نصرالله: لو تعلم إسرائيل انني لا أجرؤ على المرور في حي المقداد

صدق أو لا تصدق.
قال أمين عام حزب الله حسن نصرالله في مجلس خاص، جمعه مع رئيس حزب وتجمع سياسي لبناني، لو علمت إسرائيل انني لا أستطيع أن أمر في حي المقداد في الضاحية، لشمتت بي، وأرسلت من يبحث هذه الظاهرة التي لم يعد أحد قادراً عليها.
كلام نصرالله الذي جاء قبل عدة أشهر وعلى خلفية اشتباك في حي المقداد في الضاحية، بين شباب من هذه العائلة الكبيرة في البقاع وعدد من المناطق اللبنانية وعناصر من حزب الله، عجز فيها الحزب المذكور عن مواجهة شباب العائلة، وتراجعوا كما تراجع قبلهم عناصر قوى الأمن الداخلي الذين تدخلوا لفض نزاع محلي لأسباب لا علاقة لها بالسياسة.
وحين يخرج أمين عام الحزب الذي يتباهى بإمتلاكه الصواريخ القادرة على الوصول إلى كل مكان في فلسطين المحتلة، وقضّ مضاجع الكيان الصهيوني المدجج بنحو 200 قنبلة نووية، ليعلن عجز حزبه عن ضبط الأمن في حي صغير من أحياء الضاحية الجنوبية، حيث خزانه البشري، وحيث الاغلبية الساحقة لمن ما زال يصفهم بأشرف الناس، فهذه صورة كاريكاتورية لا يمكن قراءتها جدياً، بل هي لوحة فانتازية، وربما هي مشاهد من شريط هزلي يتكرر عرضه قد يضحك الناس مرة أو اثنتين ثم يبكيهم مللاً وسذاجة.
الجديد الآن هو في استحضار قوة حي المقداد والعائلة التي بات لها مجلس عسكري وقوات مدججة بالسلاح وناطق أو ناطقين بإسمها، ومخطوفين على أيدي قواتها، وتهديدات شاهدها العالم بقطع طريق مطار رفيق الحريري الدولي، والقدرة على ذلك، وممارسة الخطف لزائر تركي مضى على خروجه من المطار عدة دقائق، وإصدار دول عربية قرارات بسحب رعاياها من لبنان، ومنع مواطنيها من زيارة البلد بعد تحركات شباب من آل المقداد، وحالة التسيب التي جعلت العالم كله يعتبر لبنان دولة فاشلة، ولبنان بلا سلطة أو دولة، ووصف البعض له بأنه صومال جديد، أو عراق ما بعد صدام، أو سوريا في ظل ثورة الشعب السوري ضد عائلة الأسد..
لبنان هو هكذا فعلاً.. لكن دون حقائق هذا كله.. أي ان كل ما وصف به البلد صحيح، لكن الوضع يمكن الامساك به لو أراد أصحاب الشأن، وهم أولاً ودائماً حزب الله لذا فكلام حسن نصرالله هو كلام حق يراد به باطل.
نعم،
يستطيع حزب الله بقرار سياسي واحد يتخذه أمينه العام حسن نصرالله، ان يعيد مربعه الأمني الذي يضم حي آل المقداد، ومن فيه من شباب ومسلحي العائلة وغيرهم إلى أكثر الاماكن أمناً في العالم.. كما كان قادة هذا الحزب ومعمموه ونوابه واعلامه يزعمون بمناسبة أو بدونها، وان يتباهى هؤلاء بأنهم يقودون مرة أخرى أشرف الناس واغلاهم وأنظفهم، في الضاحية وخارجها، وانهم يحولونهم إلى مقاتلين يدافعون عن شرف الأمة (أية أمة؟) في لبنان وفلسطين والعراق وأذربيجان وكولومبيا ووزيرستان..
لكن الحزب المذكور لا يفعل ذلك الآن، ولن يفعله لأنه لا يبالي بما يحصل في لبنان.. ومتى كان الوطن ومواطنوه ضمن مقاييسه في المواقف السياسية الصارخة، أو في حساباته حين يستدرج إسرائيل لتدميره وقتل 1200 إنسان من بنيه كما في العام 2006، أو الانغماس في العداء ضد الشعب السوري المظلوم ظلم آل البيت من آل الأسد المجرمين، أو تسييد الولاء المذهبـي فوق الدين أولاً ثم فوق الوطن، وفوق الوحدة الوطنية وفوق كل قيمة أخلاقية.
