من أفقر لبنان أيها المسؤولون

في زمن الرئيس فؤاد شهاب وصلت معاملة غير قانونية الى مكتب الرئيس الراحل الياس سركيس وكان في ديوان المحاسبة، لكن يومها ديوان المحاسبة، كان غرفة للمحاسبة، فرفضها الرئيس الراحل الياس سركيس واعادها، فغضب الرئيس فؤاد شهاب غضباً شديداً، أنه كيف يرفض موظفاً معاملة من قيادة الجيش الى غرفة المحاسبة، فاستدعى الرئيس فؤاد شهاب الرئيس الراحل الياس سركيس وسأله «لماذا أوقفت المعاملة»، فأجابه الرئيس سركيس وقال له «إن المعاملة مخالفة للقانون وإنني ارفض التوقيع على معاملة مخالفة للقانون وإنني أفضّل ان اقدم استقالتي واذهب الى بيتي ، لكن لن اوقع على معاملة مخالفة».

اليوم، ننشر الحلقة الثانية من المخالفات المالية للرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري، وكم هو عظيم ذلك الموظف البسيط الياس سركيس الذي رفض توقيع معاملة مخالفة للقانون، وكم هو صغير سعد الحريري وكم هو صغير فؤاد السنيورة ليوافقا على هدر 5 مليارات ونصف مليار دولار، إن نظافة كف الرئيس الراحل الياس سركيس رحمه الله تساوي ثروة العالم كله. واليوم لا تأتي معاملة عادية، ونحن لا نتحدث عن مبلغ بسيط بل نتحدث عن 16 مليار دولار حقيقية جرى صرف القسم الأكبر منها، ولكن هناك 5 مليارات دولار ونصف ضائعة.

ممنوع على ديوان المحاسبة ان يستدعي الرئيس فؤاد السنيورة ويحقق معه، وممنوع على ديوان المحاسبة ان يستدعي الرئيس سعد الحريري ويحقق معه، لان النغمة السائدة ستكون ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تنتقم من الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة.

عرض رئيس ديوان المحاسبة زيارة الرئيس فؤاد السنيورة في منزله وجلب سجلات معه الى السنيورة للنقاش بها، وهذا امر لم يحصل، فرفض السنيورة، اما سعد الحريري، فممنوع طرح هذا الموضوع امامه وغير مقبول للنقاش في كيفية حصول الهدر.

اما البند الآخر، فهو ان المساعدات التي جاءت من الخارج لمساعدة لبنان بدلاً من وضعها في بند موازنة الدولة في الحساب رقم 36 في مصرف لبنان، اتخذ السنيورة والحريري قرارا بوضعها تحت تصرف هيئة الاغاثة التي يديرها رئيس الحكومة شخصيا والقادرة على صرف مئات المليارات من الدولارات دون المراجعة والسبب ان اي قانون هيئة انسانية في منع مراقبة مؤسسة تقوم بمثل هذه الأعمال.

ونسأل، من أين نبدأ، هل نبدأ بالحديث مع الرئيسين الحريري والسنيورة والبحث معكما ممنوع، تحقيق ديوان المحاسبة ممنوع، تقديم الفواتير وتقديم المساعدات ممنوع، 5 سنوات ولبنان من دون موازنة في زمن فؤاد السنيورة ممنوع البحث فيها، والموازنة لم يتم إقرارها رغم ان الاكثرية كانت مع 14 اذار، كيف يمكن البحث بهدوء لحل هذه المشكلة.

والناس تقول، تم هدر وصرف 5 مليارات دولار ونصف خارج الدستور وقانون ديوان المحاسبة وقانون النيابة العامة المالية، والناس باتت تقول ان الاموال لا تعود وقد اخذوها وذهبت هدرا، ولكن من يعطي ضمانة عن المستقبل ويمنع الهدر ولا احد يجيب من السياسيين خاصة الحريري والسنيورة.

اما المصيبة الكبرى الآتية فهي تمويل سلسلة الرتب والرواتب ودفع عجز شركة الكهرباء وتأمين مصاريف الدولة، وهذا العجز يتم تقديره بـ5 مليارات و200 مليون دولار وفق جدول وزارة المالية، ومصرف لبنان لا يستطيع ان يعطي الدولة الاموال لان هذه الاموال هي وديعة الناس في المصارف وليست ملكا لرياض سلامه واذا كان رياض سلامه ساعد في الماضي من اجل الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي.

أما الآن، لا تستطيع الحكومة ان تفرض على مصرف لبنان ان يدفع عجزا بقيمة 5 مليارات ونصف مليون دولار لعام 2012.

