صيدا: احتفال لـ «المستقبل» يجمع بين «جمّول» و«الثورة السورية»

لم يمر الاحتفال الذي نظمه «تيار المستقبل» في صيدا، لمناسبة الذكرى الثلاثين لانطلاقة «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية» و«دعما لثوار سوريا الأحرار» مرور الكرام. فقد تحولت الدعوة إلى نوع من الاستهجان والاستغراب لدى جمهور واسع من الصيداويين. وانعكس ذلك في المشاركة المتواضعة في احتفال «المستقبل» وسط غياب قوى وفصائل فلسطينية شبه جامع، وفعاليات وأحزاب لبنانية لافت.
وحتى أن أنصار «جمول» في صيدا، كـ «التنظيم الشعبي الناصري»، والأحزاب والقوى الوطنية، التي كانت تشكل رافعة «جبهة المقاومة» منذ انطلاقاتها، يؤكدون أن «الجهة الداعية للاحتفال («تيار المستقبل»)، لم تكن موجودة أو قائمة في حينه. وهي منذ مدة بعيدة وقفت بشراسة بوجه المقاومة، ولم تكن مؤيدة لها بالمطلق. إضافة إلى أن مصدر الاستهجان والاستغراب الصيداويين، يكمن في أن «الجهة الداعية ربطت بين انطلاقة جبهة المقاومة، ودعم ثوار سوريا الأحرار»، مؤكدين أن «الربط لم يكن موفقا أبداً، ولا معنى له سوى زجّ صيدا من جديد بالصراع الدائر في سوريا وحولها». كما أن مكان الاحتفال «ساحة شهداء الاجتياح الاسرائيلي» في المدينة، شكل نوعا من الاستياء لدى عدد من أهالي الشهداء، كما يشدد أنصار «التنظيم الشعبي الناصري»، الذين أكدوا أن عددا كبيراً من أهالي شهداء الاجتياح الاسرائيلي في صيدا، ما زالوا ينظرون إلى سوريا بقيادتها الحالية كدولة ممانعة، وقفت إلى جانب المقاومة الوطنية والإسلامية اللبنانية، في كل مراحل القتال مع العدو، وصولاً إلى تحرير الجنوب من العدو الإسرائيلي سنة 2000، وفي عدوان تموز عام 2006.
كما نفذ قطاع الطلاب في «التنظيم الشعبي الناصري» اعتصاما احتجاجيا في الساحة نفسها أمس، استنكارا للدعوة إلى الاحتفال بذكرى انطلاقة «جبهة المقاومة»، لكن قبل نصف ساعة من موعد احتفال «المستقبل» وسط انتشار كثيف للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي.
وكان «المستقبل» قد أقام اعتصاما في «ساحة الشهداء» في صيدا، حيث دفن المئات من أبناء المدينة، الذين استشهدوا في الاجتياح الإسرائيلي من العام 1982. وتخللت الاعتصام قراءة الفاتحة، وإقامة صلاة الغائب عن أرواح شهداء صيدا، والمقاومة الوطنية اللبنانية، وشهداء «الثورة السورية»، إضافة إلى تحية الى مؤسسي «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية» الشهيد جورج حاوي، والمناضل محسن إبراهيم. ورفع المعتصمون الأعلام اللبنانية وأعلام «تيار المستقبل»، وصور الرئيس الشهيد رفيق الحريري. في الاعتصام، تحدث مسؤول «المستقبل» في صيدا أمين الحريري، والشيخ عبد الله البقري، ومسؤول «المستقبل» في الجنوب ناصر حمود. وشددت الكلمات على أن ذكرى انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في السنة الحالية مميزة، لأن الثوار السوريين يلحقون بقافلة الشهداء الذين سبقوهم إن كان في البلاد العربية أو في لبنان والآن في سوريا.
وكانت مجموعة من طلاب «التنظيم الشعبي الناصري» قد نفذت اعتصاماً رمزياً في «ساحة الشهداء» في صيدا أمس، «استهجاناً واستنكاراً لدعوة تيار المستقبل، لإحياء ذكرى انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية». وصدر عن قطاع الطلاب في التنظيم بيان لفت إلى أن «هناك مفارقة غريبة، وهي دعوة تيار المستقبل لإحياء ذكرى المقاومة، في وقت يتصدر هو وحلفاؤه حملة ضد المقاومة وسلاحها. وهم يبحثون عن مناسبات لا تمت لهم بصلة، وذلك بهدف تزوير تاريخ شهداء الجبهة لمصالح انتخابية». ورفع المعتصمون لافتات تنديد بدعوة «المستقبل» للاحتفال من بينها «لن ننسى جرافاتِكم التي فتحت الطريق للدبابات الإسرائيلية». و«من يطالب بنزع سلاح المقاومة لا يحِق له الاحتفال بشهداء المقاومة»، و«الحريرية لا تكتفي بسرقة الأموال يريدون سرقة تاريخ شهداء جمول… فشروا»، و«شهداء جمول ليسوا للتجارة الانتخابية»، و«هل سيعلن المستقبل التعبئة العامة لتحرير ما تبقى من أراضٍ لبنانية محتلة»، و«من عمل على إقصاء المقاومة لا يحق له الاحتفال بالمقاومة»، و«هكذا يبرز مجدداً النفاق والرياء والتدليس في سلوك تيار المستقبل».
في المقابل، أصدر «التنظيم الشعبي الناصري» بيانا للمناسبة، أشاد فيه بالذكرى، ووجه التحية إلى أبطال المقاومة وشهدائها، وفي طليعتهم رمز المقاومة الوطنية اللبنانية مصطفى معروف سعد، منوها بإنجازات المقاومة التي تجلت في تحرير بيروت والجبل والجنوب من الاحتلال الإسرائيلي، وبوقوفها على أهبة الاستعداد لاستكمال التحرير والدفاع عن لبنان في مواجهة الأطماع والتهديدات الصهيونية. واستهجن التنظيم مطالبة قوى «14 آذار» بنزع سلاح المقاومة، سائلاً تلك القوى عن البديل، الذي تقترحه لحماية لبنان وتحرير أرضه المحتلة؟ واعتبر التنظيم أن «لا بديل عن خيار المقاومة في مواجهة إسرائيل. ودعا الفصائل الفلسطينية إلى الوحدة تحت راية المقاومة من أجل إنجاز التحرير والعودة». ودان البيان «سلوك التزوير الذي يستخدمه تيار المستقبل، عندما يدعو إلى الاحتفال بذكرى انطلاقة المقاومة، بينما هو يدعو إلى نزع سلاحها، وبينما يشهد تاريخه القريب والبعيد على ارتباطه بأعداء المقاومة». وختم التنظيم بيانه بالدعوة «إلى التنبه والحذر من التهديدات الصهيونية، وإلى تزخيم المقاومة الوطنية والشعبية لمواجهتها»، مؤكداً أن «صيدا التي كان لها الدور الأساسي في إطلاق المقاومة ستبقى عاصمة لها، ولن تنجح القوى الطائفية والمذهبية في تغيير موقعها أو تزوير هويتها العروبية المقاومة».
  

السابق
فتفت: هناك تهديد من “حزب الله” لإستمرار هذه الحكومة
التالي
إيران: حزب الله سيدافع عنا بسهولة عند أي هجوم إسرائيلي