مخطوفون.. وربط الأزمات؟

 الجميع بانتظار تطورات الحرب في سورية. العالم، الدول الإقليمية لا سيما العربية منها، لبنان، مختطفوه والأحزاب والجهات السياسية فيه، وحتى «إسرائيل» التي أربكها أكثر كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اخيراً.

الى ماذا ستؤول الأمور في سورية؟.. هذا هو السؤال الذي يتردد في كواليس السياسة بشكل عام لتأتي الإجابة عنه من كلٍ حسبما يتمنى بالدرجة الأولى، لأن معطيات الميدان يقرأها صديق سورية بطريقة ويقرأها عدوها بطريقة أخرى، لكن الحقيقة واحدة وهي أن الحرب مستمرة بلا هوادة، فالقيادة هناك مصرّة على القضاء على الجماعات المسلحة التي تنفذ «أجندة» خارجية أهم بنودها إسقاط الدولة بكل أشكالها.

وتقول مصادر سياسية إن الملفات باتت جميعها مترابطة بشكل وثيق، إذ لم يعد بالإمكان فصل احدها عن الآخر لأنها بشكل عام تندرج في سياق واحد، والعين مسمّرة على الأوضاع في سورية بدءا من ملف المخطوفين اللبنانيين هناك وليس انتهاءً بأدق التفاصيل في ما يجري في لبنان حيث تتصاعد حدة أزمته السياسية ويزيد مستوى الفرز السياسي والطائفي والمذهبي فيه الى حد التوتر المتنقل بين منطقة وأخرى، ناهيك عن الفلتان الأمني إن كان ذاك المتصل بحوادث السرقات والقتل والتعديات على الأملاك الخاصة أو ذلك المتصل بالانقسامات السياسية في البلاد.

وتشير المصادر الى أن قضية المختطفين اللبنانيين الـ 11 + 1 في سورية قد تعقدت من جديد إثر توالي عمليات الخطف والخطف المضاد، بما في ذلك الحالات التي لا تمتّ الى ما أقدم عليه ما يسمى بـ»الجيش السوري الحر» كجهة خاطفة ومخطوف لها، ولا سيما أن الإعلام انسحب نسبياً من حالة «الهيجان» التي مارسها طيلة الفترة الماضية بعدما أعطى أبعاداً مختلفة للقضية وحقق هدفاً مباشراً للخاطفين لا سيما من خلال الـ 11 وهو الترويج الإعلامي لعصابة «الحر» الخاطفة في شمال سورية، إلا أن الهدف الأكبر كان بالنسبة لتلك الجهة ـ التي نفذت عمليتها على الزوار اللبنانيين بتنسيق كامل مع الاستخبارات التركية وغرفة العمليات العسكرية والأمنية التي تقيمها دول التحالف الغربي – العربي في تركيا ـ ، فهو جعل الـ 11 «أكياس رمل» لعملية كاملة عنوانها الإبقاء على طريق الإمداد الرئيسي من تركيا الى الجماعات المسلحة في كل سورية وتحديداً مدينة حلب وريفها مفتوحاً وآمناً عبر منطقة احتجازهم في أعزاز على الحدود السورية – التركية.

وتكشف المصادر أن العملية التي نفذها الطيران الحربي السوري على أعزاز في 15 من آب الجاري كانت إيذاناً ببدء العملية العسكرية في حلب وريفها بشكل فعلي بعدما صبر الجيش السوري طويلاً، مفسحاً المجال أمام إيجاد حل لمسألة المختطفين اللبنانيين بعدما حولتهم الجهة الخاطفة لمظلة تقي خط الإمداد الرئيسي من تركيا القصف المدمر للجيش السوري الذي دفع بتعزيزات الى تلك المنطقة لمحاصرتها عقب انتهائه من معركة دمشق وريفها إثر الهجوم على مبنى الأمن القومي في 18 من تموز الماضي.

وتضيف المصادر، أن الجيش لم يكمل عملية الحصار في حلب بالرغم من قدرته على ذلك بسبب المختطفين اللبنانيين، بعد أن أبلغ التحالف الغربي – العربي عبر روسيا أن الطريق الذي ابقي عليه مفتوحاً هو لتسهيل انسحاب المسلحين باتجاه تركيا إذا ما ارادوا ذلك قبل الشروع بالقضاء عليهم، ولتجنيب المدينة دماراً محتماً انطلاقاً من أمرين، الأول أنها العاصمة الاقتصادية لسورية التي ستفكر قيادتها ألف مرة قبل الإجهاز عليها، وهي نقطة ضعف بالنسبة لها. والثاني أن أهلها بأغلبيتهم من مؤيديها.
وتؤكد المصادر في هذا السياق أن عملية تمشيط الأحياء في حلب متواصلة على قدم وساق وأن الجيش يحقق أهدافه بهدوء وصولاً الى الضربة القاضية بعدما قطع أخيراً طريق الإمداد الرئيسي وحدّ بشكل كبير من تدفق السلاح والمقاتلين، فيما دخل اللبنانيون الـ 11 دائرة الاختطاف الحقيقية وأبعدهم خاطفوهم عن الواجهة بعدما فقدوا صلاحيتهم في عملية إعلامية تهدف الى حماية خط الإمداد.

تدخل الأوضاع في لبنان حيّز الخطر مع تزايد عوامل ربط أزمته بالحرب المستعرة في سورية، والتي بدأتها فاعليات لبنانية رسمية وحزبية في منطقة شمال لبنان وشرقه عبر مساعدة العناصر المسلحة السورية ومدها بالمال والسلاح، وفتح الحدود والمناطق اللبنانية لها لممارسة نشاطها المعادي لكلا البلدين، وهو ما خطط له التحالف الغربي – العربي منذ البداية بعد استحالة الانطلاق من أماكن أخرى، لكن البيئة الحاضنة التي وفرتها تلك الجهات سرّعت من وتيرة ذلك الربط في حين لم يبرز في أي من تحركات الدولة في لبنان شعار النأي بالنفس عن تلك الأزمة، فمن يعمد الى زج البلد في أتون الصراعات هو نفسه صاحب هذا الشعار، إلا أن الرهان على قلب الموازين وقراءة الأحداث من الوجهة المعاكسة لها سيرتب عليها دفع اثمان باهظة، وتشير المصادر في هذا السياق الى قضية الوزير السابق ميشال سماحة التي يتم التعاطي معها بشكل «سيئ» الهدف منه الطعن بالعلاقات اللبنانية – السورية والمس بالقيادة السورية عبر تلميحات يطلقها غير مرجع في الدولة ما يؤكد القراءة الخاطئة لهؤلاء.

لقد اسرع البعض في حكمه على مسار الأمور في سورية وبالتالي وقع ضحية ما يروّجه سفراء غربيون وعرب في لبنان، إلا أن الحقيقة هي في مكان آخر حيث يراهن هؤلاء على أن قدرة أخصامهم مشلولة وعاجزة في وقت هي ليست كذلك على الإطلاق كما يقول اصحابها والذين يعقّبون بأن «الصبر» هو أهم مقاييس هذه القدرة في معركة تجري في سورية هي بحجم العالم!.
  

السابق
علم وخبر
التالي
تحفظ