هذه هي «شركة نبيه بري وعائلته» للسياسة اللبنانية

نبيه بري

من هو نبيه بري؟

نبيه بري، الرجل الشيعي الأول في السلطة اللبنانية منذ بدايات عهد “الطائف”. انتخب خلفاً لحسين الحسيني في عهد الياس الهراوي، وصار واحداً من أركان “الترويكا” الحاكمة، وشريكاً مضارباً لابن زحلة ولرفيق الحريري. مع اميل لحود، أمسك العصا من الوسط بين “الخصمين”، رئيس الجمهورية ورجل الاستثمارات الصيداوي.

واستطاع الصمود بوجه “ثورة” قوى الرابع عشر من آذار ليعود رئيساً للمجلس مع الرئيس التوافقي ميشال سليمان.

يصنّف أنه من بين أكثر الساسة اللبنانيين دهاء وخبرة في تفكيك ألغاز حقل الألغام اللبناني، والنفاذ من دهاليزه وأوحاله. مطرقته التشريعية، يهابها كلّ النواب، سواء من هم في خطه السياسي، أو من خصومه. وحنكته في تدوير الزوايا وتسنين العقد المستعصية، تثير الريبة والشك في أذهان شركائه، وتدفعهم إلى إجراء حساباتهم، مرّة واثنتين وثلاثاً…

نبيه بري. اسم لا يزال يلعب “سولو”. صحيح أنه يرأس حركة “أمل” التي يفترض أن تنتج قيادات حزبية تساعد “الرأس” في إدارة بعض الشؤون المحلية والسياسية، لكن العارفين بحركة بري، يدركون جيداً أن الرجل يختصر أكثر من رجل في شخصه. مساعده علي حسن خليل يمسك ملف التواصل مع بعض القوى السياسية. شقيقه محمود يحمل بعضاً من المهمات، ونقطة على السطر.

التوريث السياسي

حتى الآن، لا يبدو أن “أبو مصطفى” في صدد تحضير “وريث سياسي” يكمل المسيرة من بعده. ثلاثة شباب وسبع فتيات هي حصيلة زيجتين لبري، من ليلى بري ورندا عاصي. له من زوجته ليلى ستة أبناء هم سيلان، سوسن، فرح، مصطفى، عبد الله وهند. ومن زوجته رندا، له ريم، أمل، ميساء وباسل. غالبيتهم لا تتعاطى الشأن العام وبعيدة كل البعد عن متطلبات السياسة.

من هو محمود بري؟

محمود بري، اسم يطل بين الحين والآخر من خلف الكواليس الضيّقة. شقيق رئيس مجلس النواب، له بعض اللمسات الخفيّة التي نادراً ما تطفو على السطح. يُقال إنه من الدائرة الضيقة لبري، وأحد أبرز مستشاريه غير المرئيين. طبيب عاش لفترة طويلة في فرنسا، وزوجته فرنسية. هو اليوم في لبنان، لا يمارس مهنة الطب، وإنما الهندسة السياسية المتصلة بشؤون شقيقه. يتولى ملف التواصل مع بعض الشخصيات اللبنانية. يجري بعض اللقاءات “الصعبة” على غيره. رأيه دوماً حاضر على طاولة بري، لا سيما وأنّ الأخير يثق به كثيراً، وينصت إليه كثيراً. انتقل إلى دائرة الضوء يوم طرح اسمه وزيراً للخارجية، لكن الموانع التي وضعت بوجهه، دفعته إلى تزكية صديقه علي الشامي (زوجتا الرجلين صديقتان أيضاً).

له مكانته في حلقة شقيقه. بمقدوره تقديم أي شخص يثق به إلى الصفوف الأمامية ليكون موضع ثقة من القيادة. على علاقة طيّبة مع أبناء شقيقه جميعاً، كونه شخصية محببة من الأقربين والأبعدين، وصاحب كاريزما، وإن كان لم يقدم حتى اللحظة، كمشروع نائب.

من هو مصطفى بري؟

مصطفى بري، الابن البكر للرئيس بري، يحمل اسم جده. بعيد كلياً عن الشأن العام والتزاماته. متفرّغ لـ”البيزنيس” لا سيما في مجال التعهدات، ويحيل كل ملفات الخدمات التي ترفع إليه، إلى شقيقه عبد الله.

