السفير: السلطة تتشاطر على السلسلة والموازنة بموارد ..نظرية

بقي الملف المالي مستحوذاً على اهتمام الحكومة، التي قطعت أمس شوطاً نحو حسم "موارد نظرية"، لتمويل سلسلة الرتب والرواتب والموازنة، أما خارج "السرايا"، فقد فرض ملف قانون الانتخاب إيقاعه على الحياة السياسية، مع احتدام السجالات حوله، فيما تبدأ اللجان النيابية المشتركة اليوم رحلة مناقشته، والتي يرجّح أن تكون طويلة وصعبة، في ظل تباين وجهات النظر بشكل حاد حول المشروع الانتخابي الأنسب.
وعشية انعقاد اجتماع اللجان المشتركة، علمنا أن الرئيس نبيه بري أبلغ نائبه فريد مكاري، خلال لقائهما أمس، ضرورة أن يكون النقاش خلال جلسات اللجان موجهاً في اتجاه بلورة نقطتين: الاولى، تتعلق بتحديد طبيعة النظام الانتخابي (نسبي أم أكثري) والثانية تتصل بحجم الدوائر (صغرى ام وسطى ام كبرى)، ليتم بعد استيفاء البحث حقه، التصويت على الصيغة الافضل، إذا تعذر التوافق، ثم تحال الحصيلة الى الهيئة العامة لتقول كلمتها الحاسمة.

وعُلم أن بري أبلغ "كتلة التنمية والتحرير" أن موقف الكتلة في مناقشات اللجان يجب أن ينطلق من الدعوة الى اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة على اساس النسبية، "لكن ومن باب تسهيل الأمور، نقبل بمشروع الحكومة القائم على أساس النسبية في 13 دائرة، لكونه الاقرب الى منطق اتفاق الطائف".
الى ذلك، علمنا أن الهيئة القضائية المعنية بـ"داتا" الاتصالات تتجه نحو الامتناع عن منحها بشكل كامل الى الاجهزة الامنية، ابتداء من اليوم، بعدما كانت قد أرجأت اتخاذ هذا القرار بعض الوقت، مراعاة للمتطلبات الأمنية لزيارة البابا الى لبنان، وما رافقها من تنقلات لشخصيات سياسية بارزة.

وقالت مصادر في الهيئة لـنا إن إعطاء "الداتا" كاملة إلى الأجهزة أمر مخالف لصميم الدستور، ولم يعد بالإمكان الاستمرار في مخالفته، أياً كانت الاعتبارات، مضيفة: نفضل الذهاب الى بيوتنا على مواصلة انتهاك جوهر الدستور، والمساس بخصوصيات المواطنين، وأي طلب للحصول على "الداتا" يمكن أن يُدرس بشكل موضعي ومحصور، ثم يبنى على الشيء مقتضاه، قبولاً أو رفضاً، أما استباحة كل "الداتا" فلم تعد مقبولة.

مجلس الوزراء
وكان مجلس الوزراء قد تابع أمس مناقشة تمويل سلسلة الرتب والرواتب، كما ناقش موازنة العام 2013 والموازنات الملحقة، واستمع الى آراء الوزراء بشأنها، وكيفية تخفيض العجز فيها، وكلف وزير المالية محمد الصفدي إعداد مشاريع القوانين، وعرضها على مجلس الوزراء بصيغتها النهائية، قبل إرسالها الى المجلس النيابي.
وأوضحت مصادر وزارية أن أبرز ما أقرته الحكومة خلال جلسة الأمس: زيادة ضريبة الدخل على الرواتب والأجور في القطاع العام من 6 الى 8 في المئة، زيادة غرامات ورسوم مخالفات الاملاك البحرية المخالف والمرخص منها، زيادة ضريبة على التفرغ عن الاسهم في الشركات المساهمة الى سبعة ونصف في المئة، فرض ضريبة على الشقق الفارغة المخصصة للتجارة بقيمة خمسة في المئة، وزيادة رسوم مخالفات البناء بما يوفر للخزينة مبلغ مئة مليار ليرة.
وقالت المصادر لـ"السفير" إن النقاشات المالية في مجلس الوزراء أظهرت وجود انقسام طبقي في الحكومة، مشيرة إلى أن هناك وزراء من رجال الأعمال وأصحاب الشركات يحاولون الحد من أي ضرائب او رسوم، يمكن ان تطال بيئتهم الاقتصادية، وهناك وزراء من "البروليتاريا" يرفضون تحميل المواطنين العاديين والفقراء أي أعباء إضافية.

