ما تجاهله برّي وميقاتي!

إنهم يقوّصون على الجيش في ضاحية طرابلس الشمالية بين بعل محسن وباب التبانة. ولا يتردّد القناصة في استهداف عناصره، كما لو انهم ينفذون خطة محددة، او اوامر صارمة بوجوب عرقلة مهمة الجيش وتطفيشه، ودفع الوضع هناك صوب غابة الفوضى، وفي الاتجاه الاوسع.
أو في اتجاه الفتنة التي كثر الحديث عنها في الايام والساعات الاخيرة، وعلى السنة كبار المسؤولين الذين ما فتئوا يحذرون وينبِّهون اللاعبين بالنار الى ان الانزلاق الى الحريق الكبير لن يقتصر على فئة معينة، أو ضاحية دون اخرى.
صحيح ان اللبنانيين عن بكرة ابيهم باتوا على علم ويقين بما يدبّر ويحضّر لبلدهم، واين، وكيف، باعتبار ان "شحنة الهدايا" التي حملها ميشال سماحة ساهمت الى حد بعيد في توضيح الصورة، ومعرفة الوجوه والاسماء والامكنة.

الا ان لاشيء يمنع ان يكون الآتي اعظم، وان تكون هدايا بديلة قد عبرت الحدود بوسائل شتى.
يومان شماليان، طرابلسيان، لبنانيان لافتان في كل ما حصل خلالهما وما رافقهما ونجم عنهما، وبكل القتلى والجرحى الذين سقطوا، وبكل الخراب والخوف، وعلى اعين القيادات الطرابلسية، وعلى مرأى من قوى الامن وقوى الجيش والناس.

فهل المطلوب رأس طرابلس، وضم عاصمة الشمال وشمالها الى المحرقة السورية، ام ان الهدف ابعد من طرابلس والشمال… مرورا ببيروت وضاحيتها الجنوبية وطريق مطارها.
كلام كثير نثر واذيع في بيروت وطرابلس وبعض المدن والضواحي والانحاء. وللمرة الاولى يدلي بمثله، وبوضوح تام، الرئيس نبيه بري والرئيس نجيب ميقاتي.

وللمرة الاولى يتخلى رئيس الحكومة، النائية بنفسها، عن بعض حذره المشهود له واللامحدود، ويقارب التطورات المتصاعدة، وخصوصا بالنسبة الى ساحة الوغى المفتوحة في الضاحية الطرابلسية.
وبكل شجاعة وبسالة يعلن قبل سفره انه "لطالما حذرنا من الانزلاق في النيران المشتعلة حول لبنان، ولكن من الواضح ان هناك اطرافا كثيرين يرغبون بتوريط لبنان في هذا الصراع"…
ليس بسيطا او عاديا ان يصدر عن نجيب ميقاتي كلام بهذين العنف والضراوة، فيما هو يصعد الى طائرته مسافرا.

اما رئيس المجلس فقد كانت له وقفة كاد خلالها ان يبق البحصة كلها، الا انه اكتفى على ما يبدو بالتهديد، معلنا انه "من الآن وصاعدا ستكسر يد من يقدم على قطع طريق المطار، بغض النظر عن القضية التي ينزل ويقطع الطريق من اجلها"، مؤكدا ان قيادة الجيش اعطيت تفويضا في هذا الخصوص.
بقي الشيء الاهم، الشيء الوحيد الذي يوفر على لبنان واللبنانيين كل هذا القهر والتعتير: عودة الدولة، وهو الامر الذي تجاهله بري وميقاتي، من غير قصد حتماً.  

السابق
تحوّل متوقّع في الموقف الغربي ؟
التالي
إلى سليمان، إذا تواضع