هكذا تنعش الحياة الزوجيّة!

يؤكد بعض الأزواج إنهم لا يتجادلون أبداً، بينما يشكو البعض الآخر من الجدال المستمر، فيما قد تصل المناقشات الحادة بين بعض الشركاء أحياناً إلى الصراخ… فهل حقاً تحقق بعض المناقشات الحامية، علاقة مستقرّة ومتينة؟

جرت العادة أن يشتكي أحد الزوجين من الخلافات المستمرّة التي يفتعلها الطرف الآخر. وغالباً ما نسمع عن وصول العلاقة إلى خواتم غير سعيدة بسبب اختلاف وجهات النظر حول مسائل عدة في الحياة. وكلّنا يعرف، أن العلاقة المتينة والزواج الناجح يتطلبان حداً معيّناً من المسائل السلبية والكثير من التفاهم، وخصوصاً أن الإبتعاد من المشاكل والجدال يولّدان شراكة ديناميّة وعلاقة ثابتة إلى حدٍّ ما. ولكن، ماذا لو أشارت بعض الدراسات إلى أن الجدال مع الشريك، يمكن أن يأتي بنتائج جيدة وأن يكون صحيّاً؟

خلافات صحيّة؟
أظهرت دراسة أجرتها جامعة ميتشيغن الأميركية، أن الأزواج الذين يواجهون 5 مواقف إيجابية في مقابل موقف سلبي في علاقتهم مع الشريك، يكون زواجهم الأقوى والأمتن.
على مدى 17 سنة، راقب الباحثون 192 زوجاً، فجاء تصنيفهم لهم ضمن 4 فئات: الأولى يعبّر فيها الزوجان عن غضبهما، في الثانية والثالثة يعبّر أحد الزوجين عن مشاعره بينما يكبتها الآخر؛ وفي الفئة الرابعة، يكبت الزوجان مشاعرهما. ووفقاً لنتائج الدراسة، فإن نسبة الوفاة المبكرة لدى الأزواج الذين يكبتون غضبهم عندما ينزعج الواحد من الآخر، أكبر من النسبة لدى الأزواج الذين يعبّرون عن غضبهم ويحلّون مشاكلهم.
كذلك، فإنَّ بعض الخبراء في الحياة الزوجيّة، يشيرون إلى أن أهمية الجدال في بعض الأحيان تؤدي إلى تنفيس الغضب، مما يسهم في عدم إحتقان المشاكل البسيطة التي تتحوّل مع الوقت شرخٍاً حقيقياً يؤذي العلاقة. أضف إلى ذلك، بدا لهؤلاء أن واحدة من أبرز المشاكل بين الزوجين، تكمن في عدم القدرة على الإستماع الى الآخر. لذا، قد تكون المناقشات الحامية أحياناً فرصة تواصل قبل أي شيء آخر. كذلك، يستغرق بعض الناس وقتاً معيناً ليشعروا بقوّتهم وليتعلّموا كيفيّة مساعدة الآخر على الشعور بالأمان. ويتطلّب الأمر محاولات حذرة للشعور بالأمان في إظهار ذواتهم الحقيقيّة. ولتطوير التفاهم المتبادل، يكون الجدال ضرورياً في بعض الأحيان بين الأزواج لتعزيز احترام الذات وبالتالي التفاهم المتبادل.
أما حدود هذا الجدال فتبقى هي الأساس، لأن الثنائي، في حال تجاوز حدود لغة التخاطب المقبولة، يكون قد نقل العلاقة إلى مرحلة تهدّد إستقرارها.

