نهر الليطاني ميّت وبحيرة القرعون تحوي مواد سامة والوضع بائس

مجرور" ضخم وليس نهراً. هذه هي الصفة التي يصحّ إطلاقها على نهر الليطاني الذي ينبع من منطقة العليق غربي بعلبك ويشغل حوضه نحو 22% من مساحة لبنان. ويخترق كامل البقاع وجزءاً من جنوب لبنان بطول 170 كلم قبل أن يصب في البحر شمال صور.

النهر تحوّل إلى مجرى مكشوف لمياه الصرف الصحي، ومكب لنفايات القرى المتاخمة له، فالمجاري والمنابع والمصبّات ملوّثة بدرجات شديدة السميّة، بسبب غياب الإدارة والخطط السليمة والبنى التحتيّة الضرورية، إضافةً الى عدم تردّد أصحاب المعامل والمصانع في افلات مجاري الصرف الصحي والنفايات الصناعية في مياه النهر.

يرى الدكتور كمال سليم الباحث في "مجلس البحوث العلمية" في حديث لموقع now أنّ "نسبة التلوّث في النهر مرتفعة جداً"، مشيراً إلى أنّ "مُدن البقاع وقراه تصب مياهها الآسنة فيه، وكذلك نفايات المعامل الصلبة، بالاضافة إلى نفايات المستشفيات".

ويلفت سليم الى أن "نسبة التلوث ترتفع بمعدلات كبيرة جداً خاصة في فصل الصيف حيث تشح مياه النهر الجارية وتبقى نفايات المياه الآسنة والمعامل متجمعة في مجراه".
ويرى أنّ "التلوّث الموجود في الليطاني هو كيماوي وبيولوجي"، مشدّداً على أنّ "المعالجة تبدأ من منابع النهر في العليق غربي بعلبك، والبردوني، وعنجر، وذلك عبر تشييد حرم للمنبع ومنع التعديات والبناء على ضفتي النهر لأنها ملك عام وهذا أمر مخالف للقانون".

يشير سليم إلى أن "القوانين التي ترعى حرمة الانهر تمنع رمي النفايات في المجاري من أي نوع كانت. لكنه يستدرك: "نحن أمام نهر ميّت، وبحيرة القرعون تحوي مواد سامة تُروى بها المزروعات. الوضع ميؤوس منه والحل الوحيد هو المباشرة في اتّخاذ إجراءات فعليّة لحماية النهر، تبدأ من البلديات والمجتمع الاهلي لأنّ المسؤولية ليست فقط على الدولة فهي تطال الجميع".

خوري: 150 مليون دولار للمعالجة

وزير البيئة ناظم الخوري يشير لموقع "NOW" الى أنّه "منذ تولّيه وزارة البيئة أعطى موضوع تلوث الليطاني اهتماماً كبيراً، مشيراً الى أن هناك اجتماعات دورية للجنة معنية بهذا الملف في الوزارة من أجل ايجاد حل لمشكلة التلوث".

ويضيف الخوري ان "الوزارة تعد دراسة لمعالجة مشكلة التلوث في النهر ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي مطلع على هذا الأمر. ويجري العمل لإيجاد التمويل والذي وبحسب الدراسة يبلغ 150 مليون دولار للتخلص من مشكلة تلوثه".

وحول موعد الانتهاء من اعداد الدراسة قال الخوري: "لا يمكن أن أعد بحلول قريبة جداً أو انجاز الدراسة، لأن هذا البلد لا حلول قريبة فيه. فنحن بحاجة الى تمويل وبصدد اعادة النظر في بعض بنود الدراسة لانها أعدّت في فترة سابقة ولم نقم بدراسات جديدة. وما نقوم به الآن هو أخذ اقتراحات من نواب المنطقة ومجلس الإنماء والإعمار للانتهاء من الدراسة وتقديمها للجنة البيئة في المجلس النيابي".

