يعقوب شمعون يروي سيرة عذابات 27 عاما في السجون السورية

تبدو 27 عاماً جملة يسهل لفظها، لكن احتسابها في يوميات معتقلات النظام السوري ليس بالامر السهل ابداً، وخصوصاً متى كانت ظلماً وقهراً واستبداداً نظير ملفات المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية الذين اقتيدوا قسراً من بيوتهم واعمالهم في لبنان الى ما وراء الحدود لتختفي آثارهم ويتم تجهيل الفاعل سواء من الحكومات اللبنانية المتعاقبة ام من المتعاملين مع السوريين الذين انكروا القضية وحاولوا طمسها بربطها بقضية المفقودين في الحرب اللبنانية.

لا تختلف قصة يعقوب شمعون السرياني الارثوذكسي عن مأساة اللبنانيين الاخرين المعتقلين، فهو خطف ونقل الى فرع أمن الدولة العام 1985 لتبدأ جلجلته على درب العذاب البعثي. وعلى غرار سيرة كل معتقل في تلك الزنزانات خضع يعقوب للتعذيب بكل اشكاله، قبل ان يحاكم ميدانياً في محكمة صورية، بتهمة الانتماء الى حزب الكتائب اللبنانية و"التجند لدى دولة معادية" ويتلقى حكماً بالاشغال الشاقة المؤبدة.

هكذا بدأت سيرته في المعتقلات الطويلة من المزة الشهير حيث التقى علي ابو دهن، وسمع عن شبان من زحلة احدهم يدعى الياس شعيا وشقيقه يوسف، واحمد ومحمود ص. والياس مجهول باقي الهوية، وجميعهم لبنانيون. لينتقل بعد ذلك خلال العام 1992 الى معتقل تدمر الشهير ويبقى سجيناً فيه من العام 2001 في ظروف "تعجز الكلمات عن وصفها"، على ما يقول يعقوب. ويروي انه يصعب التمييز بين لبنانيين وآخرين في تدمر، لكن كل ما عرفه ان هناك "جناحا" يتسع لحوالى 30 شخصاً كان يضم لبنانيين من بينهم اسلاميون وكتائبيون و"قواتيون" ومتهمون بالتعامل مع اسرائيل وآخرين.

"الرعب في ذاته"، كلمات تختصر حال شمعون في وصف ما تعرض له وترك آثاره النفسية العميقة عليه، بدءاً من السير مغمض العينين، الى التعذيب الشديد والقمع والقليل من الرز والبرغل مع الكثير من النمل على مدار الساعة تحت اشراف الشرطة العسكرية السورية التي يقول انها تتولى ادارة معتقل تدمر، حيث عاش 9 سنوات لينقل العام 2001 الى سجن صيدنايا ومجددا يشهد انتفاضة السجناء مرتين ضد ادارته للمطالبة بتحسين ظروف الاعتقال كما شهد تقاتل السجناء بعضهم مع بعض.

وفي معتقل صيدنايا التقى اللبناني قيس منذر ولبنانيين منهم معتقل من آل حنا في المهجع رقم 14. واستمر شمعون سجيناً حتى الافراج عنه بعدما دفع اموالاً ليخرج، وكانت عائلته "باعت ما فوقها وتحتها" كي تؤمن الافراج عنه وهي تعيش في منزل بالايجار في البوشرية وسط فقر مدقع وحال صعبة.

هذه هي باختصار قصة يعقوب شمعون الذي يبحث عن اقرب سفارة للهجرة دفعا لعيش المهانة والاذلال في هذه البلاد.   

السابق
عمرو دياب باق في مصر
التالي
كرزون وعملية تجميل إضافية