10 قواعد لجدال ودّي:
 إحتضان الصراع: لا شك في أن الصراع أمر طبيعي أو بالأحرى صحي، فالإختلاف بين الزوجين يعني إمكان تعلّم الواحد من الآخر.
 ملاحقة المشكلة وليس ملاحقة الطرف للآخر: يجب أن يكون الجدال الودي محصوراً في المشكلة فقط. لذلك، يجب الإكتفاء بمعالجة الموضوع من دون إفتعال مشكلة جديدة عبر جرح مشاعر الآخر.
 الإستماع بكل إحترام: هذا الأمر يعني الإعتراف بمشاعر الآخر من خلال التركيز على ما يقوله.
 التكلّم بهدوء: كلما إرتفعت نبرة الصوت، كلما صعب استيعاب مجريات الحوار، فحتى لو عمد الشريك الى الصراخ، لا داعي للقيام بالمثل.
 كن فضولياً لا هجومياً: عوض تصعيد الموقف، اطلب المزيد من المعلومات والتفاصيل. عادة، يكون ثمة أساس للشكوى من تصرفات الشريك. فإجعل فضولك يبحث عن أسباب الشكوى، فتصل تالياً مع الشريك الى مجال للتفاهم.
 إلجأ الى التفاصيل: عندما تشكو من الشريك، إبذل جهداً لإعطائه أمثلة عمّا تشكو منه.
 البحث عن نقاط الإتفاق: غالباً ما تكون أسباب الصراع نقاطاً للإتفاق بين الشريكين. فالإتفاق على وجود المشكلة هو الإنطلاق من قاعدة ثابتة وبداية لإيجاد حل لهذه المشكلة.
 البحث عن خيارات: السؤال بأدب وتهذيب عن إقتراحات وحلول تدعو الى التعاون. كذلك، فإن الدراسة المتأنيّة للخيارات تظهر إحتراماً، وتقديم البدائل من جهتك يبيّن إستعدادك لمحاولة أسلوب جديد في التعاطي.
السعي الى تهدئة الوضع: عندما يظهر أحد الشريكين نوعاً من الإستسلام، على الآخر أن يظهر تقديره لهذا الأمر ويسعى الى تهدئة الوضع.
إعطاء الوقت الكافي لإنجاح العلاقة وإنقاذها، وليس لإنتظار شيء ما في المقابل.

كيف يمكن تجنّب المشاكل الثانوية وضبط الإنفعالات؟
 فهم ما يحصل في الواقع: عند الشعور بأن مشكلة ما على وشك البروز بينك وبين الشريك، حاول البحث عن السبب الذي أدى إليها.
 البحث عن سبل لتهدئة الأمور: في الجدال، يمكنك إيصال وجهة نظرك الى الشريك بكل روية وهدوء، لذا لا تعتمد على الصراغ لأنه لن يسهم في الحل.
 إعتبار الشريك "الصديق المفضّل": شاركه الأمور المهمة بدل أن تتشاركها مع شخص آخر، واعتبره صديقك المفضل، وحاول أن تطلعه على كل ما يجعلك تنفر منه.
التعبير عن الحب شفهيّاً: لا تترك ذلك للصدفة، بل عبّر عن إهتمامك وتقديرك في جميع المناسبات، واطلعه على ما تكنّه من عاطفة وتقدير من دون مناسبة أيضاً.
 إبداء الإهتمام بنشاطاته اليومية.
 معالجة الضغوط النفسيّة والمشاكل من دون إلقاء اللوم على بعضكما البعض: المشكلة هي نقطة للحلّ وليست إشارة أو منطلقاً للخلاف، لذا ينبغي أن تكون المعالجة محصورة بنقطة الخلاف دون سواها.

تروي سيّدة مرّ على زواجها 68 سنة، أنها تعاهدت مع شريكها منذ اليوم الأول على عدم الخلود الى الفراش، إذا كان أحدهما غاضباً من الآخر. إتفقا منذ البداية على أن العلاقة بينهما، أهم بكثير من تسجيل النقاط على بعضهما البعض في تبرير حججهما. في بعض الأحيان، كانا يسهران حتى ساعات متأخرة من الليل حتى يتمكنا من الوصول الى حلّ وسط مقبول، أو الى نتيجة مفادها أن المسألة لا تستحق أن يهدرا كل هذا الوقت لحلها. وبما أنهما يقدّران معنى الزواج وأهميته، فلم يتخلّ أحدهما يوماً عن الآخر.

وختاماً، تذكّرا أنّ الزوجين يجب أن يحلّا مشاكلهما بمفردهما، من دون تدخّل أي طرف ثالث، إذ أنهما الوحيدان اللذان يعرفان أسرار علاقتهما ونوعية مشاكلهما، وهما قادران تالياً على وضع حلول تتلاءم مع شخصيتهما وطبيعة ارتباطهما.   

السابق
عبود: سلة الضرائب لا تطال محدودي الدخل
التالي
الحص:لحل اشكالاتنا دون اللجوء الى وسائل العنف