الأخبار: البابا في لبنان: المسيحيون ليسوا درجة ثانية

أحاط لبنان الرسمي والشعبي البابا بحفاوة بالغة تمثلت بالاستقبال الحاشد في المطار وعلى الطرقات التي سلكها. لكنّ بياناً من رجال دين مسلمين، على رأسهم الشيخ يوسف القرضاوي المقيم في قطر، اتهم البابا بإثارة الفتن، منتقداً الإرشاد الرسولي قبل صدوره
لم تكن زيارة البابا لبنان الحدث الوحيد، بل ضاهتها المواقف التي أطلقها قبل وصوله إلى بيروت وبعده، وعبرت لبنان إلى الشرق الأوسط، وخصوصاً سوريا. وإن كان هاجس الوجود المسيحي في الشرق في ما يشهده من تطورات دراماتيكية، هو ما شجع البابا على زيارة لبنان في هذا الوقت، فقد جاء "بطريقة رمزية" من خلاله "إلى جميع بلدان الشرق الأوسط كحاج سلام، وكصديق لله ولجميع سكان دول المنطقة، مهما كانت انتماءاتهم أو معتقدهم".
وأوضح البابا، في كلمته في المطار حيث أقيم له استقبال رسمي وسياسي وديني حاشد، أن "التعايش اللبناني، يجب أن يظهر للشرق الأوسط بأكمله ولباقي العالم". ونوه بـ"التوازن اللبناني الشهير"، مشيراً إلى أن هذا التوازن "سيتمكن من الاستمرار فقط بفضل الإرادة الحسنة والتزام اللبنانيين جميعاً، وسيكون نموذجاً لكل سكان المنطقة، وللعالم بأسره".
وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان، قد ألقى كلمة ترحيبية بالبابا، آملاً أن تأتي زيارته "بالخير والبركات على لبنان واللبنانيين وعلى شعوب المنطقة ومكوناتها". ونوه بـ"إظهار لبنان على الدوام مقدرة على المقاومة والتضحية والاستشهاد في سبيل الدفاع عن سيادته واستقلاله وحريته ووحدته وقيمه". ولفت إلى وجود أكثر من 400 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان، مشدداً على رفض توطينهم فيه.
ومساءً، وقّع البابا الإرشاد الرسولي في بازيليك القديس بولس في حريصا، موضحاً أنه "يعبّر عن أعمال يمكن أن نلتزم بها على الأرض وتذكرنا بقدسية رسل المسيح، ويشجع على الحوار الفعلي بين الأديان".
ووزعت "وكالة فرانس برس" ملخصاً للإرشاد الذي يدعو المسيحيين والمسلمين واليهود إلى "استئصال الأصولية الدينية"، معتبراً أن "هذا التهديد يطاول من دون تفرقة وبشكل قاتل المؤمنين من كل الأديان". وشدد على أن "مسيحييي الشرق الأوسط لديهم الحق والواجب في المشاركة الكاملة في الحياة المدنية، ويجب ألا يعاملوا كمواطنين من الدرجة الثانية".
وكان البابا قد دعا في حديث للصحافيين على متن الطائرة التي أقلته من روما إلى بيروت، إلى "وقف إرسال الأسلحة إلى سوريا؛ لأنه من دون إرسال الأسلحة لا يمكن الحرب أن تستمر". ودعا إلى الحوار لحل القضية.
وإذ رأى أن "الانتفاضات في العالم العربي التي أدت إلى إطاحة أنظمة ديكتاتورية في تونس ومصر واليمن، إيجابية"، رأى أن "الكرامة العربية المتجددة تعني تجديد مفهوم العيش معاً وتسامح الغالبية والأقلية. والحرية يجب أن تتواكب مع حوار أشمل، لا هيمنة طرف على الأخر".
وفيما حضر بطاركة الكنائس المسيحية في سوريا إلى لبنان لمقابلة البابا، وجه مطارنة حلب نداءً إلى البابا يطالبونه فيه "بحثّ المجتمع الدولي على وجه السرعة لإيجاد حل سلمي ينهي الصراع الذي دمر البلاد وخلف البؤس والخراب في كل مكان".
القرضاوي: الإرشاد الرسولي خطير
في المقابل، وجه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الشيخ يوسف القرضاوي المقرب من حركة الإخوان المسلمين والمقيم في قطر بياناً شديد اللهجة إلى البابا، مطالباً إياه بالاعتذار للمسلمين "عمّا قاله في محاضرته (في ألمانيا) وفي الإرشاد الرسولي، وعمّا حدث من المجازر على أيدي الصليبيين في الأندلس كما اعتذر لليهود".
واتهم البيان البابا بـ"إشعال نار الفتنة بين شركاء الوطن". وقبل نشر الإرشاد الرسولي الذي وقّعه البابا أمس، رأى بيان الاتحاد أن هذا الإرشاد الرسولي "يتضمن مجموعة من الرسائل والأفكار الخطيرة، منها الدعوة الواضحة إلى تنصير العالم والتحذير من أسلمة المجتمع وتخويف المسيحيين من الإسلام السياسي في المنطقة".
وساطة قبلان مع قباني لم تنجح
على صعيد آخر، لفت أمس غياب مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني عن استقبال البابا في المطار، أو إرسال من يمثله. وعلمت "الأخبار" أن تغيّب قباني سببه رفضه توجه رؤساء الطوائف نحو البابا ومصافحته وهو جالس في مكانه. وتدخل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان لدى قباني من أجل العدول عن موقفه، لكن الأخير أصر على هذا الموقف.
وأشار قباني، في حديث تلفزيوني، إلى "أننا سررنا لزيارة البابا بنديكتوس السادس عشر للبنان، وهو رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم والكنائس التي تختلف داخلها تحترمه وتجعل له مكاناً"، معتبرا أنها "فرصة للخطاب الإسلامي والمسيحي المشترك". ورأى أن نشر الفيلم المسيء للنبي محمد مع زيارة البابا ليس صدفة، لافتاً إلى أن اليهود هم وراء الفيلم لضرب العلاقات الإسلامية ــ المسيحية.   

السابق
اللواء: توقيع الإرشاد الرسولي: إنفتاح على حوار الأديان وتثبيت المسيحيين في ديارهم
التالي
الجمهورية: البابا وقّع الإرشاد الرسولي مُشجعاً على الحوار بلا هيمنة