سورية لن تركع للعرب المتصهينين

كم هو فظيع أن تجد نفسك تمشي على جمر الكلمات كلما أمسكت بالقلم لتكتب مرغماً.. ولتدخل الى مستنقع الدم.. كم هو مؤلم أن تجد نفسك مشدوداً بالسلاسل والقيود مساقاً الى منصّة الإعدام.. لكي يهدر دمك.. لجريمة لم ترتكبها.. ولأنك رفضت ان تكون شاهد زور على زمن الطوائف.. زمن استحضر فيه العرب حروب داحس والغبراء وكأن سيوفهم ما زالت عطشى للدم.. وتحنّ الى كربلاء..
كلما أمسكت بالقلم أحسّ أنّ اصابعي ترتعش لأنني أعيش في زمان غير زماني، وفي عصر لا أرغب في الانتماء إليه، لا أريد الانتماء الى زمن داحس والغبراء، ولا أريد استحضار فصول مذبحة كربلاء..
أنا الآن أقف على تخومك يا وطني كطائر مذبوح يرقص على دمه.. من أين أدخل إليك يا وطني وخفافيش الردّة احتشدت من الشيشان ومن تركيا ومن اليمن وأفغانستان.. تجمّع الظلاميون والتكفيريون والمرتدّون.. ورفعوا كلّ حرابهم وكلّ خناجرهم ليسدّوا نوافذ الشمس.. جاؤوا ليهدموا أرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد.. جاؤوا ليدمّروا دمشق المدينة التي أحبّها رسول الله وأحبّته..
بعد مرور ما يزيد على 1400 سنة يستيقظ فينا ألف مسيلمة كذاب ليقود الفتنة باسم الدين.. وليقودنا باسم الطوائف والمذاهب الى الاقتتال والموت والخراب.. وألف ألف أبو لهب ليفتن بين المسلمين ويدخلهم في لعبة الدم والموت..
الظلاميون التكفيريون.. تركوا فلسطين.. تركوا القدس والمسجد الأقصى للتهويد وشهروا سيوفهم.. وشحذوا خناجرهم ليحاصروا الشام لإسقاطها وتركيعها وإذلالها.. الظلاميون التكفيريون المرتدّون من كلّ أصقاع الدنيا، ومعهم ضباط من «الموساد الإسرائيلي» ومن أجهزة المخابرات التركية والفرنسية والبريطانية والاميركية وبتمويل ودعم قطري وخليجي.. هؤلاء الذين يقاتلون بسلاح تفوح منه رائحة البترول والدولار لا يمكن أن نصدّق أنهم ثوار وطلاب حرية وديمقراطية وإصلاحات.. لم نقرأ في كتب التاريخ عن ثورة تشبه (الثورة السورية) ولا معارضة تشبه (المعارضة السورية)، هذه المعارضة التي ترفض الحوار تتحرّك بجسد بلا رأس وبلا رؤية وبلا مشروع، مدفوعة بهوس يفوق الجنون للقتل وإراقة الدماء واستعمال المواطنين كدروع بشرية لقتل جنود وضباط الجيش السوري..
ما هذه الثورة التي تقلع ولا تزرع وتدمّر ولا تعمّر؟ ما هذا الاصطفاف العربي والدولي، وهذا الحشد غير المسبوق من الأعداء الذين جلبوا الويلات لشعبنا لمدّ (الثورة السورية) بالمال والسلاح؟ أي علاقة لهذه (الثورة السورية) بشعبنا السوري، وهي التي يتمّ تسليحها وتمويلها من قبل أعداء سورية والعرب بمسلميهم ومسيحيهم؟
لذا، ليس من الضروري ان تكون عبقرياً لتدرك انّ ما يجري على الأرض السورية مؤامرة دولية مكشوفة لتكرار السيناريو العراقي.. لتدمير سورية وتقسيمها لتسهيل مهمّة العدو «الإسرائيلي» في القضاء على المقاومة.. وتحويل منطقة الهلال السوري الخصيب الى مزرعة نكون نحن فيها مجرّد قطعان مدجّنة تساق بالعصى «الإسرائيلية»..
هل نصدّق أن حكام قطر المتحالفين مع «إسرائيل».. وبعض دول الخليج.. وأميركا.. وفرنسا وانكلترا.. و»الموساد الإسرائيلي».. يحبّون الشعب السوري.. ويحبّون العرب.. ليختاروا الوقوف الى جانب (الثورة السورية)؟
ونسأل الذين يذرفون دموع التماسيح على الشعب السوري: «اين كانت دموعكم يوم كانت غزة تحترق بنيران العدوان الإسرائيلي»؟
هذه الطوابير من المجاهدين الذين يتسترون بعباءة الدين.. والذين شهروا سيوفهم وشحذوا خناجرهم.. وجمَعوا صفوفهم ليجاهدوا على الجبهة السورية.. من حقنا ان نسألهم: «أين انتم من الإسلام وكنتم تدّعون ان القدس عروس عروبتكم وثاني قبلتكم وتخليتم عنها وتركتموها للتهويد؟؟ لقد أضعتم البوصلة ونسيتم فلسطين..
من يرى الصهاينة والليكوديّين من أمثال جو ليبرمان وجون ماكين يرتديان علم (الثورة السورية) وهم يجتمعون بقيادة ما يسمّى (الجيش السوري الحر) على الحدود التركية تدرك اية سورية يريدون واية حرية ينشدون..
سورية ستظل عصية على الركوع، ولن تنحني إلا لربّ العالمين.. وستخرج من دوامة الدم والموت.. ولتبقى فلسطين بوصلة لكلّ المجاهدين الصادقين.. سورية لن تركع للعرب المتصهينين.. ولن تشارك في هذه الجنازة التي تعدّ لفلسطين..  

السابق
روسيا تتحرك بوكالة «مدفوعة» عن إسرائيل
التالي
الأسد يعي ما يقول تماما!