عودة الحراك والنقاش في الأوساط الشيعيّة المستقلة !!

تشهد الأوساط الإسلامية الشيعية في لبنان وعدد من الدول العربية حراكاً ونقاشاً موسعاً بشأن التطورات في سوريا وعدد من الدول العربية، ولا سيما على صعيد انعكاساتها على الصعيد اللبناني.

وقد برز في هذا الاطار صدور عدد من البيانات والمواقف من قبل علماء دين وناشطين سياسيين ومثقفين واعلاميين شيعة في لبنان وبعض الدول العربية، وخصوصاً على صعيد الموقف من الوضع السوري ولاظهار التمايز مع موقف حزب الله وحركة أمل والمسؤولين الإيرانيين وبعض القيادات العراقية.

وبموازاة ذلك تزداد الحوارات والنقاشات داخل حزب الله وحركة أمل وبين بعض الأوساط الايرانية والعراقية والخليجية حول كيفية التعاطي مع الأزمة السورية وتداعياتها ولا سيما على صعيد العلاقات السنية – الشيعية.

وفيما حرصت الأوساط الشيعية المستقلة على اعلان مواقف واضحة لدعم الثورة السورية بلا أي تحفظ، فإن النقاشات داخل حزب الله وحركة أمل وفي الأوساط الايرانية والعراقية تركز على كيفية البحث عن مخارج للأزمة السورية، ولا سيما من خلال الحوار السياسي والتواصل مع الدول والقوى المعنية بالوضع السوري، مع الحرص على حماية دور المقاومة وعدم تحول سوريا الى مركز للدول الغربية المعارضة لايران والمقاومة.

فما هي حقيقة الحراك في الأوساط الإسلامية الشيعية؟ وما هي النتائج المتوقعة لهذا الحراك ولا سيما على صعيد دور حزب الله وحركة أمل والقيادات الايرانية والعراقية؟

أشكال الحراك الشيعي

بداية ما هي طبيعة الحراك والنقاش في الأوساط الشيعية المستقلة؟ وما هي أبرز التحركات في هذا المجال؟

المتابع للوضع الإسلامي الشيعي يلحظ بروز نقاش قوي داخل معظم الأوساط الشيعية منذ بداية الثورات العربية وانتقالها الى سوريا وانعكاساتها على الصعيد اللبناني وبعض الدول العربية.

ويركز السؤال الأساسي المطروح على كيفية التعاطي مع هذه الثورات الشعبية وصعود القوى الإسلامية في الدول العربية، وخصوصاً بعد وصول هذه الثورات إلى سوريا.

وفي حين ان بعض الأوساط الاسلامية الشيعية دعت الى دعم كل الثورات العربية بلا تحفظ لأنها تنسجم مع الموقف الإسلامي العام والموقف الشيعي المعادي للظلم والطغيان، فإن بعض الأوساط في حزب الله وحركة أمل والقيادات الايرانية والعراقية أشارت الى وجود بعض التحفظ على كيفية التعاطي مع هذه الثورات، ولا سيما في سوريا، انطلاقاً من الدور السوري في دعم المقاومة وعلاقته الاستراتيجية مع حزب الله وايران وقوى المقاومة والخوف من استغلال ما يجري في سوريا لتغيير الوضع ضد المقاومة.

وقد لوحظ أخيراً انتقال السجالات والنقاشات الى العلن من خلال صدور عدد من البيانات والمواقف لعدد من علماء الدين الشيعة وأبرزهم الأمين العام الأسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي والعلامة السيد محمد حسن الأمين والعلامة السيد هاني فحص الذين دعوا الى دعم الثورات العربية كلها، ولا سيما الثورة السورية من دون أي تحفظ، كذلك صدر في الأسبوع الماضي بيان وقعه عدد من علماء الدين والمثقفين والناشطين السياسيين والاعلاميين دعا الى دعم كل الثورات العربية ودعم قيام دولة المواطنة في لبنان، وركز على دور علماء سوريا في الوحدة الوطنية والإسلامية والدعوة الى وقف أية ممارسات تؤدي الى الفتنة المذهبية.

وبموازاة ذلك بدأنا نشهد لقاءات واجتماعات بين قيادات اسلامية شيعية والاعلان عن تشكيل مؤسسات جديدة تؤكد الدعوة للحوار ورفض الفتنة ودعم الثورات العربية بلا أي تحفظ.

أفق النقاش ودور أمل وحزب الله

لكن الى أين سيؤدي هذا الحراك والنقاش في الأوساط الإسلامية الشيعية المستقلة؟ وهل سينعكس على دور حركة أمل وحزب الله؟

لا بدّ من الاشارة الى أهمية بروز الأصوات الاسلامية الشيعية المستقلة لأن ذلك يؤدي الى ابراز التنوع والتعدد داخل الطائفة الشيعية وانه ليس هناك موقف واحد من كل الأحداث والتطورات، وهذا الأمر ينسجم مع منطق فكر التشيع القائم على الاجتهاد والتنوع، كما انه يساهم في التخفيف من الأجواء المذهبية في العالم العربي والإسلامي ويفتح الباب أمام تواصل وحوار حقيقي مع قوى المعارضة السورية والقوى الاسلامية الداعمة لها، ما يهيّئ الأجواء لأي تغيير سياسي قد يحصل في سوريا.

أما على صعيد دور حركة أمل وحزب الله وموقفهما من الأحداث في سوريا والدول العربية، فتقول مصادر مطلعة على أجواء هذين التنظيمين «ان هناك نقاشات مستمرة داخل المؤسسات السياسية وبين القيادات الحزبية حول ما يجري في سوريا وكيفية حماية الوحدة الاسلامية، وان بعض قياديي الحزب طرحوا عدّة مبادرات وأفكار حول هذا الملف وان هناك نقاشاً جدياً بشأن اصدار مبادرة عربية – اسلامية لمنع الفتنة ولاستيعاب المتغيرات في المنطقة».

اما على صعيد الوضع داخل حركة أمل، فتشير المصادر «الى ان الرئيس نبيه بري يحرص منذ فترة على ان تكون مواقفه متوازنة مما يجري في سوريا والمنطقة وانه كان يُعدّ للدعوة إلى مؤتمر عربي – إسلامي حول الحوار بين الأديان عامة والمذاهب الإسلامية خاصة، وان قيادة الحركة تعمل منذ فترة للبحث في كيفية تعزيز العلاقة مع كل القوى والهيئات الإسلامية سواء في لبنان أو الدول العربية»، ولذلك فإن بروز مواقف شيعية مستقلة قد يساهم في تعزيز الحوار والنقاش حول مختلف التطورات، ما قد يفتح الباب امام منع حصول فتنة مذهبية والتأكيد على أن ما يجري في المنطقة ليس صراعاً مذهبياً أو دينياً، بل هو صراع سياسي بين الأنظمة والقوى المعارضة.

وبالاجمال يمكن التأكيد ان الحراك الإسلامي الشيعي المستقل هو مؤشر ايجابي ينبغي التعاطي معه باهتمام، وخصوصاً من قبل القوى الاسلامية والعربية، وحتى من قبل قيادة حركة أمل وحزب الله لأنه قد يساهم بشكل كبير في قطع الطريق امام الفتنة المذهبية في المنطقة.  

السابق
ماذا بعد مؤتمر عدم الانحياز والانعزال؟
التالي
علي: موقع اليونيفيل على الحدود مع دولة معادية وليس مع سوريا