(NOW)

عراجي: البقاع لن يسكت

من جهته، لفت عضو كتلة "المستقبل" النائب عاصم عراجي، في حديث لموقعنا، إلى أنّه "تقدّم بسؤالين للحكومة حول موضوع مجرى الليطاني والتلوّث الموجود فيه"، مشيرًا إلى أنّه "لم يقتنع بجواب وزارة الطاقة والمياه ورئاسة مجلس الوزراء عبر رئاسة "مجلس الإنماء والإعمار"، وذلك لأن الردود تضمنت وعوداً بدراسة الملف في الحكومة، وتقديم حجج بعدم وجود تمويل كما ردّت وزارة الطاقة والمياه على السؤال".

وأشار عراجي الى أن "هناك دراسة لإنشاء محطة للتكرير في بلدة تمنين في البقاع الأوسط وحتى الآن لم تنفّذ، ومحطة للتكرير في زحلة أُنجز 70 % منها وبُدئ العمل بها في العام 2001 بتمويل إيطالي وحتى الآن لم تُنجز بشكل نهائي، والمحطة الثالثة تقع بين قب الياس والمرج وحتى الآن لم تُلزّم، والمحطة الرابعة في جب جنين وهي أُنجزت ولكن ليس هناك من أموال لتشغيلها، والمحطّة الخامسة في صغبين، والسادسة في القرعون".

مصادر التلوث

وأوضح عراجي أنّ "مصادر التلوّث عديدة من بينها النفايات الصناعيّة السائلة الناتجة من مرميّات مصانع المواد الغذائية والخمور والورق والمدابغ والزيوت المعدنية والمشتقات النفطيّة، مروراً بالمخلّفات الصناعيّة الصلبة المتأتية من مكبات النفايات المنزلية المنتشرة عشوائياً ومن معامل الحجر والأخشاب والكرتون والبلاستيك، إلى جانب مصبات الصرف الصحي والمياه المبتذلة المتدفقة من عشرات القرى والمدن في البقاع مع العلم أنّه في البقاع هناك ستة محطات لتكرير المياه المبتذلة تمتد من نبع العليق غرب بعلبك وصولاً إلى القرعون".

وأشار عراجي إلى أنّ "الملوّثات الزراعيّة الناجمة عن استعمال المواد الكيميائيّة والمبيدات تشكّل جزءاً كبيراً من مشكلة التلوّث لتضاف إلى النفايات السائلة المنزليّة، والمياه المبتذلة ونفايات مزارع المواشي، مكوّنة المصدر الأكبر للتلوّث"، لافتاً إلى أنّ "هناك جرثومة منتشرة في منطقة البقاع واسمها جرثومة "salmonela" وهي تُعدّ تلوثًا بكتيريًا وتؤدي إلى الـ"تيفوئيد" بحيث تُحدث نوعًا من الالتهابات في الأمعاء وهي منتشرة بكثرة في منطقتنا والأخطر من ذلك هناك تلوّث سببه مادة الزئبق نجم عن نفايات المدابغ التي تَرمي بقاياها في مجرى النهر وهي مواد مسرطنة تؤدي إلى أمراض السرطان".

وأكد عراجي أنّ "شركات البقاع ومصانعه كافة وَجَّهت مجاريرها نحو نهر الليطاني الذي أصبح تجاوزاً يُطلق عليه اسم نهر لكونه فعليًا هو "مجرور الليطاني" وليس نهراً".

على صعيد المعالجات، قال عراجي: "قمنا كنواب عن البقاعين الأوسط والغربي بزيارة الرؤساء الثلاثة (ميشال سليمان ونبيه برّي ونجيب ميقاتي) ووضعناهم في الأجواء، وأكدنا لهم أنّه وفق الدراسات كلّها، لا يوجد مياه في نهر الليطاني بل مجارير"، مضيفاً: "المواطنون القاطنون على مجرى الليطاني في بلدة بر الياس يعانون مشكلة بيئيّة وصحيّة كبيرة، ونقوم الآن بعمليّة ضغط كبيرة على الأهالي لمنعهم من القيام باعتصامات وتظاهرات لأنّ الوضع الأمني في البلد لا يحتمل، وطلبنا منهم التروّي لأنّهم كانوا سيقومون بالتحرّك بعد عيد الفطر".

ختم بالقول: "إذا بقي وضع النهر دون معالجة فسوف تنتفض منطقة البقاع".

السابق
الاعتراف بالحكومة السورية المؤقتة
التالي
لبنانية تنجب 4 توائم في دبي