اسرائيل وايران: حلف ابدي

ايران محتاجة الى اسرائيل. ايران محتاجة الى اسرائيل بصورة يائسة. فلولا وجود اسرائيل لاحتاجت ايران الى ايجادها. فاسرائيل هي ترياق النظام الايراني، التي يجب ان تُشترى، فهو باقٍ بفضلها منذ سنين طويلة.
ان الخطابة المعادية لاسرائيل تُمكّن النظام الملالي القاسي من صرف انتباه الجماهير عن مشكلاتهم الحقيقية وعن أزمتهم الاقتصادية وعن غلاء المعيشة الذي يرتفع الى مستويات لا تحتمل. وعن القمع السياسي وقتل المتظاهرين، وعن عدم وجود حرية ورجم النساء.
كانت الكراهية دائما قوة موحِّدة، فلا يوجد كالعدو الخارجي المُشبه بالشيطان لاسكات التوترات الداخلية. ان اختيار عدو أهم كثيرا من اختيار صديق، كما كتب نيتشة. وقد نجحت ايران في ذلك أكثر من المتوقع.
وتساعد اسرائيل ايران، فهي تهددها. والتهديدات بهجوم قريب هي زيت في اطارات نظام الملالي المتعثر. وهي طوق نجاة تطرحه القيادة الاسرائيلية لايران في آخر لحظة. فالقوى الاصلاحية التي هددت النظام قبل ثلاث سنوات طالبة الحرية والانتخابات النزيهة ستتحد حوله في حال هجوم اسرائيلي. يخدم نتنياهو وباراك مصلحة خامنئي واحمدي نجاد. وهما يتقنعان بقناع المعتدي الذي يساعد على تشبيه اسرائيل بالشيطان في ايران، ويسهل الآن ان تُعرف اسرائيل بأنها ورم سرطاني في الشرق الاوسط. وسيقتنع المتشككون ايضا. وحتى لو كان الحديث عن تهديدات باطلة من قبل اسرائيل فانها قد أفادت النظام الايراني الذي امتاز باختيار عدو يخدمه خدمة صادقة.
يستحق الشعب الايراني قيادة اخرى وسيحصل على قيادة اخرى. فالثورات الاقليمية ستبلغ الى طهران ايضا، وآنئذ سيهمنا حصول ايران على القدرة الذرية كما همنا حصول الهند عليها.
واسرائيل محتاجة الى ايران. اسرائيل محتاجة الى ايران بصورة يائسة. فلولا وجود ايران لوجب على اسرائيل ان توجدها. وايران ترياق للقيادة الاسرائيلية الحالية يجب ان تُشكر، فهي ما تزال في السلطة بفضلها.
كانت الكراهية والتخويف دائما نظامي سيطرة ناجعين، ولا سيما بالنسبة لحكومات اليمين. فالخطابة المعادية لايران تُمكّن نتنياهو من الضرب على أوتار المحرقة وصرف انتباهنا عن مشكلاتنا الحقيقية. عن الازمة الاقتصادية وعن غلاء المعيشة الذي يرتفع الى مستويات لا تحتمل. وعن الخدمات العامة المنهارة. وعن الاستثمارات الضخمة في المستوطنين والحريديين.
وتساعد ايران اسرائيل، فهي تهددها. وهذه التهديدات زيت في اطارات حكومة نتنياهو المتعثرة تنقض عليها كأنها تجد غنيمة كبيرة. ان غيوم الحرب التي أنتجها باراك ونتنياهو والتي تلوث جونا على الدوام من بدء الشتاء الاخير الى نهاية الصيف، قد نجحت في خنق الاحتجاج الاجتماعي الواسع جدا الذي كان تهديدا حقيقيا للحكومة.
ان طلب السكن في متناول اليد، والعدالة الاجتماعية والخدمة العامة المدعومة والتي تؤدي عملها قد أصبح مثل ثلج العام الماضي بازاء تهديد الصواريخ والقنبلة الذرية. وقد حل محل الخطاب المدني والنسوي النادر جدا عندنا خطاب أمني مؤمن بالقوة ورجولي، مرة اخرى، والحال عندنا كالحال في ايران، فالامور تتقدم بحسب ما يرى الفقهاء. فمن الحقائق ان الحاخام عوفاديا يوسف قد جاءه رئيس مجلس الامن القومي يعقوب عميدرور في المدة الاخيرة مرشدا موجها وبقي ان يجد فتوى تُسوغ الحرب.
تستحق اسرائيل قيادة اخرى وستحصل على قيادة اخرى، والمسألة مسألة وقت فقط. وفي الاثناء ينشغل قادة اسرائيل وايران الفاشلون بلعبة معقدة تبدو مثل معركة شديدة بالسكاكين. لكن النظر من قريب يُبين أنها ليست معركة بل هي رقصة تانغو. انه حلف أبدي بين نظامين أكل الدهر عليهما وشرب يدينان ببقائهما بعضهما لبعض. 
 

السابق
دولة سائبة ومنقسمة.. لا تعلم ابناءها إلا الحرام !!
التالي
قباني: للتحرك من اجل دولة القانون والمؤسسات