الابراهيمي عندما يعترف بصعوبة مهمته

عندما يعترف السيد الأخضر الابراهيمي المبعوث العربي والدولي الجديد للازمة السورية بان مهمته شبه مستحيلة في التوصل الى تسوية سلمية، وذلك في حديث الى تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية، فان السؤال الذي يتبادر الى الذهن فورا هو عن الاسباب التي دفعته لقبول هذه المهمة؟
اصدقاء كثيرون نصحوا السيد الابراهيمي الذي عرض عليه قبول هذا التحدي كخليفة لكوفي عنان، عندما كان يقضي اجازة عائلية في باندونغ باندونيسيا بالابتعاد عن هذا الملف الشائك المعقد، ولكن يبدو ان الرجل يريد العودة الى الاضواء مجددا ولا احد يلومه على ذلك.
الازمة السورية لم تكن سهلة في اي يوم من الايام، وازدادت تعقيدا بفضل التدخلات الخارجية فيها، سواء من قبل المعسكر الداعم للنظام بقيادة الثلاثي الروسي ـ الصيني ـ الايراني، او المعارض له الساعي لاسقاطه بزعامة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ومعظم دول جامعة الدول العربية.
السيد كوفي عنان كان افضل حظا من خلفه الابراهيمي، لان الاوضاع على الارض السورية كانت افضل قليلا، فالانتفاضة الشعبية كانت في طور الانتقال من طابعها السلمي الى العسكري، وكانت هناك مبادرات عديدة مطروحة على طاولة المفاوضات المستقبلية مثل المبادرة للحل على الطريقة اليمنية، ووجود استعداد، ولو ظاهري، لدى كل من المعارضة والسلطة للحوار، بدليل قبولهما نقاط عنان الست.
السيد الابراهيمي يأتي وجميع المبادرات قد تبخرت تماما، وبات الحل العسكري هو القاسم المشترك الذي يتفق عليه الجانبان، السلطة والمعارضة، فالحديث الآن يدور حول صراع بين جيشين، مع الفارق في التسليح بينهما، وجماعات جهادية متشددة تضم عناصر من مختلف انحاء العالم الاسلامي، وتعطي الاولوية للجهاد من اجل اسقاط النظام السوري، حتى ان بعضها انسحب من جبهات المعارك في ابين جنوب اليمن للتوجه الى حلب وادلب، مثلما جاء في احد البيانات التي نشرت على مواقع الكترونية جهادية.
المعارضة السورية تقول انها لن تتحاور مع نظام ملطخة اياديه بدماء الشعب السوري، والنظام يقول انه لا حل سلمي قبل تطهير البلاد من كل الجماعات الارهابية وعناصرها، وبالامس كرر السيد عمران الزعبي وزير الاعلام السوري هذه المطالب، وقال لا بد من وقف كل اعمال العنف قبل التفكير في اجراء اي حوار، وزاد على ذلك بقوله ان التلفزيون السوري مفتوح امام عناصر المعارضة الداخلية والخارجية للادلاء بوجهة نظرها بعد الغاء جميع القوائم السوداء.
استبشرنا خيرا بمبادرة الرئيس المصري محمد مرسي التي اقترح فيها حلا اقليميا من خلال لجنة رباعية تضم الدول الكبرى وهي مصر وتركيا وايران والمملكة العربية السعودية، ولكن هذه المبادرة لم تعمر الا بضعة ايام، سرعان ما نسفها، اي الرئيس مرسي، اثناء خطابه الذي القاه في قمة عدم الانحياز وهاجم فيه رأس النظام السوري بقسوة ووصفه بانه رئيس غير شرعي.
السيد الابراهيمي سيصل يوم السبت الى دمشق للقاء الرئيس السوري بشار الاسد، ولا نعرف كيف سيكون هذا اللقاء، وما يمكن ان يتمخض عنه، مثلما لا نعرف ماذا سيطرح السيد الابراهيمي من افكار لم يتم طرحها في السابق من قبل سلفه كوفي عنان.
انها مهمة ليست شبه مستحيلة، بل مستحيلة، ولا نرى انها ستتوصل الى اي حل، انها مجرد مادة جديدة للاعلام يتسلى بها، ويسلي قراءه ومشاهديه لكسر دائرة التكرار، تكرار الاحداث وتقارير القصف، والتقدم والتأخر لهذه القوات او تلك. 
 

السابق
نجمات وحسناوات في مهرجان البندقية
التالي
سميرة سعيد تفكر في الاعتزال