رسالة إلى الرئيس بري: أهكذا تُحيى ذكرى الإمام الصدر ؟!

 في أجواء ذكرى 31 آب، يوم الإمام موسى الصدر، أرغب في توجيه رسالة ودية مفتوحة الى دولة الرئيس الاستاذ نبيه بري، حول الكيفية الحقيقية لاحياء الذكرى، بعيداً عن الطريقة التقليدية التي تعتمدها حركة "أمل" في الإحياء ولا سيما أن هذا الإحياء أضحى يتخذ شكل  المهرجانات الانتخابية ومضمونها، فعلى مدار السنوات الأربع تحيى الذكرى عاماً في بيروت، وآخر في البقاع، وثالثا في صور، ورابعا في النبطية، على أن تكون الذكرى التي تسبق الانتخابات النيابية في الجنوب اللبناني!

على كل، مع الاقرار بأن للرئيس بري ولحركة "أمل" دوراً مميزاً عن بعض القوى السياسية، ومع الاعتراف بأن الرئيس نبيه بري أضحى الجهة المعتدلة ضمن قوى الأمر الواقع الشيعية، ومع كامل التقدير لكل من يعمل على إحياء ذكرى الإمام الصدر، أقدم جملة أمور تمثل الإحياء الفعلي والعملي للذكرى الطيبة للإمام السيد موسى الصدر، وهي:

1 – تمتين الوحدة الوطنية:

تأتي ذكرى الإمام الصدر هذا العام، والوطن منقسم بشدة. ولكون الإمام الصدر رجل وحدة بامتياز، كان من دعاة الحوار والتواصل، فان احياء ذكراه يكون باحياء المفاهيم التي كان يعمل عليها.

لذا، دولة الرئيس، المأمول منكم أن تسعوا جهدكم في هذا المضمار، في السعي الى تعزيز أواصر العلاقات اللبنانية – اللبنانية.

2 – تبني الثورة السورية:

إن الإمام الصدر الذي ثار وانتفض في الداخل اللبناني، مطالباً بعدد من القضايا، ولا سيما بانصاف المستضعفين، وإعطاء كل صاحب حق حقه… فانه من الطبيعي لو كان الإمام الصدر موجوداً الآن، لكان من أبرز المدافعين عن الحقوق المهضومة للشعب السوري، في حقه في دولة عادلة، وحقه في دولة ديموقراطية وحقه في تداول السلطة.

لذا صاحب الدولة، نتوجه لك من موقع الدين والحب والوفاء، على أن تقف وقفة شجاعة مع الشعب السوري الثائر البطل، التوّاق إلى الحرية والعدالة، وبذلك يكون الإحياء الأمثل لذكراه العطرة.

3 – ترتيب وضع المجلس الشيعي:

بما أن الإمام الصدر أحد أهم مؤسسي المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ولكونه كان رئيسه حتى غيابه، فخير إحياء لذكراه يكون بترتيب الوضع الداخلي للمجلس الشيعي، ومعاودة دوره الوطني، لا الطائفي، فالمجلس أهم وأكبر من أن يتقزم ليخدم مجموعة سياسية صغيرة، ومن الظلم أن يقف عمل المجلس عند هذا الحد، هل ترى الإمام يكون مرتاحاً بأن آخر انتخابات داخلية في المجلس – للهيئتين الشرعية والتنفيذية – حصلت في أيامه فقط، وتحديداً عام 1975، وكأنه هو فقط من يحترم القوانين والاستحقاقات!

دولة الرئيس، نفهم التمديد للمجلس الشيعي خلال فترة الحرب، ولكن لا يمكن فهم التأجيل منذ انتهاء الحرب اللبنانية. فمن عشرين عاماً تقريباً ولتاريخه لا يوجد ما يمنع إجراء الانتخابات.

عام 1994 بعدما عقدتم صفقة مع "حزب الله"، أجريتم انتخابات شملت موقع الرئيس ونائبه الأول، فماذا منعكم من أن تجروا انتخابات لأعضاء الهيئة الشرعية والتنفيذية؟! وهل يعقل أن منصب الرئيس اليوم ما زال شاغراً منذ وفاة الإمام شمس الدين بداية عام 2001؟! دون التوسع في الموضوع أكثر.

فان مقتضى الوفاء للإمام الصدر الاهتمام بالمجلس الشيعي، فهو أمانته بين أيدينا، ليتنا نحسن حفظها!

4 – الحفاظ على التنوع الشيعي:

من أبرز مطالب الإمام الصدر كان المحافظة على التنوع بكل أشكاله، ضمن صفوف الطائفة الشيعية. ومن هذا المنطلق تحرك الإمام الصدر مستنهضاً المجتمع الشيعي، كما نشط على محور الطوائف اللبنانية قاصداً احترام خصوصيات كل من يتميز بشيء، فله حق التميّز، وحق الاختلاف، وحق التنوع، وعلينا واجب المحافظة على هذه الخصوصيات، التي تنتج مجتمعاً غنياً بتعدد ثقافاته وحضاراته وأديانه، وغنياً بضمانه لحق الاختلاف والتنوع.

وعليه فالسير بسيرة الإمام الصدر يكون بأن نترك مجالاً لكل من يختلف معنا لكي يأخذ مكانه في الساحة، والساحة ليست حكراً على طرف واحد، ولا يجوز أن نسمح بالاحتكار والاستئثار بالسلطة من قبل جهة واحدة، فهذا نقيض مسلك الامام الصدر وخطابه ورؤاه.

لذا واجب الوفاء لفكر الإمام الصدر يلزم بافساح المجال وتشجيع القوى الشيعية المستقلة، هذا الشيء الذي ينعكس تنوعاً لبنانياً سياسياً، ويضع حداً للاصطفاف الطائفي السني – الشيعي الحالي.

نكرر أن هذه الملاحظات نابعة من موقع الحرص على مكانتكم ضمن الطائفة والوطن، ولكونكم اليوم تشكلون صمام أمان، وما نداؤكم الأخير إلا خير دليل على سوء الوضع الداخلي اللبناني.

يبقى انه في يوم الإمام الصدر، آن لنا أن نقف وقفة نوعية، وقفة للتاريخ، ورحمة بالإمام الصدر، يحسن بنا الاضاءة على مصيره، ولو كان المصير مراً.
 

السابق
جنبلاط لـ”النهار”: بعض 8 آذار يستهلك “الفاليوم
التالي
قاسم: نرفض استقدام قوات دولية إلى الحدود الشمالية