من هو عبدالله بري؟

عبد الله بري

عبد الله بري، الاسم الأكثر شيوعاً بين أبناء رئيس مجلس النواب. هو الأقوى بينهم. يدير أعماله الخاصة، ولكن له دوره في الشأن العام، من باب الخدمات تحديداً. يتردّد إلى بلدة تبنين، مسقط الرأس، ليقيم في بيت العائلة تحديداً. له كلمته في الشؤون الاجتماعية في الجنوب، ويعتبر واحداً من الحلقة الضيّقة للرئيس بري التي تضمّ أحمد بعلبكي، علي حسن خليل، قبلان قبلان، محمود بري، علي اسماعيل، هاني قبيسي، العميد محمد سرور (يتولى شؤون المصيلح). حكي كثيراً عن توليه منصباً قياديّاً في حركة “أمل”، تمهيداً لتسلّم رئاستها من والده. وبالفعل فقد انخرط في صفوفها لبلوغ هذا الهدف، ولكن المؤتمر الحزبي الأخير لم يلحظ تسميته في أي موقع رفيع لأسباب بقيت مجهولة… فاستبعدت الفكرة.

من هو باسل بري؟

باسل، الأصغر بين أخوته، تخرّج مؤخراً في الجامعة الأميركية في بيروت، ووضع رجله في مكتب الشباب والرياضة في حركة “أمل”، بدعم من والدته السيّدة رندا، التي تعتبر الرقم 2 في حلقة الرئيس بري، من بعده طبعاً، وأحد أبرز مفاتيح الوصل والربط. لا يزال عود الشاب طرياً. ولم يُبدِ حتى اللحظة جدية في العمل الحزبي، لكن راصدي حركته، يؤشرون إلى نيّة والدته في “دعكه” في العمل السياسي من باب “الحركة”، ليكون، لربما، وريث “الامبراطورية البريّة”!

لكن الأماني شيء، والواقع شيء آخر. يقول الراصدون أنفسهم، إنّ السيّدة بري تتمنى أن يتحقق هذا المشروع، لكن الخلاف الحاصل بينها وبين عبد الله بري، الذي يطمح أيضاً لأن يكون “الخليفة الشرعيّ” للرئيس بري، قد يؤخر انطلاقة أخيه باسل، ويضع أمامه الكثير من العراقيل. هذا السبب بالذات، هو الذي يزيد الحجج في ذهن رئيس مجلس النواب، للإبقاء على “نجليه” تحت جناحه، أقله راهناً، وإبعادهما عن الضوء.

فرح بري، أكثر بنات رئيس المجلس قرباً من الشأن العام، وتكاد تكون الوحيدة التي يعرفها الإعلام والمتعاطون بالسياسة. التحقت بصفوف وزارة المغتربين بعد تخرّجها لتنضم لاحقاً إلى وزارة الخارجية برتبة دبلوماسية، بعد دمج الوزارتين. يُقال إنّها “بنت أبيها” شخصية وحضوراً وديناميكية. في وزارة الخارجية لها مكانتها، لدرجة تسييرها الملف الشيعي في الملاك الديبلوماسي، معرفة وقراراً. متزوجة من العقيد علي نور الدين.

وفي حين تعيش زوجة رئيس مجلس النواب الأولى، ليلى في الجنوب، غير معنية بلوازم السياسة ورجالها، تملأ زوجته الثانية رندا، كل المساحة… تحت عنوان رئاستها “للجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين”. نجحت السيدة بري في توسيع دائرة حراكها، الاجتماعي، الخدماتي، السياسي والاستثماري. تدير شبكة كبيرة من الاستثمارات في لبنان والخارج بمساعدة أشقائها. تتدخّل “السيّدة الثانية” في كل شاردة وواردة، وكلمتها مسموعة في عين التينة، لها رأي في الاستحقاقات كافة، نيابية، حكومية، بلدية وحتى إدارية. ويجزم العارفون بكواليس الرئاسة الثانية أنّ من ينجح في الجلوس إلى جانب السيدّة رندا سيكون مؤهلاً للترفع في الوظيفة أو في المكانة السياسية.

معروف عن الرئيس نبيه بري أنه محب للعائلة ومتعلّق بأخبارها وهمومها. ويحرص على الاهتمام بأوضاع أبنائه جميعاً. ولكن حتى اللحظة لم يختر بعد من سيكون ساعده الأيمن، ومكمل المسيرة من بعده. في لقاءاته الشعبية نادراً ما تلحظ وجود أحد أبنائه، لتعلّم “الكار” من “الكبير”، ما يدّل على ترحيل المهمة إلى أجل غير مسمى بعد. وحده دوماً في الصورة، “سلطان” على عرشه…

وحتى اللحظة يدير بري السياسة من مقارّه المتعددة جغرافياً، حيث تنقّل من بربور (مقر قيادة “أمل” راهناً)، إلى عين التينة والسمرلند (منزل مشابه بهندسته لمنزل عين التينة)، مروراً بالمصيلح، والفيلا البحرية في بلدة القاسمية الجنوبية… محاطاً بدائرة قريبة منه، لا يتجاوز عديدها عدد أصابع اليد الواحدة، ولا متقدّم فيها بين متساوين.

السابق
خلفيات إقالة المشير طنطاوي
التالي
المذهبية: من المهدي أولا… إلى إسرائيل أخيرا