المستقبل: قوى الأمن تتصدّى لمحاولة كسرها في قلب بيروت

بقي هاجس الأمن والتطاول على الدولة وأجهزتها وقواها من بعلبك الى بيروت طاغياً على الوضع السياسي المحلي، وموازياً لتصعيد قوات السلطة الأسدية وتيرة اعتداءاتها على المناطق الحدودية شمالاً وبطريقة غير مسبوقة..
وفيما يُنتظر أن يُطلق رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية، دعوة الى المسيحيين "للعودة الى مبرّر وجودهم في هذا الشرق وأن يكونوا على قدر تحديّات المرحلة وفي صلب الربيع العربي"، جدّد رئيس المجلس النيابي نبيه برّي في ذكرى اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا الدعوة الى "الوحدة في وجه الفتنة"، مشيراً الى حالة قلق متصاعدة من نوازع الفتنة التي تهدّد أقطاراً شقيقة".
عكار
وكان لافتاً أمس، أنه وبعد الكشف عن توجه القضاء العسكري الى حسم مسألة ملاحقة رئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي المملوك باستدعائه الى التحقيق في الملف الموقوف فيه الوزير السابق ميشال سماحة والمتعلق بمخطط التفجيرات الإرهابية، شهدت منطقة عكار أعنف قصف من نوعه من قِبَل قوات الأسد منذ بدء الثورة السورية، لناحية غزارته وشدّة نيرانه التي طاولت بلدتي منجز وفريديس وأدت الى إصابة عنصر من القوى الحدودية المشتركة وتضرر عدد من المنازل.
ورأت مصادر شمالية، أن القصف الأسدي بدا رداً على الدعوات الى طرد السفير السوري علي عبد الكريم علي من بيروت وعلى كشف مخطط الأسد المملوك وسماحة الإرهابي، والتوجه لإصدار مذكرة توقيف في حق المملوك، وعلى فشل مشروع الفتنة برمّته، ثم "معاقبة" المناطق المستهدفة لرفضها الانجرار الى الفتنة ولاستقبالها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بما يليق رغم التهديد والوعيد.
وعدا عن ذلك، فإن القصف على بلدة منجز تحديداً جاء ليدحض كل المزاعم التي يسوقها الجانب السوري حول وجود متسلّلين، فهذه البلدة المارونية أصرّ البطريرك الراعي على زيارتها رغم المخاطر الأمنية التي كانت ستطاله أثناء جولته في عكار، رافضاً ما يجري من اعتداءات ومن ممارسات وداعياً في حينه الأهالي الى التشبث بأرضهم ورافضاً أعمال القصف غير المبرر.
ورغم الزيارة فإن البلدة ما انفكت تتعرض لأعمال القصف في ظل رفض أهلها ونفي كل كلام عن وجود "متسلّلين أو إرهابيين"، داعين الجيش اللبناني الى لعب دوره كاملاً في حماية الأهالي ومناشدين رئيس الجمهورية وقائد الجيش العماد جان قهوجي لاتخاذ إجراءات للجم ما يجري من اعتداءات على أراضيهم وممتلكاتهم، بخاصة وأن المثلث الذي يتعرض للقصف إنما يضم منازل وديراً ومواقع للجيش.
الحمراء..
الى ذلك، انتهى حادث التعرّض لأحد عناصر قوى الأمن الداخلي في منطقة الحمراء على أيدي عناصر تابعة لـ"الحزب السوري القومي الاجتماعي" بتسليم عنصرين منهم، ورد مسدس أميري، بعد أن أصرّت القوى الأمنية على تعقّب الفاعلين أياً كانوا.
وكان الحادث وقع ليل الخميس الجمعة بين عدد من عناصر الحزب "القومي" وعناصر من قوى الأمن الداخلي، عمد خلاله القوميون الى سلب أحد الدركيين مسدسه الأميري والاعتداء عليه.
ومع ساعات الصباح أعيد المسدس لكن القوى الأمنية اتخذت سلسلة من الإجراءات المشددة في محيط مكتب الحزب في الحمراء، وانتشر أكثر من 100 عنصر من القوى السيارة وشعبة المعلومات بالعتاد الكامل عند المفارق الأساسية والشوارع المجاورة. وطالبت بتسليمها المعتدين، الأمر الذي تمّ بعد ساعات معدودة.
ورأت مصادر متابعة، أن الاعتداء على العنصر الأمني التابع لـ"شعبة المعلومات" كان "متعمداً ومدبّراً ومخططاً له مسبقاً. وهو بمثابة رسالة الى الشعبة المغضوب عليها من الحزب القومي والفريق السياسي الذي ينتمي إليه". واضعة الحادثة في "سياق الرد الناعم على قضية توقيف سماحة وإفشال المخطط الذي كان قيد التنفيذ بتدبير وأمر من رأس النظام في سوريا، بما يشبه البروفة لعمل أكبر لم يسقط من حسبان الأجهزة المختصة، باعتبار أن الضربة التي وُجهت الى هذا الفريق من خلال توقيف سماحة، وكشف تورط مملوك معه، كانت قوية جداً وغير متوقعة".
