مياه باردة على عدم الإنحياز!

القى محمد مرسي مياهاً باردة على رأس قمة "عدم الانحياز" في اللحظة الاولى لافتتاحها، عندما اعتلى المنبر مندداً بعمليات "القتل والقمع التي تقوم بها قوات بشار الاسد ونظامه الظالم والقمعي"، وهو ما دفع الوفد السوري الى الانسحاب في ما يمثل اجهاضاً مبكراً للرهان على جعل القمة مناسبة لتوفير شيء من التأييد لموقف ايران المنحاز الى النظام السوري!
قبل كلام مرسي كان المرشد علي خامنئي قد القى في كلمته الافتتاحية مياهاً باردة ايضاً على رأس"عدم الانحياز"، عندما ندد بالشرعية الدولية واصفاً مجلس الامن بأنه "ديكتاتورية واضحة تفتقر الى العقلانية"، وهو ما دفع الكثيرين من المراقبين الى القول هذه ليست قمة لعدم الانحياز بل قمة لنبش جثة هذه الحركة المهترئة التي ماتت منذ نصف قرن تقريباً، عندما سبقت مؤسسيها الكبار جواهر لال نهرو واحمد سوكارنو وجمال عبد الناصر وجوزف بروز تيتو الى القبر، بعدما فشلت آنذاك في ان تشكل فارقاً بين الرأسمالية والشيوعية ايام "الاستقطاب الثنائي".

في أي حال كان واضحا ان ايران التي تذهب في سياسات الانحياز الى مداها الاقصى تجتهد لتوفير حشد دولي بهدف الايحاء انها لا تعاني من العزلة او من العقوبات. وفي هذا السياق يقول علي اكبر صالحي "ان القمة هي انجاز كبير لايران وان على الذين يقولون انها تعيش في عزلة سياسية ان يشاهدوا ان كلامنا لم يكن شعاراً "!
وتأتي القمة بعد اجتماع نظمته طهران قبل عشرة ايام للبحث في الازمة السورية بعدما فشلت مهمة كوفي انان، وسيليه اجتماع آخر دعت اليه بعنوان "مؤتمر اصدقاء سوريا"، لكن من الضروري الملاحظة ان كل هذه الحركة الديبلوماسية والسياسية انما تأتي في موازاة تصاعد الحديث عن امكان قيام اسرائيل وبمساعدة اميركية بتوجيه ضربة الى المنشآت النووية الايرانية.

السؤال الاساس في موضوع القمة التي لن تقدم او تؤخر، ليس المعنى غير الواقعي لعدم الانحياز ونحن في عالم أحادي تقريباً، بل ماذا يمكن ان تقدم الدول الـ130 التي حضرت القمة الى النظام السوري المتحالف مع ايران والمنزلق الى حرب اهلية طويلة باعتراف الاسد اول من امس، وكذلك ماذا يمكن ان تقدمه الى ايران التي قد تتعرض لهجمات تستهدف منشآتها النووية وخصوصاً بعد وصول المفاوضات الدولية معها الى حائط مسدود؟
القمة لن تقدم شيئاً غير مجموعة من الصور التذكارية لن تفيد الاسد ولا طهران، وخصوصا تلك الصورة الظريفة جداً عندما جلس جيفري فيلتمان "ابن الشيطان الاكبر" في حضرة المرشد علي خامنئي، بينما كان "ابليس الاخر" تيري رود – لارسن يجول في طهران!  

السابق
رؤوس في دائرة الخطر فمَن يحميها؟
التالي
سعد: قبض… لم يقبض!