الناس تسأل، ماذا حل بوجدان المسؤولين، لقد تربّينا كضباط وكانت تجري محاسبتنا على الرصاصة الفارغة وإعادة تسليمها، وسمعنا من الخطابات طوال 35 سنة، كلها تبشّر بالخير والمحبة والمساعدة وعدم السرقة والتضحية من اجل الناس، ولكن الذي حصل هو عكس ذلك، إميل لحود تحدث عن الشفافية، والفساد في عهده لم يحصل مثله الا في باناما عند الرئيس نورييغا، ومع ذلك يقول «انا من حافظت على ميزانية الدولة» وهو ساهم في رفع ديون الدولة الى 55 مليار دولار الى جانب الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

السياسيون يتحدثون عن الشفافية ووفق ما نشرته ضريبة الدخل في وزارة المالية، فإن ثروات الاغنياء التي يجب ان يدفعوا عليها 41 % كضريبة للدولة، الحاصل هو ان الشعب المسكين يدفع 80% والاغنياء يدفعون 20%.

«الديار» مؤذية، مغرضة لها اهداف، ولكن يا جماعة، الناس تسألكم من افقر الشعب اللبناني، من اوصل راتب الموظف الا يكفيه لنصف الشهر، من هدر الاموال ومن دفعها عمولات واستفاد منها الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي قال «انا جئت وثروتي كانت مليار ومئتي مليون دولار الى بيروت» وتبين بعد الوراثة ان الثروة اصبحت 16 مليار دولار دون ان تقدم العائلة كشفا ماليا بالوراثة، والسبب يعود ان الاموال والملكيات والعقارات وكل شيء تم تسجيله بأسماء شركات كي يتم اعفاء الافراد من الضريبة.

الناس تعرف ان العائلة كي تحافظ على ثروتها الـ16 مليار دولار قررت الا تختلف، فأخذ السيد بهاء الحريري ملياري دولار ونصف ليبتعد عن رئاسة الحكومة ولينصرف الى العمل التجاري، والناس تعرف الخلاف الحاصل بين سعد الحريري وزوجة والده السيدة نازك المحترمة وعندما رأيا ان الخلاف سيجعل ثروة الـ16 مليار دولار تضيع، اتفقا ووزعا الحصص، مع العلم ان صفقة شراء سعد الحريري لاسهم في البنك العربي وهو اكبر بنك في المنطقة وهو عمل مشبوه في ظل الكلام عن عدم وجود سيولة لدى سعد الحريري.

خاطبناكم بالعقل، خاطبناكم بالارقام، خاطبناكم بالعاطفة، خاطبناكم بالمحبة وبالمصلحة الوطنية العليا، وقلنا لكم يا جماعة 20 سنة اخذتم فيها البلد الى الفقر الكبير، يا جماعة قبل الطائف كان هنالك 78% من الشعب اللبناني فئات متوسطة، اي قادرة ان تعيش على رواتبها، فغابت الفئة المتوسطة واصبحت هناك فئة اثرياء رهيبة مقابل اكثرية جائعة فقيرة.

يا جماعة، والله نخاطبكم لان الامور ستنقلب عليكم وستحصدون ثورة شعبية من الفقراء والمساكين ولا احد يستطيع ضبطها لان الجيش لا يستطيع كون افراد الجيش رواتبهم لا تكفيهم، هم وقوى الامن الداخلي وبقية القوى العسكرية.

يا جماعة الخير، قولوا لنا من افقرنا، قولوا لنا من اوصلنا الى التعاسة والقلة، خففوا قليلا من تكبركم واقبلوا ان يأتي القاضي ليسألكم بعض الاسئلة، اما الرئيس نبيه بري فالخطأ الاكبر لديه هو انه وضع فضيحة الـ16 مليار دولار في جوارير مجلس النواب لان جنبلاط هدد بالاستقالة من الحكومة اذا تم فتح التحقيق ومن هنا اصبحت المسألة مجمّدة، وفي مجلس النواب مشاريع قوانين مالية مجمدة منذ اكثر من 15 سنة.

لقد نبّهنا وقلنا الحقيقة، وأما المافيا والعصابة فلا يهمها شيء والسؤال سيبقى من اوصل لبنان الى الفقر وجعلوا شعبه مسكينا ومعذبا، والجواب اكثرية السياسيين وعلى رأسهم تيار المستقبل الذي حكم البلاد 20 سنة.  

السابق
هـذا البحـر لـي..
التالي
زغيب: تدخلات سياسية حالت دون نجاح المساعي لاطلاق المخطوفين في سوريا