اللواء: ظهور سلفي مسلّح في شوارع الفيحاء… والسنيورة ضد الاحتكام للسلاح

لم تثمر المساعي السياسية والقرارات الحكومية والأمنية التي اتخذت وقفاً فعلياً للنار في طرابلس، ورغم انحسار القصف العشوائي نسبياً، فان الظاهرة الجديدة، تمثلت برصاص القنص الذي حصد المزيد من الضحايا من بينهم اثنان من الصحافيين اللذين كانا شاهدين على استهداف المدينة، وجعلها تحت رحمة المسلحين الذين يتحكمون بمصائر النّاس وتحركاتهم، وإبقائها ضحية للعنف وللنزاع المسلح في سوريا.
وتكهنت أوساط سياسية ومصادر أمنية ل"اللواء" باستمرار الجرح الساخن في طرابلس فترة أخرى من الوقت، بانتظار استكمال الاتصالات من جهة، وممارسة الضغوط السياسية والأمنية اللازمة، خاصة على جماعة رفعت عيد في جبل محسن للالتزام بما يتفق عليه من قرارات لوقف النار.
ولفتت هذه الأوساط إلى أن دعوة نائب طرابلس محمّد عبداللطيف كبارة لرئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى عقد اجتماع عاجل للمجلس الأعلى للدفاع، جاءت بهدف توفير مؤازرة رسمية إضافية للمساعي الحكومية، التي تمثلت بالخطة الأمنية السياسية، والتي لم تر النور، مشيرة إلى انه لا يزال هناك أمل في أن يؤدي استكمال تنفيذ هذه الخطة في غضون الساعات الـ24 المقبلة إلى وقف لاطلاق النار بشكل نهائي، وعودة الهدوء تدريجياً الى المدينة.
ولفت النائب كبارة إلى أن طرابلس تعيش حالياً تحت رحمة عصابة مسلحة تُهدّد أمنها واستقرارها، ولم تلتزم بكل الاتفاقات التي تمّ التوصّل إليها، مشيراً إلى أن النّاس طفح الكيل عندها، ولم يعد هذا الوضع الخطير الذي وصلنا إليه مقبولاً.
وقال أن المطلوب الآن برئيس الجمهورية أن يتحرك لحماية المدينة وكرامات أهلها، طالما انه حامي الدستور والحافظ عليه، خصوصاً وأن سمعة لبنان باتت على المحك، والجماعة لم ترد حتى على رئيس الحكومة، بحيث بات الأمر يحتاج إلى حسم.
وكشف كبارة عن اجتماع سيعقد في منزله قبل ظهر اليوم لمتابعة تنفيذ ما اتفق عليه في الاجتماع الذي عقد في منزل الرئيس نجيب ميقاتي.
الا أن مرجعاً أمنياً أبلغ "اللواء" أن مسألة الحسم عسكرياً أمر بالغ الصعوبة نظراً لتكلفته الكبيرة، مشيراً إلى أن قوى الجيش والأمن الداخلي يعملان سوياً على معالجة الوضع، وهو يحتاج إلى بعض الوقت، وهذا يعني بضعة أيام لا أسابيع، مؤكداً بأن الأمن سيعود إلى المدينة تدريجياً.
وقال مصدر سياسي أن الجيش يعالج الموقف بالطريقة المناسبة، وهو يردّ على مصادر النيران لاسكاتها، إلا ان المسألة تحتاج لدى هذا الفريق الى قرار سياسي ما يزال غير مؤمن حتى الآن.
إحراق متبادل
وسجلت امس، على هذا الصعيد اتصالات متتالية ومتابعة على خط رئيس الحكومة ونواب طرابلس وقياداتها ومفتي المدينة الشيخ مالك الشعار وقيادات سياسية اخرى بهدف معالجة الموقف الامني الذي تمثل امس، بظاهرة احراق متبادل لمنازل ومؤسسات ومكتبات، لا سيما في منطقة القبة وفي شارع الراهبات، وقرب السراي العتيقة في الاسواق الداخلية، والتبانة وسوق القمح.
