النهار: حملة طرد السفير السوري إلى تصعيد الحكومة العائدة تصطدم بالخلاف النفطي

اتخذت المضاعفات السياسية الداخلية لمجموعة تطورات أمنية متصلة بملف العلاقات اللبنانية – السورية، ولا سيما منها تداعيات قضية الوزير السابق ميشال سماحة الموقوف في ملف الاعداد لأعمال ارهابية، وجهاً تصعيدياً جديداً أمس مع التحرك الأوسع في الشارع الذي قامت به المنظمات الطالبية والشبابية لقوى 14 آذار مطالبة خصوصاً بطرد السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي والغاء معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق بين البلدين.

وبدت هذه المضاعفات مرشحة لمزيد من التفاعل الساخن في ظل "اقتحام" أصداء التظاهرة التي نظمتها قوى 14 آذارأمام مبنى وزارة الخارجية والمغتربين مناقشات مجلس الوزراء الذي انعقد مساء في السرايا بعد إجازة طويلة، وكذلك في ظل مزيد من المحطات الشعبية المماثلة التي ستتوالى تباعاً.

واعتبرت مصادر بارزة في قوى 14 آذار ان "الرد السوري" على تحركها أمس عبر "جمع السفارة السورية في بيروت لما يسمى الأحزاب الوطنية لا يعدو كونه استعادة هزيلة لدور عنجر إبان عصر الوصاية السورية على لبنان وإنما هذه المرة على مستوى الدرجة الثالثة والرابعة من القيادات الحزبية في انكشاف واضح لواقع النظام السوري حيال حلفائه". وأضافت ان السفير السوري علي عبد الكريم علي "اضطر شخصياً الى الرد بنفسه على تحرك 14 آذار مما يعني أن هذا التحرك أصاب نقاطاً مؤثرة لا يمكن معها تجاهل المناخ الذي أطلقته في البلاد". كما رأت في هذا الرد "رسالة غير مباشرة ومبطنة الى بعض المراجع الرسمية"، في اشارة واضحة الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي "أثار غضب النظام السوري في الآونة الأخيرة بفعل مواقفه المتقدمة في الحفاظ على سيادة البلد وأمنه ورفضه لأي انتهاك سوري لهما".

وكان السفير علي صرح عقب استقباله "لقاء الأحزاب الوطنية" "إن التحرك الطالبي أمام وزارة الخارجية "هو جزء من الانقسام الحاصل في لبنان وهم لا يستندون إلا الى احباط يشعر به من يوجهون هذا التحرك". وقال: “ان الغالبية الكبرى من القيادات (اللبنانية) هي مع التكامل السوري اللبناني واحتضان المقاومة وعدم التفريط في السيادة".

في المقابل، وصف منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد التظاهرة أمام وزارة الخارجية ضد النظام السوري بأنها "وطنية جامعة حددت مطلباً واضحاً ضد النظام السوري وحضت على طرد رمزه في بيروت السفير علي". وقال سعيد لـ"النهار" إن التظاهرة "كسرت مقولة أن المسيحيين في لبنان يؤيدون النظام السوري أو يوالونه (…) كما أكدت التظاهرة أن قوى 14 آذار ستستقبل تداعيات سقوط النظام السوري عبر مساحة وطنية تتشكل من اجتماع أحزابها وتياراتها والشخصيات والمجتمع المدني المنفتح وليس من مربعات مذهبية أو حزبية". وأكد أن خطوات لاحقة "ستليها في وجه الدولة كلما تقاعست عن القيام بواجبها سواء في ضبط الأمن أو في حماية اللبنانيين من الخطط التفجيرية التي يهندسها النظام السوري".

ويشار في هذا السياق الى ان الحزب التقدمي الاشتراكي ينظم من جانبه تجمعا شعبيا بعد ظهر غد قرب ساحة سمير قصير في وسط بيروت. وصرح مفوض الإعلام في الحزب رامي الريس لـ"النهار" بأن هذا التحرك يأتي في اطار "المواقف السياسية المنحازة الى الشعب السوري الرافض استمرار آلة القتل وينسجم مع المنطق القائل باستحالة القبول ببقاء السفير السوري في بيروت على ضوء ما يرتكبه النظام السوري من مجازر يومية في حق الشعب السوري". وإذ لفت الى ان الحزب يطالب للمرة الاولى بطرد السفير السوري، ذكر أنه سبق للحزب عبر رئيسه وليد جنبلاط "أن تحرك من أجل نصرة الشعب السوري واستنكارا لخطف القيادي شبلي العيسمي، كما عبّر على طاولة مجلس الوزراء وخارجها عن موقفه الرافض لقرار الامن العام تسليم 14 ناشطاً سورياً الى السلطات السورية".