دهاليز السلسلة والموازنة
وبينما أصرّ مجلس الوزراء على "عجيبة" سلسلة الرتب والرواتب المتمثلة بزيادة مخصصات ورواتب الرؤساء والوزراء والنواب، قال الرئيس نبيه بري لـ"السفير" إنه ينتظر هذه الزيادة على "كوع" المجلس النيابي، مؤكداً أنه سيدفع في اتجاه تعطيلها عند بدء النقاش حولها في البرلمان.
في هذه الأثناء، يُنتظر أن ينهي مجلس الوزراء، خلال الأيام القليلة المقبلة، مناقشة مشروع قانون موازنة العام 2013، بالتزامن مع إنجاز اقتراحات تمويل سلسلة الرتب والرواتب، لتأمين الإيرادات الإضافية لتغطية النفقات المستجدة والمقدرة مع زيادة غلاء المعيشة بحوالي 2000 مليار ليرة.
وتأتي مناقشة مصادر تمويل السلسلة، مترافقة مع السعي الى التفتيش عن موارد جديدة للحدّ من تزايد عجز الموازنة والخزينة، في ظل النمو الكبير للنفقات، ومطالب الوزارات لاسيما الخدماتية منها، فكان الاقتراح باعتماد مصادر تمويل، من شأنها تغطية نفقات السلسلة والموازنة معاً.

في ظل هذا الواقع، وضمن المعارك الانتخابية المبكرة التي تدور على حساب المال العام، ظهرت الخلافات بين وزراء يرفضون أي ضرائب جديدة، وفريق آخر يجد أن الحل لا يمكن أن يتم من دون زيادة في الرسوم والضرائب، لاسيما ضريبة الدخل ورخص البناء وزيادة الضريبة على القيمة المضافة وفوائد الودائع المصرفية بين واحد أو اثنين في المئة على الأقل.
وسط ذلك، كان واضحاً من خلال مشروع وزارة المالية لموازنة العام 2013، والتي تقلص العجز الى حدود 20 في المئة، برغم زيادة النفقات إلى أكثر من 25 ألف مليار ليرة، انها تستهدف إرسال إشارات إلى الاسواق الخارجية، لكونها بحاجة إلى الاستدانة بحدود 4,6 مليارات دولار لتغطية المستحقات الخارجية للعام المقبل.

وتظهر الأرقام في مشروع قانون موازنة العام 2013، أن حجم النفقات العامة للعام المذكور يقدر بحوالي 23 ألفاً و8 مليارات ليرة من دون الموازنات الملحقة (الخاصة باليانصيب الوطني والاتصالات ومكتب الحبوب والشمندر السكري). وفي حال إضافة نفقات هذه الموازنات الملحقة ترتفع أرقام النفقات في مشروع الموازنة إلى حوالي 25 ألفاً و807 مليارات ليرة.
وتشير هذه الأرقام إلى أن عجز الموازنة للعام المقبل سينخفض من 5923,2 مليار ليرة في موازنة العام 2012 إلى حوالي 4678,8 ملياراً، بحيث تصبح نسبة العجز 20,3 في المئة، بعدما كان حوالي 29,2 في المئة في تقديرات موازنة العام 2012.

وهذه الإشارة تهم الأسواق كثيراً على اعتبار أن لبنان يتّجه إلى إصدارات بالعملات الأجنبية لتسديد مستحقات ديون، او استبدالها، بقيمة 4,6 مليارات دولار، وهو أحد بنود الموازنة. وهذه إشارة أساسية في ظل أزمة التمويل السيادية في الأسواق العالمية والمحلية، وفي ظل تردد المؤسسات الدولية في تحسين تصنيف لبنان الإئتماني، علماً أن كلفة خدمة الدين العام تقدر بحوالي 6000 مليار ليرة.

 

السابق
الشرق الأوسط: لبنان: القضاء العسكري يستمع لإفادة السيد حول رحلة نقل المتفجرات من دمشق إلى بيروت
التالي
الأنوار: مزيد من الضرائب الحكومية وتحذيرات من الهيئات الاقتصادية