فوق الدكّة شرطوطة !

ما هي الدوافع والأسباب التي أيقظت التهديدات الاسرائيليّة للبنان بعد غيبة طويلة، وما الذي حداها على أن تذكّر البنى التحتيّة التي طالما أرّقت عاشق تحتيّتنا وزير الخارجيّة أفيغدور ليبرمان، مع التحذير من أن القصف سيكون من الجو والبر والبحر معاً؟
أتراها تستعمل تحتيّتنا بلغة الوعيد، فيما هي تهدس بالكيميائيات السورية… واحتمال انتقالها إلى الربوع اللبنانيّة؟
أم إن صواريخ "حزب الله" التي لا تفارق مخيّلة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ولا أي مسؤول إسرائيلي؟
أم الأمران معاً؟
أم أن نتنياهو وليبرمان يتبهوران على لبنان، فيما الكلام موجّهٌ أولاً وأخيراً إلى إيران ومعها "حزب الله" وجيشه وصواريخه؟
المهم، مبدئيّاً، أن التهديدات موجّهة مباشرة إلى لبنان، وتحتيّته، وأوتوستراداته، وجسوره، وكهربائه المقنّنة والقابض على روحها ونورها جبران باسيل، والمياه التي تزور بيروت والمناطق لماماً وعابراً.
وإلى اللبنانيّين عموماً…
هذه المستجدّات تزيد ثقة الناس هنا بأنفسهم، بحكومتهم المستنفرة أربعاً وعشرين على اربع وعشرين، بدولتهم التي تتفقّدهم أحياناً، بمرجعيّاتهم التي لا تدع شاردة أو واردة تمرّ من غير تدقيق وتمحيص، وبدويلاتهم القابضة على زمام الأوضاع.
تقريباً صار لبنان، بكليّته، داخل شعاع الإعصار السوري وذيوله التي فاضت خيراتها على البلد المشلول، وبأشكال وأنواع شتّى: تبدأ بالخطف وتتطوّر إلى اشتباكات تعود بالذاكرة الجماعيّة إلى مسلسل الحروب القذرة.
لكنّ ما يلفت في "حزمة" التهديدات والبهورات الإسرائيليّة الجديدة، إنما يتمثّل في انتقال الإنذارات من الشفهي والعلني… إلى الخطّي وعبْر الطرق الديبلوماسيّة.
لا عبْر التلفزيونات والتصريحات العفويّة، بعد جلسات لمجلس الوزراء، أو مناسبة ما. وهنا بالذات تلتقي مع علامة الاستفهام، ومع ما يُسمّى عادة أوّل الغيث، وأوّل الحنجلة.
فوسط هذه الدوامة المدوّخة التي يقيم فيها لبنان وشعوبه ودويلاته وأجنحتها، وجد نتنياهو فرصة مؤاتية لتوجيه رسالة أولى إلى الحكومة اللبنانيّة المتيقّظة، و"بواسطة ديبلوماسي غربي رفيع المستوى"، موحياً بالجديّة والتصميم.
خير؟ ما الجديد على المستوى اللبناني، الذي يستوجب اللجوء إلى الرسائل، والديبلوماسيّة الغربيّة، والتشديد على أن نتنياهو "يعتبر أن حكومة لبنان مسؤولة عن كل ما يجري في أراضيها".
حتى بالنسبة إلى الدويلات الممنوع الاقتراب من "حدودها"!
وهذا ليس كل شيء. فرئيس الحكومة الإسرائيليّة يعتبر "حزب الله" جزءاً من الحكومة اللبنانيّة.
ذلك هو ما يقال فيه فوق الدكّة شرطوطة. 
 

السابق
التحقيق والاعتراف
التالي
هل تغرق تركيا في المستنقع السوري؟