علوش=جعجع: سورية عدو!

في آذار العام 1978 صدر القرار 425 للتحقق من الانسحاب «الإسرائيلي» من لبنان واستعادة الاستقرار والأمن الدوليّين، باستثناء مزارع شبعا، وكرّت سبحة القرارات الدولية ذات الصلة، وصولاً الى القرار 1701 في العام 2006 بعد العدوان «الإسرائيلي» على لبنان، عندما قرّر مجلس الأمن التأكيد على القرار 425، أضاف إلى ذلك «أن قوة اليونيفيل ستقوم بمراقبة وقف الأعمال العدائية ومراقبة انتشار القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان ودعمها».

لم يتطرّق القرار 1701 لا من قريب ولا من بعيد الى انتشار قوات طوارئ دولية على حدود لبنان الشمالية، فمجلس الأمن أصلاً لم يناقش هكذا طرح، رغم تأكيد قوى 14 آذار هذا الأمر.
لقد انبرى عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش الى التأكيد على «أنه إذا كان الوضع في شمال لبنان مثار شكوى من اللبنانيين والسوريين، فالحلّ هو بوجود قوات دولية».
وكان سبقه زميلاه في «كتلة المستقبل» النائب عمار حوري بالمطالبة بـ»تفعيل القرار 1701 المتعلق بنشر قوات «اليونيفيل» على الحدود الشمالية والشرقية لضبطها ومنع أي تفجيرات محتملة، والنائب خالد زهرمان بالمطالبة نفسها، أسوة بما جرى في الجنوب الذي يعيش اليوم أحلى أيامه بفضل انتشار الجيش و»اليونيفيل» على طول الخط الأزرق في جنوب لبنان.

علوش يستدرك عند سؤاله عن البند الذي يقصده من بنود القرار 1701 والذي ينصّ كما قال على انتشار قوات دولية في شمال لبنان بالقول: «لا يوجد هكذا بند»، لكنه يعود ليقرّر تفسير الـ1701 على هوى فريقه، فيتابع قائلاً: «القرار نصّ على وجوب أن تمنع القوات الدولية بالتعاون مع الجيش اللبناني دخول السلاح والمسلحين الى لبنان»، متناسياً أنّ وجوب منع المسلحين لا يتعدّى منطقة جنوبي الليطاني، ولم يأت على ذكر شمال لبنان، خصوصاً أنّ الأمر اليوم هو معاكس تماماً، حيث أنّ المطلوب منع إخراج السلاح من لبنان إلى سورية، وليس منع إدخال السلاح إلى لبنان بهدف محاصرة المقاومة.

لقد حاول هذا الفريق بعد صدور القرار 1701 توسيع تطبيقه وصولاً الى تسليم المعابر الحدودية والموانئ الى القوات الدولية لمحاصرة حزب الله، ما استدعى مذكرة في خريف 2006 من الأحزاب والقوى الوطنية الى الأمين العام للأمم المتحدة، تعلن الرفض لتغيير قواعد الاشتباك وتوسيع مهامها.

فشلت قوى 14 آذار حينها في تحقيق ما تبتغيه، لكنها لا تنفك تطرح هذا الامر كلما سنحت لها الفرصة بدءاً من العام 2007، وصولاً الى العام 2011 مع إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري وحتى يومنا هذا.
الفكرة ليست جديدة أو وليدة الساعة، فالرغبة بذلك لا تزال تساور الفريق الأزرق وحلفاءه، الذين يحاولون التقاط أيّ حدث للوقوف عند الرغبات الغربية بالمطالبة بقوات دولية على الحدود الشمالية والشرقية، التي فشلت في إدراجها بنداً ضمن القرار الدولي.
يهدف فريق 14 آذار من وراء ذلك إلى إسقاط مفهوم العلاقات المميّزة مع سورية، وتحويل سورية الى دولة عدوة تتقدّم على العدو «الإسرائيلي»، وهذه هي رؤية رئيس «القوات» سمير جعجع الذي قال في العام 2007 جملته الشهيرة: «العدو أمامكم والبحر وراءكم».

اليوم، لا يختلف «الحكيم» علوش كثيراً عن «الحكيم» جعجع حين يقول: «إنّ سورية ليست كـ»إسرائيل»، ولا نكن العداوه للدولة السورية، بل نكن العداوة للنظام السوري».
وتعمد هذه القوى الى تحويل الانتباه من الجنوب حيث يتربّص العدو «الاسرائيلي»، ونصب الفخ لسورية عبر لبنان عن طريق إنشاء منطقة عازلة في شماله برعاية دولية، أيّ العمل على تدويل الوضع في الشمال، وبذلك تكون الولايات المتحدة، قد استرجعت بطريقة غير مباشرة ما كانت قد أرادته من القرار 1701، لكنها عجزت عن تحقيقه بفعل الانتصار المدوّي الذي حققته المقاومة في صدّ العدوان وإفشال كلّ أهدافه.
وأمام الذي يجري، تسأل مصادر في قوى الثامن من آذار: لماذا رفضت قوى 14 آذار إعلان حالة طوارئ في شمال لبنان، ودخول الجيش اللبناني إلى الأوكار في طرابلس وعكار حيث يتواجد المسلحون والإرهابيون والسلفيون وعناصر الجيش السوري الحرّ، الذين يتعرضون للجيش السوري على أراضيه؟ ولماذا اشترطت هذه القوى على الجيش البقاء في ثكناته؟

وإذا كان علوش يحاول التعمية على إمداد تياره، ولا سيما رأس حربته خالد الضاهر، ما يسمّى المعارضين السوريين بالسلاح، بالقول: «لو كنا فعلاً هكذا لما طلبنا بقوات دولية تراقب الحدود»، فإنّ مصادر في الثامن من آذار تسأله عن صحة وجود القواعد العسكرية في منطقة عكار لمسلحين تابعين للمعارضة السورية يقولون إنهم ينتمون إلى ما يسمّى «الجيش السوري الحر» وفق ما نشرته مجلة «لو نوفيل أوبسيرفاتور» الفرنسية في تحقيق لمراسلتها سارة دانيال؟  

السابق
المستقبل يعرقل الإفراج عن المخطوفين؟
التالي
تركيا فــي المتنقع الكردي