نجيب ميقاتي لن يستقيل!

في لبنان فريقان يطالبان وبإلحاح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالاستقالة. يضم الأول أصدقاء له حجتهم ان الحكومة التي يترأسها مؤلفة من غالبية نيابية لا تريح غالبية السنة في لبنان بسبب مشروعاتها وتحالفاتها الوثيقة مع نظام الأسد في سوريا وايران الاسلامية. ولذلك فإن ميقاتي لا يستطيع ان يتجاوب مع رغبات شارعه السني. وهذا أمر يضعفه سياسياً ويؤثر على حظوظه في الانتخابات النيابية المقبلة.
أما الفريق الثاني المُطالِب باستقالة ميقاتي فيضم المتضررين شخصياً ثم سياسياً من وجوده في السرايا الحكومية. وفي مقدم هؤلاء "تيار المستقبل". فهو شعر بالغضب الشديد لدور ميقاتي في تحويل أكثريته النيابية اقلية، وذلك بسبب ترشحه لرئاسة الحكومة. وشعر بالغضب الشديد لأنه "شلّح" زعيم "المستقبل" سعد الحريري رئاسة الحكومة وشعر بالغضب الشديد لأنه وفّر تغطية سنية لـ8 آذار ومكّنه من تكوين غالبية حكومية.
هل يستجيب الرئيس ميقاتي دعوات الاستقالة التي يوجهها اليه اصدقاؤه والاخصام؟
عارفوه من قرب يستبعدون اقدامه على الاستقالة ولأسباب كثيرة ابرزها الآتي:
1 – لا أحد يستطيع ان يؤكد ان لبنان لن يعيش فراغاً حكومياً طويلاً بعد استقالة حكومة ميقاتي جراء تعذر الاتفاق على بديل منه، أو جراء عودة الأقلية النيابية إلى أكثريتها، أو جراء ضياع الخطوط بين الاكثرية والمعارضة بسبب التطورات في البلاد.
2- لا أحد يستطيع ان يضمن عدم تسبب تعذر تأليف حكومة جديدة بانفجار أمني واسع. علماً ان كل أدواته متوافرة. فحكومة ميقاتي ورغم انزعاج "حزب الله" منه لمواقف متنوعة اتخذها تتناقض مع سياساتها ومشروعها، ورغم الصراع الحاد الذي برز بينه وبين "التيار الوطني الحر" داخلها وخارجها، ورغم انزعاج الأسد منه جراء سياسته النأي بالنفس عما يجري في سوريا، وغضبه لعدم اقدامه وحكومته على حماية ظهره في لبنان بل على مواجهة أعدائه بأدوات الدولة وبسلطات الأمر الواقع، فحكومة ميقاتي هذه ورغم كل الاسباب المذكورة تؤمّن لـ"الحزب" ولـ"الحركة" ولـ"التيار" ولحلفاء سوريا مكاسب مقبولة وتتجنب الدخول معهم في حرب مكشوفة. وكل ما تفعله هو دعوتهم الى الانتظار مع كل اللبنانيين نتائج الصراعات الاقليمية – الدولية الدائرة، تلافياً لتعريض أنفسهم وشعوبهم كما سائر شعوب لبنان الى جحيم خبروه مرات عدة. وفي حال خروج ميقاتي من الحكومة فإن هؤلاء الاطراف سيكونون إما أمام حكومة حيادية، ولا حياد في لبنان، وإما أمام حكومة 14 آذارية. والاثنتان معاديتان لهم. ولذلك لا بد من درء خطرهما بالمواجهة وربما على الارض.
3- ارتياح جهات عربية واقليمية ودولية لسياسة حكومة ميقاتي، سواء في موضوع الوفاء بالتزامات لبنان حيال المحكمة الدولية، او في موضوع عدم الانخراط في الحرب السورية سواء مع النظام أو مع الثائرين عليه. ولم يأت الارتياح الا بعد خبرة وتعامل. فأميركا تشجعه وتدعوه الى عدم الاستقالة وطبعاً تحرّضه على الاستمرار في نهج النأي بالنفس بل الابتعاد عن سوريا. والسعودية أعربت له عن محبة عاهلها الملك عبد الله بن عبد العزيز وتقديره عبر مسؤولين مهمين فيها التقاهم اكثر من مرة ولكن من دون اعلان. وقطر أظهرت له دائماً التقدير والدعم. والأمم المتحدة عبّرت مرات عدة، كان آخرها قبل ايام على لسان المساعد السياسي الجديد للأمين العام فيها جيفري فيلتمان عن دعمها لحكومته وجيش لبنان.
4 – عدم اقتناع ميقاتي بخوف اصدقائه من ضعف وضعه السني في حال استمرار حكومته في السلطة. فأخصامه ظهر عليهم ضعف شعبي لا يستهان به. وبدأت التشكيلات الاسلامية على تنوعها تشكل تهديداً غير مباشر لهم بسبب مواجهتها وفي الشارع وبالسلاح اذا لزم الأمر، "اخصام" السنة أو "أعداؤهم". وهذا أمر لا يفعله هؤلاء الاخصام أو لا قدرة لهم على فعله. وهذا فضلاً عن الضعف "الامكاناتي" الذي بدأ يظهر عليهم.
في اختصار، لا يعني ذلك، يجيب عارفو ميقاتي، ان رفضه الاستقالة حكم مبرم لا نقض له. فهو سيقدم عليها اذا واجه موقفاً متحدياً لسلطته ولموقعه ولسلطة الدولة بكل مؤسساتها. و"حركة" عشيرة "المقداد" كانت من هذا النوع. لكنها حُلّت وان بطريقة ماسّة بالدولة. إلا أن تجددها سواء منها او من آخرين أو وقوع حركات أخرى سيجعل ميقاتي يقول: طفح الكيل. علماً ان هناك من يعتقد حتى الآن ان "الخروج من الحمام مش زي دخوله". 
 

السابق
نائب سني بارز
التالي
لا تدخل عسكري أوروبي في سوريا