وأشارت المصادر من جهة ثانية، الى أن جريمة قتل المؤهل أول في قوى الأمن الداخلي علي نصرالله في كمين نُصب له في بعلبك أول من أمس، ارتكبت بدورها عن سابق تصور وتصميم، "وجاءت كردّ مباشر على نجاح قوى الأمن في حسم معركة إتلاف الحقول المزروعة بنبتة الحشيشة في جرود اليمونة وغيرها لصالح الدولة، بعد أن واجهت جبهتين في آن، الأولى جبهة التخلص من السموم المخدرة، والثانية مواجهة زراعي الأراضي ومن يغطيهم في مواجهات مسلحة استخدمت فيها ضدّ العناصر الأمنية الرشاشات الخفيفة والمتوسطة والقذائف الصاروخية، كما أنها أتت كرد على نجاح هذا الجهاز الأمني في اختراق حصون عصابات السرقة والسلب والخطف وتحرير الرهائن من خاطفيهم والتخفيف من الأضرار التي تلحق بلبنان نتيجة تحويل قوى سياسية هذا البلد الى غابة تصول فيها العصابات من دون حسيب أو رقيب".
جعجع
إلى ذلك، علمت "المستقبل" أنّ الدكتور جعجع سيلقي اليوم في قدّاس شهداء المقاومة اللبنانية في معراب، كلمة سياسية بامتياز سيؤكد فيها على جملة معطيات منها "الاستمرار في المواجهة رغم كل التحديات، وتفنيد كل الأكاذيب والمغالطات التي ارتكبها ويرتكبها النظام السوري بحق لبنان، ودعوة اللبنانيين إلى التمييز بين النظام الأسدي من جهة والشعب السوري من جهة ثانية، ودعوة الأكثرية الحكومية والتزاماً بمبادئ الشرعة العالمية لحقوق الإنسان، إلى القيام بواجبها الأخلاقي والإنساني تجاه النازحين السوريين في لبنان".
كما سيفنّد أخطاء الأكثرية الحكومية "والدرك الذي أوصلت إليه البلاد". وسيدعو المسيحيين إلى "العودة إلى مبرر وجودهم في هذا الشرق وأن يكونوا على قدر تحديات المرحلة وفي صلب الربيع العربي، واللبنانيين إلى المشاركة في الانتخابات النيابية والاقتراع لمشروع الدولة".
برّي
وفي مهرجان ذكرى اختطاف الإمام الصدر تحدث الرئيس برّي عن "إشارات إيجابية" قريبة جداً في هذا الملف وأكد أن ما سُرِّب عن جثامين "غير صحيح". ورحّب بزيارة البابا بنديكتوس السادس عشر إلى لبنان وقال: "نعيش حالة قلق متصاعدة من نوازع الفتنة المذهبية والطائفية التي تهدد أقطاراً شقيقة، ونحن في لبنان، وقد أصابنا ما أصابنا، نتيجة الحروب الصغيرة والكبيرة التي عشناها يحق لنا أن نوجّه عناية الجميع إلى أنّ الوحدة هي الردّ على الفتنة".
سليمان
وبعد عودة رئيس الجمهورية العماد سليمان من طهران حيث شارك في قمّة دول عدم الانحياز، قالت مصادر قصر بعبدا لـ"المستقبل" إن اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين الإيرانيين تركّزت حول المبادرة السياسية التي يعدّها الإيرانيون لحل الأزمة السورية، وأنّ رئيس الجمهورية شدّد خلال لقائه مع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي خصوصاً "على أنّ لبنان مع الحل السياسي للأزمة السورية ووقف العنف فوراً وعدم التدخّل العسكري الأجنبي في سوريا ودعوة جميع الأطراف السياسية السورية إلى طاولة حوار داخلية".
وقالت المصادر "إن الجانب الإيراني كان يستطلع آراء الدول المحيطة بسوريا قبل وضع اللمسات الأخيرة على مبادرته التي يبدو أنه سيطلقها قريباً"، ولفتت المصادر الى "أن السيد خامنئي شدّد على أن إيران تحرص على أن يكون لبنان مستقراً وبعيداً عن تأثيرات ما يحصل في سوريا والمنطقة".
ونفت المصادر "أن يكون رئيس الجمهورية بحث مع الجانب الإيراني في موضوع سلاح حزب الله"، كما نفت الكلام عن محاولة إيرانية "لترطيب الأجواء بين الرئاستين اللبنانية والسورية، بعد الكلام السوري الأخير بأنّ رئيس الجمهورية سينتظر طويلاً اتصال الأسد".
وقالت المصادر إن أي لقاء لم يحصل بين الوفدين اللبناني والسوري في طهران.  

السابق
الديار: بحر شعبي غمر الجنوب بوجود بري في ذكرى الصدر
التالي
الأنوار: بري يحمّل الدولة مسؤولية الرعب في المناطق الحدودية