مجلس الوزراء

في غضون ذلك، عاود مجلس الوزراء جلساته مساء أمس وشهدت جلسته مداخلة لرئيس الوزراء نجيب ميقاتي تناول فيها معظم التطورات الامنية الاخيرة. وفيما كان المجلس يستمع الى ميقاتي يتحدث عن تجديد الدعم للجيش وقوى الامن في ضبط الوضع الامني وعدم السماح لأي كان بتغطية الارتكابات وتأكيده مباشرة القضاء تسطير الاستنابات وتوقيف بعض المخلين بالأمن، لعلع الرصاص في محيط السرايا، وعمل وزير الداخلية مروان شربل على اجراء اتصالات لمعرفة مصدر الرشقات الكثيفة، فتبين ان سببها الابتهاج باطلاق الموقوف وسام علاء الدين في قضية الاعتداء على محطة تلفزيون "الجديد" بكفالة مليون ليرة.

وأثير في المداخلات موضوع تظاهرة قوى 14 آذار، فاستنكر الوزير علي قانصو هذا التحرك امام وزارة الخارجية للمطالبة بطرد السفير السوري واعتبر أنه "كان الاحرى بهم التظاهر امام السفارة الاميركية بعدما تبين كيف انها تحولت وكراً للتجسس والتدخل في كل شاردة وواردة في شؤوننا الداخلية". ثم كانت مداخلة للوزير علي حسن خليل في ملف المنطقة الاقتصادية الخالصة والتنقيب عن الموارد النفطية، فأبدى "عتبه على تسريبات اعلامية لا يمكن القبول بها". وقال في موضوع تشكيل هيئة ادارة قطاع النفط: "نحن ملتزمون الآلية التي أفرزت نتائجها ثلاثة مرشحين ونحن موافقون على الاسم (الشيعي) ولا يرمين أحد الكرة في ملعب الفريق الشيعي"، داعيا الى رفع الاسماء الى مجلس الوزراء.
وعلمت "النهار" ان مجلس الوزراء ناقش تقرير لجنة الحدود البحرية في حضور المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي واللواء عبد الرحمن شحيتلي ودار النقاش على قضية خلافية جديدة من حيث الخط الذي رسمته الدولة والذي لا تعترف به اسرائيل. وطرح في الجلسة العمل عبر الامم المتحدة والولايات المتحدة من أجل تغيير الخط وعدم ابقاء المنطقة موضع نزاع من دون التنازل عن حق لبنان. ولكن تقرر ارجاء بت الموضوع لأن وزراء أرادوا استيضاح وزير الخارجية عدنان منصور بعض المعطيات الواردة في التقرير واستمهلوا الى حين عودته من طهران. واعترض وزير الطاقة والمياه جبران باسيل على طرح الملف في غياب الوزير منصور، مذكرا بأن مجلس الوزراء كان أقر مرسوما خاصا بالحدود البحرية للبنان "ولا موجبات قانونية تقنية وسياسية وديبلوماسية لعرضه مرة جديدة". وأكد أن هذه القضية "ليست هي التي تؤخر لبنان في التنقيب عن نفطه".
سليمان في طهران
في غضون ذلك، وصل رئيس الجمهورية ميشال سليمان مساء أمس الى طهران للمشاركة في قمة دول عدم الانحياز التي تبدأ اعمالها اليوم. وأعلن عقب وصوله انه "يتوقع من المؤتمر ان يتخذ قرارات غير منحازة تتيح لشعوب المنطقة وشعوب العالم ان تحقق ديموقراطيتها بنفسها من دون عنف او تدخل خارجي في شؤونها وتحقق تاليا ازدهارها وتطورها وسلامها".  

السابق
الحياة: الأمن على طاولة مجلس الوزراء وميقاتي يؤكد أن المخلين سيلاحقون
التالي
اللواء: وفد أمني إلى أنقره اليوم وأنباء سارة عن اصطحاب المخطوفين