اللواء: ميقاتي يقترب من الإستقالة وحزب الله وعون يتراجعان لبقاء الحكومة

تقدمت الازمة المتفاقمة في العلاقات اللبنانية السورية الى الواجهة بقوة، في غمرة تزاحم السباق بين الملفات المتآكلة او العرضة للانهيار، والتي تجدُّ الحكومة نفسها في مواجهتها دفعة واحدة، وسط شلل وعجز ظاهرين، رغم القرار الذي رست عليه مشاورات "حزب الله" مع كل من "التيار العوني" وحركة "امل" بضرورة استمرارها تحت حجة توفير حد ادنى من الاستقرار الذي يتعرض مالياً لخطر الانهيار، وامنياً لفوضى الخطف والاشتباكات والاشكالات والتفلت من سلطة القانون، في خطوة تعيد لبنان الى الوراء، لسنوات، وفي الوقت ذاته تحيي غرائز العشائر والقبلية، على نحو ما يجري في اليمن والصومال.
والابرز كان يوم امس الموقف التحذيري للهيئات الاقتصادية، وعلى رأسها القطاع التجاري، من خطر الانهيار المحدق بالمؤسسات، ملوحة بالاضراب والتصعيد والتحرك لانقاذ ما يمكن انقاذه من اقتصاد لبنان الذي بات على شفير الافلاس والانهيار.

وفي تقدير مصادر اقتصادية، ان السباق لم يعد على كيفية المعالجات وايجاد حلول لمخاطر الانهيار، بل على اي قطاع يمكن ان ينهار قبل الآخر، التجاري ام الصناعي او الزراعي بالاضافة الى السياحي، في ظل عجز واضح من قبل الحكومة الغائبة كلياً عن الصورة ومعها ايضاً المجلس النيابي، كمؤسسة، مسؤول ايضاً عن المعالجات وعن الانهيار فيما لو حصل.
وسط هذه الصورة المتشائمة للاوضاع، والتي زادها متانة الازمة الامنية الاخيرة التي عاشتها طرابلس، ومعها ظاهرة الخطف المتمادي، يعود مجلس الوزراء الى الاجتماع اليوم في السراي، للمرة الاولى منذ عطلة عيد الفطر، من دون على جدول اعماله المتشعب بـ58 بنداً، اي امر يتعلق بالملفات الساخنة، مالياً وامنياً واقتصادياً، وان كانت مصادر وزارية توقعت ان يكون موضوع الخطف ومضاعفاته، طبقاً اساسياً في مداولات المجلس نسبة للضرر الذي يلحقه بلبنان وصورته في الخارج، بعدما تبين مدى فداحة وتأثير عمليات الخطف، وخصوصاً التي تطال رعايا اجانب وعرباً على علاقة الدولة بالدول المعنية، ولا سيما الخليجية منها حيث الجاليات اللبنانية هناك بالآلاف.

ولفتت هذه المصادر الى ضرورة تحديد اطار يكفل عدم تكرار عمليات الخطف وتوقيف الخاطفين، الى اي جهة انتموا، ذلك ان الاكتفاء باطلاق المخطوفين والتهليل بتحريرهم، مثلما حصل مع المهندس الكويتي عصام الحوطي الذي غادر بيروت امس الى بلده، لا يبرر تحت اية ذريعة عدم محاسبة الخاطفين وتوقيفهم وانزال العقوبات بحقهم ليشكلوا عبرة لمن تسوّل له نفسه العبث بأمن البلاد والعباد.
وفي هذا السياق، اكد وزير الداخلية مروان شربل ان الاجهزة الامنية اوقفت المتهم بقتل الراهب ايلي المقدسي في الناعمة، وتبين انه سوري الجنسية في منطقة الضاحية.
وسجلت امس، زيارتان للوزير شربل الى كل من قصر بعبدا والسراي الحكومي، وثالثة للمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الى بعبدا، تم خلالها اطلاع الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي على آخر التفاصيل المتصلة بملف المفاوضات الجارية على خط اطلاق المخطوفين اللبنانيين العشرة في سوريا، بمساع تركية، وسط تكتم شديد وحرص على عدم تسريب اي معلومة بهذا الخصوص، وهو ما عبّر عنه وزير العدل شكيب قرطباوي الذي شارك في اجتماع ميقاتي وشربل، عندما اكد ان هذا الملف موضوع متابعة هادئة وبعيداً عن الاعلام، من اجل مصلحة المخطوفين واعادتهم سالمين الى عائلاتهم.
واللافت ان قرطباوي علّق على موضوع الاستنابات القضائية في حق المخلين بالأمن، بقوله أن "النيابات العامة تقوم بما عليها، لكن التنفيذ هو على عاتق القوى الامنية".

