التزمّت والتكفير يولّدان شرارات الفتن

يصدر الفكر الديني الإسلامي المتشدّد أحكاماً تكفيريّة جمّة بحقّ الفكر العلماني المقاوم للمشروع الأميركي الصهيوني، بذريعة أنّه فكرٌ ملحد. ويا ليتنا نتعرّف على العلمانيّة من خلال قراءة ثقافتها، فتزول هذه المعتقدات الخاطئة.

من حقّ كلّ متنوّر أن يهاب الفكر الديني المتشدّد المدعوم معنوياً وماديّاً من دولٍ دائرة في الفلك السياسي للغرب ومن الغرب الهادف من خلال مباركته هذا الأسلوب من الدّعم، بعدما سُدَّت أمامه شتّى السّبل، لإسقاط النظام السّوري، وأهمّها عجز رجال النّاتو عن مهاجمة سورية جرّاء الفيتو الصيني – الرّوسي، إلى إشعال حربٍ أهليّة في سورية تمهيداً لتقسيمها وتفتيتها في ما بعد.

ومن غير المستبعد أن تكون بعض الانشقاقات عن النّظام ومنها انشقاق سفراء قد أنجبتها اغراءات ماليّة. والمضحك المبكي أنّ الغرب والاسلاميّين يعلمان مسبقاً بأنّهما سينقلبان على بعضهما في الفصل الثاني، كما حدث في أفغانستان وسيعتبر الفكر الديني الاسلامي المتشدّد بأنّه الوحيد القادر على الحاق الهزيمة بالامبرياليّة على اعتبار أنّه يُصنِّف نفسه بالمتمخّض الوحيد من رحم السراط المستقيم ! لقد رأينا كيف تعمّد هذا الفكر عبر مناصريه ضرب الفنّانة التونسيّة أماني السويسي ضرباً شديداً في احد شوارع العاصمة قبل يومٍ واحد من احيائها حفلة رأس السنة 2011 -2012، وقد مكثت الفنّانة في المستشفى أسبوعاً كاملاً. وفي مصر ما زال النّظام الاسلامي يُصِرُّ على حذف مشاهد قبلات بين فنّانين وفنّانات ضمن أفلامٍ مصريّة يعود آخرها الى العام 1971 ! لقد شرع الرّئيس الأسد في البدء بتنفيذ اصلاحاتٍ باكورتها تعيين شخصيّات سياسيّة مثقّفة في صفوف الحكومة السوريّة الجديدة ومن كلّ الاتجاهات التقدّمية ومنها المناضل الشّيوعي قدري جميل. أمّا الفكر الدّيني المتشدّد والرّافض الى الآن القيام بنقدٍ ذاتي صائب يمحو من خلاله ثقافة التكفير من ذهنه، فمن الصّعب جداً أن يستحوذ على تراخيص تخوّله شرعنة أحزابه المحظورة داخل سورية ان في عهد الرئيس الأسد أو في عهد أيّ نظام علمانيّ يترأسه رجلٌ آخر، بخاصة اذا استمرَّ اغداق الدّعم المادّي والمعنوي عليه من قبل أروقة معروفة الأهداف والمرامي. انّ اصرار هذا الفكر في الاستمرار على هذه الشّاكلة منذ خمسينات القرن الماضي والى الآن سيخلق في الضّفاف المقابلة لضفّته حالات غضب شديدة تعتبر حريّاتها الشخصيّة غير المتخطّية لحدود الأخلاق العامّة والطبائع السويّة خطّاً أحمر لا يُمكن تجاوزه.  

السابق
القطاع السياحي يُشهِرُ إفلاسه
التالي
أبو فاعور: لنهضة ثقافية في وادي التيم