العرب يحبون لبنان… لكن أهله لا

لولا أن شهودي عشرة ربما ما كنت رويت قصة من نهاية الأسبوع في لندن، فقد كنا في مطعم وخرجنا الى الشارع بعد العشاء ووقفنا أزواجاً وزوجات نودع بعضنا بعضاً. كانت هناك شابتان في أوائل العشرينات تستعدان لدخول المطعم، وهما سمعتانا نتحدث بالعربية فقالت لي واحدة منهما: نحن نحب لبنان. كنا نفضِّل أن نكون في بيروت.
الشابتان كانتا من الرياض، وهما تبادلتا أرقام الهواتف مع الزوجات ووعدتا بالإتصال بنا عندما تهدأ الأوضاع وتعودان الى لبنان في أقرب إجازة ممكنة.

كل العرب يحبون لبنان ولكن أهله لا يحبونه، وربما كنت تجاوزت كلمات الشابتين السعوديتين لولا أنني في اليوم التالي كنت أقرأ مقال الزميل غسّان شربل، رئيس تحرير «الحياة»، وعنوانه «ميشال وميشال وميشال».
هو تحدث عن الرئيس ميشال سليمان والجنرال ميشال عون والوزير السابق ميشال سماحة. كنت أتمنى لو أنه تحدث عن ميشال وميشو ومخايل لتسهيل الموضوع على القارئ غير اللبناني، إلا أنه لو إختار «زعيط ومعيط ونطّاط الحيط» لبقي الموضوع واحداً وهو السقوط السياسي اللبناني، والكيد لا مجرد مكائد السياسيين أحدهم للآخر.

الرئيس ميشال سليمان جيد ويحاول جهده، ومثله رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، ثم هناك وزراء وطنيون أختار مثلاً عليهم الصديق غازي العريضي، ومعارضون يريدون الخير للوطن. غير أن المجموع «طبخة بحص». ومضى يوم رجوت فيه أن يرفع حزب الله السياسة اللبنانية الى مستوى نقاء المقاومة، فهبط هو الى درك الخلافات والمماحكات والمناكفات وأصبح حزباً سياسياً آخر.
في لندن منذ عيد الفطر هناك ألوف الزوار العرب، وانتهت الإجازة وبقي أكثرهم، وقد رأيت أصدقاء من قطر، هم لي بمنزلة الأهل، كانوا يتمنون قضاء الإجازة في لبنان، وكنا معاً هناك قبل بضعة أشهر، إلا أن الخطف أو التهديد بالخطف حال دونهم والعودة الى لبنان هذه المرة.

رأيت أصدقاء من مصر والسعودية والبحرين والكويت وغيرها، وأزعم أن نصفهم كان يفضِّل الإجازة في لبنان لولا أن اللبنانيين يختارون كل سنة أن ينقلوا في مطلع الصيف خلافاتهم الى العلن، وأن يرفقوها بتصعيد وتهديد وتنكيد، ليخيفوا الزوار العرب ويجعلوهم يطلبون راحة البال في لندن وباريس وروما وجزر اليونان والساحل الجنوبي لتركيا. بل هناك من الأصدقاء مَنْ إتصل بي من جزر المالديف.
كنت أتمنى لو أنني أستطيع أن أشتم، غير أنني لو فعلت لتحدثت عن السياسة اللبنانية بلغتها.
السياحة في الصيف تحديداً أهم مواسم العمل لكل اللبنانيين، وهي عصب الإقتصاد، فالسياحة ليست مصنعاً ينتج معلبات والمستفيد الأكبر مالك المصنع، وإنما هي قطاع يوفر دخلاً لسائق السيارة والغرسون، وللبنك وصاحب الفندق وللمطاعم والعاملين فيها، وللمتاجر بمختلف أنواعها.

الدخل السياحي وحده يفيد اللبنانيين جميعاً، ولا يتوقف عند فريق بعينه، أو منطقة أو طائفة، ثم يأتي مَنْ يخربه، كل سنة، عمداً أو جهلاً، فالنتيجة واحدة.
أفضل صحن تبولة في العالم يفسده أن يكون أحد عناصره فاسداً، وفي لبنان فساد السياسة ينعكس على البلد كله، رغم وجود الطيبين الذين بدأت بهم، وأزيد عليهم من مقال «الميشالات» الثلاثة اللواء أشرف ريفي والعميد وسام الحسن من فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي.

«الحياة» أمس نشرت خبراً لفت إنتباهي هو إختراق خدمة «الجزيرة موبايل» وبث رسالتين عن الشيخة موزا، قرينة أمير قطر، وعن رئيس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم بن جبر. أترك الشيخ حمد يدافع عن نفسه، وأقول أن الشيخة موزا من خيرة السيدات العربيات تعمل لقطر والعرب جميعاً وتحاول إعلاء شأن المرأة العربية، وكل من يهاجمها يظلم سيدة فاضلة ويدين نفسه.

وأختتم بسيارة رولز رويس حمراء فخمة ضخمة في لندن تحمل فقط الرقم واحد، ولا إشارة لأي بلد، وقد صورتها على «الموبايل» وعندي الصورة. فقد رأيتها مرة بعد مرة في المنطقة حول متجر هارودز المشهور. الرقم ليس لأي بلد أوروبي، وأرجح أن السيارة قطرية، فأتمنى أن تكون للشيخة موزا لإغاظة ناس متخلفين يحسدون سيدة عربية على نجاحها.  

السابق
خدام:من يجرؤ على الحوار مع النظام؟
التالي
هكذا تهرب السلاح والمقاتلين من لبنان إلى سوريا !!