من مواجهتها بإرادة واحدة موحدة لرد انذارات تتكرر من إمكان التعرّض لأخطار تطاول الجميع، وهناك أكثر من دعوة دولية لا سيما فرنسا إلى تجنيب الوطن الصغير اهتزازاً أمنياً يجب تداركه قبل حدوثه، وهذا لا يكون الا بتفاهم على امتلاك القدرة الكافية للبقاء في دائرة الأمن والطمأنينة بعيداً من الانشغال في التجاذبات السياسية وما تتسبب به من فواصل بين الأطراف.

ويمكن الانطلاق نحو تحقيق التفاهم مما يراه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان من خير لبلده وأبنائه وقد أطلق أكثر من شعار ثابت يدعو إلى الوعي وحمل المسؤولية لتدارك أي ارتدادات سلبية تطاول الكل، الأمر الذي يشيع مناخاً من القيام بالواجب الأساسي من دون التلهي بطروحات هذا الجانب او ذاك، وهي تضاعف من التباين والتباعد وتؤدي بالتالي إلى ترك الساحة قابلة لاحتمالات ليست في مصلحة أحد.
وتدارك الوقوع في المحظور قبل حدوثه اسهل بكثير من معالجته إذا ما فرض نفسه خصوصاً ونحن غافلون لاهون بمن يحقق غلبة على الآخر لا علاقة لها بما يدفع الى المزيد من الحماية والحصانة ما دامت على أمور عرضية تعني أصحابها فقط، وإذا كانت الوحدة الوطنية سياسياً وشعبياً واجباً فهي حتمية عندما يتعرّض البلد لأخطار لا تقتصر على جهة دون سواها.

في مثل هذا الواقع، لا مبرر لاستمرار ما يوصف بالسجال العقيم حتى على جنس الملائكة بل تناسي الاعتبارات والمصالح الضيقة والأخذ بما يحمي من الفعل وارتداداته، فلبنان كما يعرف أطرافه كافة أكثر عُرضة لما يحدث إيجاباً أو سلباً مهما كان بعيداً منه لأنه متعدد الولادات والتوجهات حتى ولو كانت تجديفاً عكس تيّار المصلحة الشمولية، ولا مبرر لتلكؤ أو غياب لأن المسألة وطنية بامتياز غير عادي، ومن هنا لا بدّ من الأخذ برؤية الرئيس سليمان والعمل بمضمون توجهاته والالتزام بنداء بعبدا التاريخي للنأي عمّا يمكن ان يصيب الوطن الصغير بأذى من أي جهة أتى.

ولأن رئيس الجمهورية ليس فريقاً ولا طرفاً، بل عامل مجد لخدمة بلده وأبنائه وتجنيبهم صراعات مرشحة لهبوب رياحها عليه توجب الخروج من طاولة الحوار اليوم بموقف جماعي يلزم من شارك فيه أو غاب عنه بنهج يصون الاستقلال والسيادة على الأرض ويبقي على قدرة إحباط التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية ويحقق الانتصار اعتماداً على جيش أثبت مدى التزامه بقسمه واستعداده للبذل في سبيل جعله أمراً واقعاً.
ثم إن الخروج من الحوار اليوم كما في السابق مرفوض لأن الظروف مختلفة والتهديد بالتأثير السلبي على الاستقرار والأمن يتصف بخطورة لا تغيب عن ذهن السياسيين بصورة خاصة وعليهم الاتفاق على استراتيجية دفاعية تعني حماية البلد وأبنائه من أي ارتدادات تتعارض مع الاستقلال والسيادة.  

السابق
الإسلام والغرب إلى أين يقودهما التاريخ؟
التالي
الولايات الأميركية تميل لمصلحة أوباما