ماذا حصل بين الحريري وجنبلاط ؟


منذ فترة ليست ببعيدة، إلتقى الرئيس سعد الحريري رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط في قصر السلام في جدة، أثناء التعزية بولي العهد السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز، حيث سُجّلت مصافحة ولقاء قصير بين الرجلين.

بعد هذه المناسبة، إستعادت القنوات الاتّصالية بين الطرفين نشاطها بعد قطيعة مريرة استمرّت نحو سنة ونصف السنة لأسباب معروفة، ليصل الأمر بالرجلين إلى الاجتماع مجدّداً في باريس نهار أمس، وقد علمت "الجمهورية" في هذا الإطار أنّ هذا اللقاء مردّه إلى أنّ جنبلاط تبلّغ بنحو واضح وسريع أنّ تطبيع علاقاته مع المملكة العربية السعودية يمرّ عبر بوابة الحريري.

وتمّ البحث خلال اللقاء في أربع نقاط أساسيّة:

– طيُّ صفحة الماضي المرير والتجربة التي خاضها الحريري مع الزعيم الجنبلاطي خلال وجوده في حكومته وخروجه منها بقرار جنبلاطي محض والإتيان بالحكومة الميقاتية، وإعطائه غطاءً بامتياز لهذه الحكومة التي لولا التغطيّة السياسيّة والنيابيّة الجنبلاطيّة لما تشكّلت ولما تأمّنت الأكثرية التي أتاحت لقوى "8 آذار" تشكيل الحكومة الميقاتية التي اختلقت بين لحظة إعطاء الثقة للرئيس نجيب ميقاتي وبين لحظة تشكيلها، إذ دخل عامل أساسيّ يتصل بالثورة السوريّة، وهذا الأمر جعل جنبلاط يتحوّل لاعباً وسطياً، شأنه شأن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وميقاتي.

وقد تمكّن زعيم المختارة في ذلك الحين من قلب المعادلة السياسية حين شرح الأخير للحريري أنّه في ذلك يرفض تكرار سيناريو 7 أيّار، ويدفع ثمن مغامرة جديدة كان من الممكن أن يقوم بها "حزب الله" منفرداً، ولذلك فضّل الالتحاق تجنّباً لحدوث 7 أيار ثانٍ.

بدوره، إعتبر سعد الحريري أنّ ما ينطبق على جنبلاط ينطبق على سليمان وهو طوى الصفحة مع الرجلين، أيّ صفحة التكليف إلى غير رجعة، إذ اعتبر أنّ المرحلة الحالية التي تعيشها البلاد تتطلّب مؤازرة جميع القوى السياسيّة من أجل الخروج بتصوّر مشترك لتجنيب البلاد خضّات ومآسيَ إضافية.

– تأكيد جنبلاط للحريري أنّ ظروف إسقاط الحكومة لم تنضج بعد، وهي ليست ظروف محليّة فقط، إنّما تتطلّب مناخات عربية ودولية، وعلى قوى 14 آذار أن تقرأها جيّداً لا سيّما المواقف الدولية المُثنية على أداء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وعلى رغم اتّفاق الرجلين على مجموعة عناوين تبدأ من الثورة السورية ولا تنتهي بالانتخابات النيابية المقبلة، إلّا أنّ جنبلاط بدا مُصرّاً على تمايزه في مسألة استمرار الحكومة، فيما الحريري يعتبر أنّ هذه الحكومة باتت تشكّل باستمرارها خطراً على البلاد، وأنّ ثمة ضرورة لتشكيل "حكومة إنقاذ وطني"، في حين اعتبر جنبلاط أنّ استمرار الحكومة عامل ترييحيّ لـ"حزب الله" وإسقاط هذا العامل قد تكون نتائجه غير مضمونة لجهة تصرّف الحزب أو ردّة فعله، خصوصاً أنّ جنبلاط أكّد للحريري أنّ الأمر المهم هو عدم تمكين فريق 8 آذار من استغلال هذه الحكومة خدماتيّاً وتوظيفيّاً. وأنّه، إلى جانب سليمان وميقاتي، يعمل على تعطيل أيّ إمكانيّة لاستخدام هذه الحكومة أداة انتخابية وشعبيّة.

– في موضوع الانتخابات، لا يجوز اعتماد أيّ قانون يخالف الاتفاق الذي توصّلت إليه القوى السياسيّة في دورتي 2005 و2009، وهذا الاتّفاق حصل بين قوى 8 و14 آذار، بمعنى أنّ أيّ صيغة على غرار النسبية المقصود منها قلب المعادلة السياسيّة لمصلحة فريق 8 آذار، خصوصاً أنّ هذه الصيغة تتيح للحزب ما لا تتيحه لغيره بسبب قوّة السلاح الموجودة لديه، وبالتالي تمّ التوافق على أن يكون أي قانون انتخابي شبيهاً بدورتي 2005 و2009، أو البقاء على قانون الستين معدّلاً.

– أبدى جنبلاط أمام الحريري خشيته من عدم قدرة تيّار "المستقبل" على ضبط الشارع السنّي نتيجة غيابه الطويل عن لبنان، وهذا ما ظهر من صيدا إلى طرابلس عبر صعود الحركات الإسلامية المتشدّدة. وعلى هذا الأساس، طلب منه العودة قريباً، ولكنّ الحريري لم يشاطره هذا الأمر، وأكّد أنّ تيّار"المستقبل" ما يزال يشكّل القوة المركزية الأساسيّة داخل الطائفة السنيّة.  

السابق
تهديدات مستمرة
التالي
المستقبل يعرقل الإفراج عن المخطوفين؟