سوء تفاهم

إذا صحّت ظواهر الأمور والتطورات الميدانية المتعلّقة بالضاحية، بعد تلك المتعلّقة بالخطة الفتنوية لميشال سماحة وصحبه المعلومين، فإننا، ومرة أخرى، إزاء ترجمة ميدانية لـ"سوء تفاهم" كبير وخطير بين أهل الممانعة أنفسهم.
واستناداً الى تلك الظواهر يمكن الافتراض، أن "سوء التفاهم" ذاك، يتصل بلبنان و"خيار" الفتنة والإمرة فيه ولا يتصل بعرى التحالف وترجماته في سوريا نفسها سياسياً وإعلامياً وميدانياً. وأن الجهة الأولى، أي السلطة الأسدية وبقاياها تخطت الافتراق في وجهات النظر وتضارب الحسابات في شأننا، وتصرّفت لوحدها، فحاولت (وستحاول) جرّ الآخرين الى أهدافها ولو غصباً عنهم.

أسلحتها وإن كان صَدِئة، تدلّ الى ضيق واستعجال. واستخدامها أرجع البارود الى أصحابه! وأنتج خضّات تليق بالهواة والمبتدئين أكثر مما تليق بالمحترفين والمخضرمين في دنيا الممانعة الأسدية وطقوسها وممارساتها المألوفة.. وعيّنة الخطف والمناخ الذي صاحبه، وقبلهما سيّارة سماحة ونهايتهما، مؤشران كبيران الى طبيعة الدربكة والارتباك اللذين يضربان بقرارات تلك السلطة وحاشيتها.
غير أن ما تبع ذلك يبدو أهم، رغم فظاعة الأصل وخطورته. حيث يبدو الفريق الأساسي في الممانعة المحلية، أي "حزب الله" وكأنه يردّ، من خلال الذهاب الى الدولة حتى النهاية.. ومرحلياً لو سمحتم، على محاولات توريطه بما لا يرغب، وبما لا يجد مصلحة له فيه، وبما لا يركب مع حساباته!.

وفي ذلك الذهاب، قصّة كبيرة ذات فصول عدّة. أبرزها إعادة شيء من الهيبة والمهابة الى عمودين رئيسيين من أعمدة الدولة. أولهما القضاء وأحكامه. وثانيهما قوى الأمن الداخلي عموماً و"شعبة المعلومات" خصوصاً، إضافةً الى الجيش..

وفي ذلك، اعتراف قسري بمسلّمات طال إنكارها. في أولها أن "الشعبة" لا تفتري على أحد، ولا تشتغل في السياسة بقدر ما يشتغل السياسيون بها. وإنها في الملمّات الوطنية لا تخطئ التصرّف ولا الحساب. ولا توزع "نشاطها" تبعاً لهواها: تكشف شبكات التجسّس الإسرائيلية، كما تكشف شبكات التخريب السورية. وبالتالي من أوجب الواجبات على أهل الافتراء، تقديم اعتذارهم إليها، وإعلان الندم عن التشكيك في صدقيتها ووطنيتها المترفّعة عن الاصطفافات، ثم بعد ذلك لجم الفاجرين، وتوجيه دعوة مقفلة لهم، الى الحياء بعض الشيء، إذا أمكنهم ذلك!.

في الفصل الثاني من هذه القصّة المشوّقة، أن هناك رؤوساً كبيرة. صحيح. لكنها في الخاتمة السعيدة (أو الحزينة) ليست قادرة على تغليب القرار السلطوي الأسدي على قرار "حزب الله" وإيران! ولو كلّف الأمر رفع كل غطاء عنها وتركها وحدها تحصد نتاج زرعها بيديها.
بهذا المعنى يتساوى ميشال سماحة مع جميل السيّد مع الخاطفين في الضاحية: في اللعبة الكبيرة (الممنوعة) كل هؤلاء صغار مهما نفخوا وانتفخوا. وآن لهم ولأمثالهم الكثر(؟) الانتباه الى أن "صاحب القرار" الأخير لم يعد في دمشق إنما في غيرها!!.

.. ولا بأس أبداً هنا، أن تكون الدولة ومؤسساتها هي الوسيلة الفضلى للردّ.. كما لا بأس أبداً من الجلوس والتفرّج على ما يحصل بين أهل الممانعة، لمعرفة كيف ستنتهي هذه القصة!.
  

السابق
جولي تفقّدت السوريين في لبنان
التالي
اتهام السيد مفبرك لمنعه من الترشح