ملحق بنود
تجدر الإشارة إلى أن ملحقاً بستة بنود أضيف أمس على جدول أعمال مجلس الوزراء، الذي بات يتضمن 58 بنداً، من بينها عرض وزارتي الداخلية والمعدل موضوع تعديل على خطاب الاتفاق الخاص لمكافحة المخدرات وانفاذ القانون الموقع بتاريخ 5-10-2007 بين حكومة الولايات المتحدة الأميركية وحكومة لبنان، وتقرير اللجنة الوزارية المكلفة تقديم اقتراحات لمعالجة معاناة بعلبك والهرمل.
اما بالنسبة للبند الذي أضيف سابقاً والمتعلق بعرض وزارة الخارجية تقرير لجنة الحدود البحرية، فقد رجحت مصادر حكومية، تأجيل البحث فيه اليوم، نظراً لوجود الوزير عدنان منصور في طهران والتي يتوجه إليها اليوم الرئيس سليمان للمشاركة في مؤتمر قمّة دول عدم الانحياز، بعدما تلقى دعوة رسمية للحضور، وتبلغ اكثر من تمن بالمشاركة شخصياً، بعدما كان لبنان اعتذر عن المشاركة سابقاً في مؤتمر دول أصدقاء سوريا في إيران.
وكانت مصادر حكومية تأمل أن تتمكن الحكومة من مناقشة وإقرار تقرير لجنة الحدود البحرية، والتي يصطلح عليها تعبير "المنطقة الاقتصادية الخالصة" لكي تتفرغ لاحقاً لتعيين اعضاء هيئة إدارة قطاع النفط، والتي ستشرف على عمليات استخراج النفط والغاز في البحر، الا أن تأجيل عرض التقرير سيرجئ أيضاً ملف النفط، علماً أن الرئيس ميقاتي سبق أن أبلغ الوزير جبران باسيل، ان لا مشكلة بالنسبة لأسماء المرشحين للتعيين في هيئة النفط من الطائفة السنية، مشيراً إلى ان المشكلة اساساً تكمن لدى المرشحين المسيحيين الذين لم يستطع باسيل من حسم موقفه تجاههم، نسبة للتجاذب الحاصل بين عمه النائب ميشال عون والرئيس سليمان على التعيينات، ولا سيما في ملف القضاء الذي لم يتقدّم بوصة واحدة باتجاه الحلحلة.

مشاورات عون – حزب الله
وفي هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة أن المشاورات التي جرت خلال اليومين الماضيين بين عون وبين كل من المعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، والنائب علي بزي موفداً من الرئيس نبيه برّي، تركزت على عدم دفع الأمور بين عون والرئيس ميقاتي إلى الزاوية، نتيجة تهديد رئيس الحكومة بالاستقالة، وبالتالي ضرورة الحفاظ على الحكومة حفاظاً على الحد الأدنى من الاستقرار القائم.
وعزا عون، الأزمة الأمنية التي يمر بها لبنان إلى سلوك المسؤولين الامنيين في معالجة المواضيع الحسّاسة بالوقت المناسب، مشيراً إلى أن هؤلاء يتركون المواضيع تتفاعل، وخلص إلى القول، بأن الدولة فقدت صدقيتها في حفظ الأمن ومحاسبة من يعتبرون مجرمين، معتبراً أن ما يحصل في طرابلس "انفصالي".
وإذ رفض عون الخوض في مسألة توقيف الوزير السابق ميشال سماحة، تاركاً الموضوع للقضاء، فانه شدّد على أن الانتخابات لا يمكن أن تؤجل الا بحرب من الداخل، إلا انه رأى انه لا يمكن اجراء انتخابات في عكار وطرابلس إذا بقي وضعهما على ما هو عليه، مبدياً رغبته بالعودة إلى اقتراح اللقاء الارثوذكسي والسير به مع "القوات" والكتائب، وحتى التحالف معهما لجلب اكثرية نيابية.

