التناقض سيد الإرادة!!

هل الإصلاح مطلب عام أو خاص؟
هل الديموقراطية تستوعب الجميع أو أنها تفصّل على أحجام البعض؟
هل الحريات تأتي مكتملة أم ناقصة؟

بهذه الأسئلة نحاول أن نفسّر ما يحدث على الساحة اليومية من صراع في وجهات النظر بين المتابعين والمراقبين للمشهد السياسي الذي فرض نفسه على كل اشكال الحياة في البلاد، وهذا إن دلّ فإنما يدل على تأثير العملية السياسية التي باتت وبتنا معها لا نميّز بين الديموقراطية والديكتاتورية في طرح الآراء، ولا نجد بين الطرفين رأيا ثالثا وسطا ينأى عن الشد والجذب بينهما، وهذا ما نلمسه فعلا في مواقع التواصل الاجتماعي وخانات المشاركة و التعبير في المواقع الالكترونية لبعض وسائل الإعلام، فإما أنك معي أو ضدي، تلك هي المعادلة الجديدة ولهجة خطاب اليوم المتبادل.

لاشك أن الحراك الشبابي قبيل حل مجلس 2009 كان بسبب حالة الاحباط العام التي اختزنها هؤلاء الشباب بسبب فشل الحكومة والمجلس معا وككل في رسم ملامح مستقبل البلاد بعد اكثر من 20 سنة على التحرير وعودة الحياة البرلمانية، على اعتبار أن ما قبل ذلك قبل غزو النظام العراقي السابق – كان استحقاقا لتلك العقود الثلاث المؤسسة والمواكبة لمسيرة البناء والديموقراطية والدستور في بلد حديث. ولكن، وبعد سنوات من دخول العالم لمنظومة جديدة من الأفكار والتحديات، لا تزال هي ذات النمطية الحاضرة في إدارة شؤون الدولة بمختلف قطاعاتها ومرافقها، حيث تدنى التعليم والصحة ومستوى بقية الخدمات التي أثرت سلبا على حركة التنمية والتقدم. وكان من المنتظر أن تأتي المجالس النيابية بعد التحرير بالكثير من مشاريع التطوير والتحديث، أهمها تأهيل ذهنية المجتمع والارتقاء بفكره نحو مفهوم جديد للمواطنة في أن تكون شراكة ومسؤولية وليس تبعية واتكالية!

لهذا تضخم ترهل الأداء الحكومي وألقى بظلاله على مجلس الأمة الذي ساير الترهل دون مشاريع حقيقية تعالج المسار الخاطئ، وهو ما سمح لتشابك اختصاصات السلطات وعدم فصل بعض ممثلي الشعب بين مصلحة الوطن والمصلحة الشخصية. وهو ما أفرز ضرورة إعادة النظر في منهجية الأداء الحكومي والبرلماني.

كنا ولا نزال نعتقد أن أكبر اختبار لأي معارضة سياسية للأداء الحكومي – وهو تقليد متبع في كل المجتمعات الديموقراطية – عندما تصبح الظروف الانتخابية مواتية لصالحها وتصبح غالبية برلمانية تحت قبة عبدالله السالم، يكمن في الخطاب العام الشامل لفكرها السياسي، الاجتماعي، الاقتصادي والثقافي، وفي نوعية المشروع الذي ستتبنى ليكون موازيا ومعالجا لنهج العمل الحكـومي الذي يٌقّدم عبر الخطاب الأميري في بداية كل دور انعقاد للبرلمان، فيكون للنواب حق الرد ومتابعة ومراقبة تنفيذ برنامج عمل الحكومة مع الجانب التشريعي المفترض لتأسيس شبكة من العلاقات القانونية تسهل حركة التنمية.

ولكن ما يحدث، أن المصالح هي المحرك لأداتي المراقبة والتشريع، لتنتقل السجالات السياسية خارج المؤسسة المفترضة، فتدنى الوعي السياسي وأصبحت مجرد شعارات تدغدغ المشاعر وتحرض على مكونات المجتمع وتضرب بعرض الحائط كل مصالح الوطن والمواطنين، وتتسلق آمال الشباب وأحلامهم والبقاء في ذات المربع السابق!!

فاصلة أخيرة
العمل السياسي يفترض بصاحبه أن يشبّ عن طوق القبلية والطائفية والفئوية لكون هذا العمل يتطلب وعيا وفكرا سياسيا ناضجا ومستقلا، ولكن اصرار البعض على الخلط بين الأوراق والتناقض المستمر بين أدواره المفترضة وشعاراته الانتخابية، لا يجعلنا نشك للحظة عندما فرّقنا بين العمل السياسي المحترف وبين هواته!!
والعاقبة لمن يعقل ويتدبر.  

السابق
الأزمة السورية في مسار جديد؟
التالي
واشنطن تدعو الفلسطينيين إلى عدم الذهاب إلى الأمم المتحدة و