إيران في قلب المعركة

يقول لنا ديبلوماسي اوروبي» حقا انكم مجانين، لكننا نعترف بأنكم مجانين رائعون…»!
تحدث مذهولا عن مشهد «القداس الالهي» في وسط بيروت نظرت بانورامياً الى الجماهير. هذا هو لبنان، وهكذا ينبغي ان يكون. المسيحيون نسوا ميشال عون و سمير جعجع و امين الجميل وسليمان فرنجية وتذكروا المسيح. المسلمون شاركوهم الفرح كما لو ان بنديكتوس السادس عشر بابا المسلمين والمسيحيين معا».
يضيف ان مرجعا لبنانيا كبيرا قال له انه كان يتمنى لو يبقى الحبر الاعظم في لبنان لانه يخشى ان يكون الارشاد الرسولي قد التحق به في الطائرة التي اعادته الى روما، لا بل ان المرجع يعتبر ان الارشاد الرسولي الذي اطلقه البابا يوحنا بولس السادس في عام 1997، تتويجا للسينودس من اجل لبنان، لم يستطع ان يجمع المسيحيين في لبنان، فكيف للارشاد الرسولي الحالي ان يجمع المسيحيين والمسلمين في الشرق الاوسط؟
الديبلوماسي يعتبر ان زيارة البابا كان عبارة عن «مهرجان لاهوتي»، وكان يتمنى لو ان الزيارة افضت الى بلورة الظروف الخاصة بـ«عقد صفقة مع الله» لتواجه هذه الخطوة الخطوات الحثيثة واللاهثة التي يقوم بها الكثيرون، ولكن ليس على طريقة فاوست، بطل رائعة الالماني غوته، لعقد صفقة مع الابالسة…
وهو يرى ان ظلاماً كثيفاً يلف الشرق الاوسط. جاء البابا واضاء الشموع التي لن تستطيع البتة الوقوف في وجه الاعاصير، وسواء خرجت هذه من الكهوف ام من ناطحات السحاب، ليتوقف عند كلام الجنرال محمد علي جعفري، القائد الاعلى للحرس الثوري الايراني، حول تواجد عناصر من هذا الحرس في لبنان وسوريا لتقديم النصح والافكار والمال…
الديبلوماسي يتجاوز توضيح السفير غضنفر ركن آبادي ليقول» اننا اعتدنا على التصريحات الايرانية التي غالبا ما تكون بدائية وبعيدة كليا عن القواعد السياسية والديبلوماسية. ولكن في هذه المرة كان واضحا ان جعفري يريد توجيه رسالة لا لبس فيها الى من يهمهم الامر، فمعركة سوريا هي معركة الشرق الاوسط بأكمله، وايران تريد ان تقول انها في قلب هذه المعركة، وهي عاقدة العزم على ان تذهب فيها الى اقصى الحدود».
وفي نظر الديبلوماسي الاوروبي فإن كلام الجعفري ينبغي ان يؤخذ على انه شديد الاهمية، وان آية الله خامنيئي قد اتخذ قراره، وهو ان يواجه عسكريا اي تدخل عسكري لازاحة نظام الرئيس بشار الاسد الذي بات بقاؤه او رحيله جزءا من عملية اقليمية ودولية معقدة جدا مثلما هي خطيرة جدا…
جعفري رجل على الارض، والبعض يعتبره «المرشد العسكري» للجمهورية مثلما هو خامنيئي المرشد الروحي لها، والكلام الذي صدر عنه صدر عن قصد وله مفاعيله الاستراتيجية على مستوى المنطقة لا على مستوى سوريا وحدها…
نسأل الديبلوماسي الاوروبي ما اذا كانت طهران قد استشعرت شيئا ما في الافق، فكان ان قال جعفري ما قاله. وكان رده «ان هذا هو السؤال الذي كنت انتظره، فهناك صيغ محددة يتم درسها الآن من قبل الدول الساعية الى اسقاط نظام الرئيس الاسد، ليضيف ان كلام جعفري موجه، بالدرجة الاولى، الى دول خليجية معينة كما الى تركيا، اذ ان المسألة ليست ازاحة شخص، او فريق حاكم، وانما هي تحطيم معادلة استراتيجية مع ما لذلك من تداعيات كارثية على ايران وحتى على روسيا التي يقول الديبلوماسي الاوروبي انها ايضا تعتبر ان امنها الاستراتيجي، وحتى امنها الداخلي، سيكون مهددا اذا ما انهارت الشراكة بين دمشق وموسكو..
ماذا عن لبنان؟ يقول ان هناك مراجع «استمزجتنا رأينا في موضوع ارجاء الانتخابات النيابية، واعتقد شخصيا ان هذا هو الخيار الافضل باعتبار ان حكومة بلادي تفضل التريث في ابداء الرأي لان الوقت لا يزال مبكرا نسبيا، ليضيف ان لبنان دولة ومجتمعاً يعيش اقصى حالات التصدع، اي التصدع المذهبي، ودون ان اتصور ان المسيحيين سيأخذون عمليا بمنطوق الارشاد الرسولي ويلعبون دورا محوريا في التقريب بين السنّة والشيعة، حتى اذا ما جرت الانتخابات، فأنا لا اتوقع سقوط ما تبقى من الطائف بل سقوط ما تبقى من الدولة…
والمثير انه يعتبر ان طرح اللقاء الارثوذكسي حول انتخاب كل طائفة نوابها انتحاري لانه يفضي، حتما، الى تشكل توتاليتاريات طائفية تتجه، في احسن الاحوال، نحو الكونفديرالية، ليضيف ان هذا كله كلام بكلام، ساخرا من الذين يتحدثون عن انتخابات مفصلية لان مصير لبنان موجود في سوريا وليس في صناديق الاقتراع…
ولكن ما هو مصير سوريا؟ يجيب الديبلوماسي الاوروبي «لقد قرأت بدقة ما قاله الجنرال جعفري، وزدت خوفا على لبنان وسوريا و…الشرق الاوسط»! 
 

السابق
بين السنيورة وجعجع:لا غزل بعد الآن
التالي
هذه حقيقة الولايات المتحدة..