متى يصير اللبنانيّون.. لبنانييّن؟

كان السؤال قبل يومين ثلاثة أيُّ لبنان بعد زيارة البابا بينيديكتوس السادس عشر، وبعد يومين أصبح أي دور سيمنح لهذا اللبنان في حملات الاحتجاجات والاعتراضات… ولو كان مصدرها الصين، أو بلاد السند والهند؟
كانت بيروت تودّع العاشقين من الزائرين وكبار المسؤولين والشخصيات السياسيَة والأدبيَّة والفنية، لتستقبل المشتاقين من السيّاح والممثلين والمطربين والمخرجين والرسامين و…
هذا في زمن مضى. ويبدو انه الى غير رجعة. وخصوصاً بعدما هَزُلت الدولة، وبهتت صورة المؤسسات، وهزل حضور السلطة والقوانين، حيث باتت لبعض الطوائف دويلاتها. وسياساتها. وقوانينها. وجيوشها. وقياداتها. و"حدودها". وشعوبها كذلك.
كلا، لم يعد للبنان أيَ دور في الأفعال والقرارات، حتى وان كانت تتصل بمصلحته ووحدته ومصيره. بات مجرَّد ساحات مفتوحة لردود الفعل على أحداث عَبْر البحار. أو عَبْر الصحاري.
حتى قيل اذا حبلت في هافانا تلد في بيروت. واذا كان المولود بنتاً قد يحصل غضب من الزوج أو من الجيران، فتخرج الجماهير الغفورة في تظاهرات صاخبة صادحة بالاحتجاجات.
اما اذا حصل الطلاق بين مصر وسوريا، مثلاً، فتقوم القيامة في طرابلس وبيروت وصيدا وصور، ومن فقش الموج لمرمى الثلج.
وأما بالنسبة الى القضيَّة الفلسطينية، والمقاومة، ومركزية القرار في دويلة ياسر عرفات، فقد باتت العاصمة اللبنانية وشوارعها في عهدة المسلحين وسيارات الدوشكا، وحيث تحول كل الناس وكل ما في المدينة قيد الأوامر من أبي الجواهرمثلاً…
حتى الانقلابات العسكرية في أميركا الجنوبيَّة، والقارة الأفريقية بشعوبها ومحتليها من فرنسيين وانكليز وايطاليين، وبحيواناتها أيضاً، كان لها في لبنان جماهير ومؤيِّدون، ومتظاهرون ومحتجون و… ما لم يتغيَّر في أيامنا هذه.
بلد وشعوب للمزايدات في كل الحقول، وحول كل القضايا، وفي كل الأوقات.
فالى متى هذه المأساة – المهزلة؟
والى متى يبقى لبنان ساحة مفتوحة لكل ردود الفعل على أحداث لا ناقة ولا جمل له فيها؟
بل متى تصبح هذه الجماهير التي تخرج الى الشوارع بعشرات ومئات الآلاف احتجاجاً على السياسة الأميركية حيال "فرن المناقيش" في ايران… تلتفت الى واقع الحال في لبنان ذاته، وفي وضعه البائس، وفي تسيُّبه وتحوُّله غابة فالتة، فتتظاهر من أجلها وأجله وأجل الآجلين؟
متى يصير اللبنانيّون لبنانيين في كل الظروف، ويصير لبنانهم عزيزاً لديهم، غالياً على قلوبهم قبل كل الدول والقضايا؟
ومتى يكتسب هذا البلد السائب صفة الوطن… وتستحق شعوبه صفة المواطنية؟
هنا مأساتكم أيها اللبنانيون، وهنا بيت الداء الذي يفتك بكم. 
 

السابق
إيجابيتا الفيلم المسيء
التالي
زلة لسان إيرانية؟