ماذا عن عقوبات أوباما.. وحسابات السيد نصرالله!

أثار الإعلان الأميركي عن عقوبات مصرفية ضد قائد المقاومة السيد حسن نصرالله موجة من التعجب والسخرية لدى الخبراء المصرفيين والحقوقيين، فقد بدا القرار بمثابة طلقة خلبية تلبي حاجات استعراضية في السياسة والإعلام، غايتها تحقيق اهداف معنوية ولا يترتب عليها أي أثر عملي في معادلات الصراع الدائر بين المقاومة وأعدائها بقيادة الولايات المتحدة.

يلفت الانتباه، ان يأتي القرار الأميركي متزامنا مع تصريحات سعد الحريري من باريس التي تحدث فيها عن دور مزعوم لحزب الله في الأحداث السورية، ما يفيد بأن الشيفرة الأميركية المعتمدة حديثا في مهاجمة حزب الله وأمينه العام تتصل بالموضوع السوري هذه المرة، والتعليمات الصادرة لجوقة المرتبطين بالولايات المتحدة وسياساتها تتضمن هذا التوجيه من دون مواربة، وسوف نتوقع على هذه الموجة تصعيد ثرثرة العملاء والمرتبطين بالمخطط الأميركي الصهيوني في المنطقة وسائر أذناب الحلف الخليجي التركي خصوصا في لبنان، وجميع قنوات ومرتزقة مكتب التواصل الأميركي، خلال الفترة المقبلة.

أولا إن مبدأ العقوبات الأميركية والغربية المصرفية والمالية ضد أحزاب وشخصيات وحكومات تناهض الهيمنة الأميركية على العالم بات امرا يحفز الاتجاه إلى إعادة النظر في النظام المصرفي العالمي بصورة تنهي مكانة الولايات المتحدة المميزة التي فرضتها بعد الحرب العالمية الثانية، والتصميم الأميركي على تعويض هزائم الميدان باستعمال تلك المكانة والاعتماد على قوة العملة الأميركية المتنمرة والمتورمة في سوق المال العالمي وفي الدورة المصرفية العالمية، سيدفع بدول «البريكس» وبجميع الحكومات الحرة في العالم للسير في طريق التخلي عن الدولار وكذلك عن اليورو أيضا بسبب الالتحاق الأوروبي الغبي بالنهج الأميركي، وهذا ما ما اوحت به تصريحات سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي بعد لقائه الأخير مع نظيرته الأميركية والذي قال فيه إنه أثار معها موقف بلاده من العقوبات الأميركية والغربية ضد سورية وإيران والتي أكد لافروف إنها تلحق الضرر بالقطاع المصرفي الروسي.

ثانيا استهداف السيد نصرالله بعقوبات مصرفية هو خطوة سياسية في حملة انتخابات اوباما، غايتها استرضاء حكومة «إسرائيل» واللوبي الصهيوني، بعد اشتداد المنافسة مع المرشح الجمهوري ميت رومني وفي ظل حالة الرعب والارتباك التي خيمت على «إسرائيل» إثر الرد القوي والرادع الذي أعلنه السيد نصرالله في وجه تهديدات القادة «الإسرائيليين» وكشف فيه عن قدرات نوعية لدى المقاومة وعن تصميم حزب الله وسورية وإيران على التصرف كفريق واحد في مجابهة أي مغامرة «إسرائيلية» حربية ضد أي من الجبهات المكونة لهذه المنظومة، والهلع «الإسرائيلي» استحق من البيت الأبيض ترضية معنوية، بعقوبات ضد حسابات السيد نصرالله التي لا وجود لها في المصارف الأميركية وهي عقوبات عقيمة لا تؤثر في حساباته الاستراتيجية الموجعة مع العدو «الإسرائيلي» وحاضنه الأميركي.

ثالثا يبدو جليا للمتابعين ان الحرب العالمية على سورية تواجه مأزقا كبيرا مع التبدل الكبير في معادلات الميدان شعبيا وسياسيا وبالتالي عسكريا، لمصلحة الدولة الوطنية والجيش السوري، وتبحث العقول الغربية التي خططت لهذه الحرب عن مبررات لفشلها، وقد اهتدت عبقرية ديفيد بيترايوس قائد هذه الحرب، لتبرير الفشل بتدخل حزب الله المزعوم، الذي تحدث عنه سعد الحريري آملا بذلك ان تنتقل الولايات المتحدة وحلف العدوان الدولي الإقليمي إلى لبنان كما حصل في حرب تموز 2006 التي أعقبت الفشل في استهداف سورية والنيل منها في مجلس الأمن عن طريق تحقيقات ميليس ومؤامرة الشهود الزور التي أدارها «الشاطر» سعد الحريري شخصيا بمعونة أميركية ـ فرنسية كما بينت الوثائق والأشرطة المصورة.

رابعاً القرار الأميركي رغم كونه «تشبيحا» كلاميا، بلا قيمة عملية، إلا انه اعتداء على سيادة لبنان ويفترض بالسلطات السياسية والمصرفية التعامل معه على هذا الأساس ولا ينبغي ان تتواصل مسايرة الخنوع الإداري والحكومي امام الطلبات الأميركية المتمادية التي يحرسها موفدو شرطة وزارة الخزانة الأميركية لتأمين انضباط مصرفي لبناني بالعقوبات على إيران وسورية خلافا لبديهيات السيادة الوطنية والاستقلال اللبناني، ويفترض ان تخضع هذه المسألة للمراجعة الجدية من جانب القيادات الوطنية في الغالبية الحكومية اللبنانية، فقد تخطت وقاحة واشنطن وعملائها كل حد بسبب التساهل والتطنيش.  

السابق
أميركا هي من قتلت سفيرها !
التالي
بوارج من 25 دولة تتقاطر على مضيق هرمز.. لردع اسرائيل!!