حزب الله يستطيع أن يوفر الأمن لأبناء الضاحية وغيرهم، لكنه يعرف انه سيدفع الكثير من رصيده لدى بيئته إذا أراد ضمان أمنها الاجتماعي والاقتصادي وولائها له. فبعض أنصاره من المؤلفة قلوبهم الذين يعطونه الولاء والمشاركة في التظاهرات والحشودات الاستعراضية مقابل غض الطرف عن سلوكياتهم الخاصة، سينفضّون عنه إذا حاول منعهم من هذه السلوكيات.
مزارعو المخدرات ومصنعوها ومروجوها من أنصاره بسبب العصبية المذهبية، لكنه إذا حاول منعهم من هذا العمل اللاأخلاقي اللاديني، سينفضّون من حوله ولن يستطيع معاقبتهم.. ولا حتى منعهم.. وعندما يسمح حزب الله لقوى الأمن الداخلي بحرق محاصيل الحشيشة أو الافيون في أماكنها، فإن أنصار حزب الله من المزارعين أو الصناع أو المروجين يقفون ضده بل ويشتمونه علناً عبر الاعلام.
والذين يؤيدون حزب الله حين ينـزل إلى الشارع لمعاقبة السنّة أو خصوم الحزب، ويشاركونه خطابه السياسي والاعلامي، ضد الآخرين ينتظرون منه ان يسمح لهم بسرقة الكهرباء من أعمدة النور التابعة لشركة كهرباء لبنان، فإذا ما حاول منعهم شتموا الحزب وقياداته معممة أو نواباً أو وزراء أو أمنيين.
وهؤلاء مستعدون لمقاتلة عناصر الحزب في أي مكان في الضاحية، إذا حاولوا منعهم من تدمير محطات كهرباء الدولة، لفرض تسعيرتهم الخاصة التي يدفعها المواطنون الشيعة في مناطقهم ثمن تزويدهم من مولدات خاصة اشتروها لبيع الكهرباء تجارة وربحاً.
أنصار حزب الله من بيئته أشرف الناس يعلقون أشرطتهم على أشرطة الدولة لسحب ما يزيد كثيراً عن قدرة هذه الاشرطة على التحمل.. ولتنفجر هذه الاشرطة والمحطة المزودة نفسها، فالمهم هو السرقة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الربح.. وويل لمن يتدخل.. ومن هو القادر على التدخل سوى حزب الله؟
انه القميص الوسخ ارتداه حزب الله.. وهو لا يستطيع خلعه، لأنه سيكون ضد بيئته الحاضنة التي تضم الاوادم والمساكين والشرفاء، كما تضم الزعران والحشاشين واللصوص.
هل تدركون الآن لماذا قال نصرالله.. ما لا يمكن تصديقه؟
هذا أولاً،
الأمر الآخر الأصعب، ان لحزب الله مصلحة متقاطعة مع مصلحة إرهاب آل الأسد ضد شعب سوريا، وشعب لبنان، سواء ما تم كشفه من مخطط ينفذه ميشال سماحة، أو مخطط يتم استكماله بواسطة الضابط الأمني السابق، الذي يحرج حزب الله كثيراً والذي يصفه كثيرون بالموتور المجبول بالحقد يأكل قلبه ويوغر صدره.
لحزب الله كما لسماحة وهذا الضابط السابق الموتور مصلحة في معاقبة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بسبب حمايتهما للضابطين الوطنيين الشجاعين أشرف ريفي ووسام الحسن، اللذين لن يغفر لهما الحزب المذكور كشفهما لـ22 شبكة تجسس صهيونية داخل قيادات هذا الحزب الأمنية، والعسكرية..
ولن يغفر لهما الضابط الموتور الحال التي وصل إليها في عهدهما.
ولن يغفر الحزب المذكور والضابط الموتور لسليمان وميقاتي مواقفهما بالنأي بالنفس من المأساة السورية ومواقف سليمان الحاسمة في مواجهة التعديات التي تقوم بها عصابات الأسد ضد سيادة وشعب لبنان.
وقبل ذلك دائماً ان حزب الله الذي يرسل العديد من عصاباته لقتل المدنيين السوريين، والذي يلعب ((الصولد)) في رهانه على بقاء الأسد في سلطته الغاشمة سيفعل كل أمر من شأنه خدمة هذا المجرم المتوحش، وهو يسير حتى النهاية الهاوية في محاولة يائسة لإنقاذه من مصيره المحتوم، مضحياً بأمن اللبنانيين ومصالحهم ومستقبل أولادهم، وكم ضحى بمصالح لبنان وطناً وشعباً من أجل العصابة الارهابية الحاكمة في طهران.
كلام نصرالله.. كلام حق يراد به باطل باطل باطل.
  

السابق
الإشكالات الفردية… إرث اللبناني المر
التالي
البطيخ علاج فعّال لوقف النزيف الدموي