14 آذار
في غضون ذلك، استكملت المنظمات الطالبية والشبابية في قوى 14 آذار استعداداتها للاعتصام اليوم امام مقر وزارة الخارجية في الأشرفية، بمشاركة نواب وفاعليات هذه القوى، للمطالبة بطرد السفير السوري علي عبدالكريم علي من لبنان والغاء معاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق اللبنانية – السورية.
وفيما اعرب بعض المنظمين للاعتصام عن خشيتهم من حصول تجمع مضاد تسعى قوى 8 آذار لتنظيمه اليوم في المكان نفسه للمطالبة بطرد السفيرة الأميركية مورا كونيللي، أكدت مصادر في 8 آذار لـ"اللواء" انها لن تنزل اليوم إلى الشارع، وانها لن تنجر إلى سياسة شارع مقابل شارع، غير انها حذرت من المس بالعلاقات اللبنانية – السورية، واصفة مثل هذه الخطوة بمثابة "اللعب بالنار".

"كتلة المستقبل"
وكانت "كتلة المستقبل" النيابية، قد ادانت بعد اجتماعها الاسبوعي امس، برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، بالمجازر التي ترتكب بحق السوريين العزل، وطالبت بطرد السفير السوري وتعليق العمل بالاتفاقيات الامنية الموقعة بين البلدين، وتجميد العمل بالمجلس الاعلى اللبناني – السوري وتقديم شكوى إلى الجامعة العربية، واخطار مجلس الامن الدولي بما حصل في قضية توقيف سماحة، محذرة من عدم تعريض القضاء للضغوط وتمييع وقائع المخطط الاجرامي الذي كان سماحة واللواء السوري علي المملوك التحضير له.
ودعت الكتلة الى خطة مصالحة بين ابناء طرابلس ونزع السلاح من المدينة وتسليمه إلى الجيش اللبناني، ورحبت بانتشار الجيش وقوى الامن الداخلي في طرابلس وكل منطقة الشمالية كبداية انضباط الامور وعودة الاستقرار إلى المدينة. كما استنكرت الممارسات الخارجة على القانون من خطف لمواطنين لبنانيين وسوريين وربما عرب واجانب، كما استهجنت السكوت المريب لحزب الله عن هذه الممارسات التي تتم في منطقة سيطرته وتحت اشرافه.

حصانة المرعبي
وعلى خط آخر، يرأس الرئيس بري اليوم اجتماعين منفصلين لهيئة مكتب المجلس ورؤساء ومقرري اللجان، في اطار الاجتماعات الدورية مع نهاية كل شهر.
ورغم ان مصادر هيئة المكتب اكدت ان الاجتماع يعقد تحت عنوان: "تشكيل لجان تحقيق برلمانية وهو استكمال لاجتماع سابق، إلا انها لفتت إلى ان ذلك لا يمنع من ان يطرح بعض الاعضاء موضوع طلب رفع الحصانة عن النائب في "كتلة المستقبل" معين المرعبي. غير ان بري، سيرد، بحسب ما تتوقع المصادر، بأنه ما يزال يدرس الطلب، مكررا التزامه بالاصول الدستورية والقانونية، مع الاشارة إلى ان لرفع الحصانة اليه تبدأ بدعوة رئيس المجلس هيئة المكتب ولجنة الادارة إلى اجتماع مشترك، وهو ما لم يحصل لتاريخه، بالاضافة الى التأكد من ابتعاد الملاحقة عن الغايات السياسية والحزبية.  

السابق
الأنوار: تظاهرة شباب 14 آذار اليوم قد تقابل بمسيرة معاكسة من 8 آذار
التالي
الحياة: 6 جرحى في البقاع بقصف سوري والهيئات الاقتصادية جددت تحذيرها من الاتفلات