السيد نصرالله يُشرف على أضخم مناورة لحزب الله في البقاع

من المؤكد أن زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي إلى بيروت في السادس من الجاري لم يكن طابعها ديبلوماسياً، على رغم أنه حاول إضفاء هذا الطابع عليها من خلال زيارته الرؤساء الثلاثة، لكن بعد لقائه الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ثمّ زيارته ضريح القيادي البارز في الحزب عماد مغنية، تأكد أنّ الرسالة التي جاء من اجلها تتخطى بكثير ما روّج له عن سبب مجيئه إلى لبنان.

حضر جليلي جالباً معه ضوءا أخضر يُعطي لـ"حزب الله" الأذن بالتحضّر للمرحلة المقبلة، مرحلة احتمال نشوب حرب إسرائيلية – إيرانية يكون لبنان من أهمّ مسارحها. واللقاء الذي جمع جليلي بنصرالله خارج الضاحية الجنوبية تمحور حول مدى جهوزية الحزب وتحضيراته العسكرية واللوجستية لساعة الصفر، التي يبدو أنها أصبحت على مرمى حجر بين بوابة فاطمة والسياج الحدودي الذي يفصل بين لبنان وإسرائيل.

مصادر مطلعة تؤكد لـنا أن "حزب الله" أجرى الأسبوع الفائت، وتحديداً يوم الجمعة، مناورة هي الأضخم حتى اليوم في تاريخ الحزب امتدت لثلاثة أيام متتالية، وشارك فيها اكثر من 10000 عنصر معظمهم من قوات النخبة لديه، والتي تُسمى بـ"القوات الخاصة". وتلفت إلى أنّ "المناورة هذه لا تُحاكي فقط نوعية القتال أو الدفاع عن القرى الاستراتيجية، إنما تتعلق أيضاً بإمكان احتلال الحزب لمناطق الجليل الأعلى داخل إسرائيل بعدما كان نصرالله دعا سابقاً إلى الاستعداد لهذه اللحظة".

وتكشف المصادر أن "البقاع كان له النصيب الاكبر من هذه المناورة، كونه من المرجح أن يشهد أم المعارك بين الحزب وإسرائيل نظراً إلى تدفق السلاح المتواصل اليه من دمشق، ولكونه يُعتبر الرئة الوحيدة التي يتنفس منها سلاح المقاومة في الجنوب"، مضيفة: "اللافت في المناورة هو المشاركة الكثيفة لعدد كبير من الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و20 عاماً، وهؤلاء لم يتسنّ لهم القتال في حرب تموز 2006 نظراً إلى صغر سنهم آنذاك".

وتؤكد المصادر أنها المرّة الاولى التي يعمد فيها الحزب إلى توسيع رقعة مناوراته بهذا الشكل، "فهي شملت مناطق انتشاره كافة، وثمّة معلومات تؤكد أنّ نصرالله قد أشرف شخصياً على جزء من هذه المناورة إلى جانب عدد من الضباط في الحرس الثوري الإيراني". وتشير إلى أن "المناورة ركزّت بشكل كامل على الشباب اليافعين الجدد، خصوصاً لجهة تدريبهم ميدانياً على استعمال الأسلحة المضادة للدروع، كون هذا النوع من القتال يحتاج إلى أجساد مَرنة يمكنها التنقل بسهولة بين هدف وآخر".

وتجزم المصادر بأنّ الحزب "سيضع كل إمكاناته المادية والعسكرية والإعلامية في تلك الحرب، لأنّ استراتيجيته تقول إن كسر مقاومته على يد الإسرائيلي ستكسره في الداخل اللبناني، ومن هذا المنطلق فإن مجموعات منظمة من داخله بدأت تحضّر الجنوبيين الذين يقطنون في القرى الأمامية الى احتمال وقوع الحرب"، وتشير إلى أنّ "الحزب أقام عدداً من الملاجئ المحصّنة في بعض القرى التي يتوقع صمود أهاليها، وخصوصاً داخل ما عُرف سابقاً بمثلث الصمود: مارون الراس، عيتا الشعب، وبنت جبيل. وهذا يعني أن الحزب سيتّكِل على دور ما قد يؤديه هؤلاء الأهالي لاحقاً".

وتضيف المصادر: "هناك قياديون داخل الحزب بدأوا يعدون العدة للحظة الحاسمة، وهم فعلاً بدّلوا أماكن سكنهم وحَدّوا من تحركاتهم اليومية، وعدا ذلك من المرجح أن يعتمد "حزب الله" التكتيك نفسه الذي اعتمده أثناء حرب تموز، لكن مع فارق وحيد في نوعية الأسلحة المتطورة التي تمّ استقدامها أخيراً من إيران، ومن ضمنها صواريخ مضادة للدروع وطائرات استطلاع يمكن تزويدها بعبوات تنفجر بواسطة أجهزة لاسلكية".

وتكشف المصادر أنّ "نحو ألفي عنصر من الحزب يُشاركون حالياً في المناورات التي يقيمها الحرس الثوري الإيراني في عدد من المدن الإيرانية، ومنها منطقة الأهواز ذات الاغلبية السنّية".

وتضيف: "لا شك في أنّ "حزب الله" سيفتقد في معركته إلى حليف الأمس القريب حركة "حماس"، والتي خرجت عن تحالفها معه مع بدء الثورة السورية، وهذا الأمر قد يزعج الحزب نوعاً ما خصوصاً انه سيكون في أمسّ الحاجة إلى فتح الجبهة الفلسطينية لتخفيف العبء عنه، ومن هنا يبدو أنّ الحزب بدأ يستعيض عن "حماس" بحليفه القديم الجديد "حركة الجهاد الإسلامي" الذي بدأ يُعطى الدور الفاعل ضمن المحور الممانع، لكن السؤال الذي تطرحه القيادة الإيرانية هو: هل إنّ الجهاد الإسلامي قادر فعلاً على التعويض عن خسارتها "حماس" التي وجّهت بوصلتها السياسية والعسكرية نحو الاخوان المسلمين في مصر؟"  

السابق
وطن اللاإستقرار
التالي
المعركة في طرابلس.. من يفجرها !؟