يونيفيل في الشمال… طلب أحمق أم عمالة؟

سُمع صدى دعوة قوى الأقلية النيابية اللبنانية دولياً لنشر قوات دولية على الحدود الشمالية والشرقية مع سورية عقب نجاح تلك القوى بتوتير الأوضاع في اكثر من نقطة لا سيما تلك التي يتخذها ما يسمى بالجيش السوري الحر وأتباعه في داخل لبنان منطلقاً لعملياتهم باتجاه سورية.

الصدى جاء على لسان أندريا تيننتي، الناطق باسم القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان "اليونيفيل" بموجب القرار الدولي رقم 1701 الذي اوقف العمليات العسكرية للحرب التي اندلعت بين لبنان و"إسرائيل" عام 2006، لكن المتحدث الدولي اشترط ان يتم ذلك بناء على طلب الحكومة اللبنانية التي لم تطلب بعد عملياً ذلك، لكن ما بات يلوح في الأفق هو أن تهيئة الأجواء لذلك قد بدأت فعلا عبر سلوك اكثر من طريق أكثرها اهمية المذكرة التي رفعها تيار "المستقبل" الى رئيس الحكومة وتتضمن هذا الطلب بالتحديد
لكن المفارقة أن تعليق "اليونيفيل" الدولية على الموضوع استبق أية مذكرة رسمية أو حزبية وكان مجرد صدى فعلي لما تناقلته وسائل الإعلام عن ألسنة سياسيين، ما يكشف أن المسألة قد تعدت الاقتراح لتصبح بنداً رئيسياً يتم تداوله في كواليس السياسة الدولية خاصة تلك التي تلتزم الملف السوري وتحاول استغلال الوضع في لبنان لإكمال محاصرة سورية عبره.

 السؤال الذي يُطرح يدور حول سبب قيام الـ "14 آذاريين" برفع هذا الطلب، فهل هو الحمق والعمى ام هو شيء آخر؟
ان هذه الجماعات لا تنّزه عن الحمق اصلا، لكن قد لا يكون هذا هو السبب هنا، اذ قد يكون الدافع شيئا آخر يمليه واقع الارتهان للخارج، حيث ان الغرب قد يكون امام عجزه عن التحرك العسكري ضد سورية وامام فشله في منع انهيار الجماعات الإرهابية العاملة باوامره في الداخل السوري، وامام استحالة اقامة المناطق العازلة والآمنة للارهابيين داخل سورية، رأى ان اقامة منطقة آمنة لهم في لبنان وتحت اشراف دولي قد تكون ممكنة، اذا انخرط لبنان فيها، بشكل يعطل قدرة روسيا على "الفيتو"، وبالتالي يكون لطلب 14 آذار بنشر قوات دولية على الحدود مع سورية وبالاضافة الى الاهداف السابقة هدف جديد هو انشاء هذه المنطقة الآمنة ووضع القوات الأممية في مواجهة مع الجيش السوري. ويعزّز هذا الرأي ما تسرب أخيرا عن إقدام جبهة العدوان على سورية على تركيب المحطات الفضائية ومراكز الاتصال العملاقة والمتطورة من أجل قيادة الحرب النفسية والميدانية انطلاقا من الشمال اللبناني (وحكومة لبنان تغمض عينها وتنأى بنفسها عن هذا الانتهاك) .

ويبقى اخيرا السؤال: هل سينجح 14 آذار في مسعاهم؟
قبل الاجابة لا بد من التنويه بان هؤلاء قدموا خدمة للباحث في الشأن السوري من حيث القول بان اوراق العدوان المستعملة ما زالت قاصرة عن تحقيق المطلوب، ما يحمل المعتدي على ادخال اوراق جديدة، كما فعلت مصر فمنعت بث فضائيات سورية عبر شبكة النيل سات، اما الجواب البديهي الآن على السؤال فهو النفي، اذ انه لا يوجد اي عاقل او عنصر يمكنه القول بإمكانية نشر قوات اليونيفيل في الشمال او الشرق اللبناني، لكن رغم الفشل الاكيد يبقى للطلب دلالات خطرة سترتد على لبنان أجلا أم عأجلاً حيث نسأل هؤلاء المقامرين المرتهنين: هل يحتمل لبنان عداوة سورية واغلاق حدوده معها؟ لأن القوات الدولية لا تنتشر الا على حدود بين دولتين عدّوتين متنازعتين او في منطقة فصل بين عدوين!!!

السابق
بين أوباما ورومني.. أيّ مضاعفات على العالم العربي؟
التالي
الجرافة الإسرائيلية وفعل القصد