كما سجل ظهور سلفي مسلح في بعض الشوارع، وكان بعضهم ملثماً، بدءاً من ساحة النور، حيث حاولوا احراق كشك لبيع السجائر والقهوة، لكن وحدات الجيش سارعت الى المكان وتم اطفاء النيران، ولم تحل الاستنابات القضائية دون ظهور المسلحين أمام عدسات الاعلام في كلا المنطقتين.
وتزامن هذا الظهور مع استهداف رصاص القنص لرجال دين، بهدف المزيد من التوتير، وهو ما حصل بقنص إمام مسجد في التبانة خالد البرادعي، اثناء قيامه لتأدية صلاة الفجر، وحصد رصاص القنص امس 4 قتلى وأكثر من 10 جرحى، بعد ليلة شهدت اشتباكات عنيفة كافة المحاور من المنكوبين حتى البقار والشعراني في القبة، وصولاً الى شارع سوريا والحارة البرانية وبعل الدراويش وستاركو في التبانة.
قلق أميركي وأوروبي
وحمل استمرار الوضع المتدهور في طرابلس السفارة الاميركية في بيروت الى ابداء قلقها من العنف المستمر، وعن اسفها الشديد لسقوط ضحايا.
ودعت السفارة في تعليق لها على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" جميع القوى السياسية الى ضبط النفس ودعت نظام الرئيس السوري بشار الاسد الى احترام سيادة واستقلال لبنان واستقراره، معربة عن ادانتها للقصف السوري المستمر على الاراضي اللبنانية، داعية ايضاً الى "محاسبة المسؤولين في النظام السوري لتورطهم في محاولات زعزعة الاستقرار في لبنان".
وتزامن بيان السفارة الاميركية، مع اجتماع لبعثات الدول الاوروبية في لبنان، عقد على مستوى معاوني السفراء بسبب غياب معظم السفراء في اجازات، وأبدى هؤلاء تخوفهم من تمدد كرة النار الطرابلسية إلى مناطق اخرى اذا لم يتم ايجاد تفاهم حول النزاع المزمن بين التبانة وجبل محسن، الا انهم اعتبروا ان الوضع ما يزال تحت السيطرة.
السنيورة
وفي سياق متصل، اجرى رئيس كتلة "المستقبل" النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، الذي عاد امس من اجازة عائلية، مروحة واسعة من الاتصالات شملت الرئيس ميقاتي ونواب الكتلة والمفتي الشعار، وشدد خلال هذه الاتصالات على نقطتين:
الاولى: موقف كتلة "المستقبل" وتيار "المستقبل" برفض الاخلال بالامن في طرابلس، ورفض حمل السلاح وتغطية اي حامل للسلاح، وضرورة التمسك بالعيش المشترك والحفاظ عليه، ورفع الغطاء كاملا عن اي مسلح في المدينة، ولاية جهة انتمى، واطلاق يد الجيش في الحفاظ على الامن والضرب بيد من حديد على كل من يخل بأمن طرابلس.
الثانية، بالنسبة للنائب معين المرعبي، شدد الرئيس السنيورة، بحسب اوساطه، على ان كتلة "المستقبل" لا تقبل اي مس على الاطلاق بحق النائب المرعبي، واي نائب كان، في التعبير عن رأيه كاملاً في التشريع والانتقاد وقول رأيه السياسي، باعتباره نائباً من نواب الامة، ولا تقبل الكتلة المس بحقه ودوره، وفي ذات الوقت تحافظ الكتلة على موقفها، ولا تقبل ان يمس بدور الجيش اللبناني في الحفاظ على الأمن وصون امن البلاد.
ولفتت الاوساط إلى ان الرئيس السنيورة سيستكمل اتصالاته خلال اليومين لتثبيت هذا الموقف على اكثر من مستوى.  

السابق
الأنوار: مخاوف رسمية من امتداد الاشتباكات الى خارج طرابلس
التالي
الأخبار: الدولة العاجزة تهدّد المسلّحين بـ”استنابات”