إيرانياً هل يبلِف نتنياهو أوباما؟

أزعجت قمة دول عدم الانحياز التي استضافتها ايران الاسلامية أواخر الاسبوع الماضي رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو. أول سبب لانزعاجه هو ترؤس ايران هذا التجمع الدولي الذي يضم قرابة 120 دولة. وستستمر رئاستها له نحو ثلاث سنوات، وأيضاً الفرصة التي توفرها لها هذه الرئاسة لشرح سياساتها واستراتيجيتها التي تثير قلق اسرائيل والعرب، ولمحاولة رفض الاتهامات التي يوجهها اليها اعداؤها في المنطقة والعالم وفي مقدمهم اميركا واسرائيل، ولفك العزلة الدولية التي نجح هؤلاء في فرضها عليها في السنوات الماضية من جراء استمرار عصيانها بل تمرّدها، وأخيراً لمحاولة التخلص من الآثار السلبية للعقوبات الأميركية والدولية المفروضة عليها. وهي عقوبات مؤذية جداً كما ظهر في المدة الأخيرة. أما ثاني سبب لانزعاج نتنياهو، فهو ان التجمع الكبير لدول عدم الانحياز التي بلغ عددها مئة وعشرين وفّر لايران الاسلامية بل لمرشدها وللولي الفقيه فيها علي خامنئي منبراً استعمله بكل كفاءة للتحريض على اسرائيل. أولاً، بسبب قضية فلسطين إذ لم تتجاوب مع مساعي العالم لايجاد حل لها رغم مسؤوليتها التاريخية عنها مع اميركا والغرب عموماً. وثانياً، بسبب تحميلها مسؤولية الدم الذي يُسفك في سوريا، والفوضى السياسية والأمنية السائدة في عدد من الدول العربية والمرشحة للتمدد في اتجاه دول أخرى في المنطقة.
كيف سيحاول نتنياهو ازالة انزعاجه المشار اليه أعلاه؟

اشارت معلومات جهات اعلامية وديبلوماسية غربية مطلعة الى انه سيعتمد طريقتين لتحقيق غرضه. الأولى، التوجه الى نيويورك الشهر الجاري (أيلول) لتمثيل اسرائيل في الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة وتالياً لالقاء كلمتها فيها. وسيُركِّز في هذه الكلمة على ايضاح حقيقة "النظام الارهابي" الايراني الذي يشكل تهديداً للعالم، وعلى ضرورة تخلّي غالبية الدول الأعضاء في المنظمة الدولية عن صمتها حيال ادعاءاته واتهاماته. وهو صمت مارسه قادة 120 دولة وممثلوها في قمة عدم الانحياز في طهران اواخر الاسبوع الماضي.

لكن المعلومات نفسها لفتت الى أمر آخر هو ان نتنياهو قد يطلب لقاء الرئيس الاميركي باراك أوباما سواء في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أو في واشنطن. والبعض يقول انه طلب اللقاء وان إعداداً يجري له، وإن من دون ان يجزم أحد بموافقة واشنطن عليه في صورة نهائية. وجوهر البحث فيه سيكون معاودة رئيس وزراء اسرائيل الطلب من رئيس اميركا تأييداً أو دعماً لضربة عسكرية توجهها بلاده الى منشآت ايران النووية، خصوصاً في ظل اقتناع حكومته بافشالها الاجتماعات مع مجموعة 6+1 ومع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتالياً بزيادتها نشاطها النووي وباقترابها ربما من مرحلة نووية تجعل التصدي العسكري لها صعباً أو ربما مستحيلاً؟
ماذا سيكون موقف اوباما من طلب كالمفصَّل أعلاه؟

الموقف المبدئي سيكون، وفقاً لمصادر ديبلوماسية غربية مطلعة استمرار الدعوة الى التريث، واستمرار انتظار نتائج الاجتماعات رغم الاحباط الذي أثارته حتى الآن، وانتظار انتهاء الانتخابات الرئاسية الاميركية التي ستجري بعد نحو شهرين. لكن اللافت في الموضوع هو بداية تكوُّن شعور عند ادارة اوباما ان نتنياهو "بَلَفَها" مرة عندما أكد ان بلاده ستضرب عسكرياً ايران النووية في الربيع الماضي. فاقنعته بالامتناع عن ذلك في مقابل اعلان رسمي منها يؤكد رفض اميركا ايران نووية عسكرياً واستعدادها لمنع ذلك بالقوة العسكرية. ولا شيء يمنعه من "بَلفِها" مرة ثانية، فهو الآن يؤكد استعداده لتنفيذ الضربة قبل الانتخابات الرئاسية. فهل "يبلع البلفة" أوباما ويضاعف من تقديماته العسكرية والمالية لاسرائيل ومن تأكيداته باستعمال القوة ضد ايران في الوقت المناسب؟ لا أحد يعرف. لكن ما يعرفه الجميع ان نتنياهو سيحاول ابتزاز اوباما وإدارته الى الآخر. لكن ما يلفِتُ اليه المتحدث عن الشعور المذكور أعلاه، وهو الدكتور مارتن انديك المساعد السابق لوزير خارجية اميركا لشؤون الشرق الأوسط وسفيرها السابق في اسرائيل ومدير مركز "صبان" للابحاث في واشنطن، هو قصة الراعي الذي ذهب قطيعه طعاماً للذئاب اذ لم يصدّقه أهل قريته عندما طلب مساعدتهم لمواهجتها. وسبب عدم تصديقهم كان انه كرر هذا الطلب كاذباً مرات عدة في السابق. وفي حال شعر الاميركيون انهم امام "بلفة" جديدة فإنهم لن يفعلوا الا ما سيفرضه عليهم تحوّل "البلفة" حقيقة.  

السابق
Al Hiwar
التالي
سيرا: نسعى لتعزيز قدرات الجيش اللبناني