مشيمش: لغز يحتاج الى حل

يسرد مشيمش نفسه قصته في حوار صحفي خاص من سجنه (موقع 14 آذار) فيقول: «تعاونت مع الشيخ محمود النمساوي من النبطية من أجل إقامة مشروع ديني أشبه بمنبر لمواجهة حزب ولاية الفقيه، الذي يشكل خطراً على مستقبل الشيعة العرب, مع الإشارة هنا إلى أن الشيخ النمساوي كان قد تعرض للتنكيل والتعذيب على يد المخابرات الإيرانية لانتقاده الولي الفقيه. وفي ألمانيا تعرفت على جهاز أمني ألماني هو جهاز مكافحة الإرهاب على هامش زيارتي، وطلبوا مني التعاون الأمني معهم فرفضت ذلك جملة وتفصيلاً، لأني أرفض العمل بطريقة سرية, وكل مواقفي واضحة وعلنية وبالتحديد ضد نظرية الولي الفقيه.

وعندما عدت إلى لبنان، وانطلاقاً من حساسيتي لموضوع الأمن، وبالرغم من موقفي من حزب الله، فضّلت أن أزور مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله الشيخ علي موسى دعموش، الذي صودف أنه صديقي الشخصي، وأبلغته بما حدث، وبناءً على طلبه دونت ما جرى ووقعت على الإفادة وقدمتها إليه. لقد فعلت ما فعلته لأنني منذ العام 1998 بدأت أشعر أنني واقع تحت مراقبة أمن حزب الله ووصاية أمن هذا الحزب وليس الدولة اللبنانية… لقد استفززت حزب الله من خلال خطوتين خطيرتين في نظر الحزب؛ الأولى هي أنني أسست مجلة فكرية (ضد ولاية الفقيه)، الثانية (أنني) عمدت إلى تشكيل تجمع علمائي من 30 عالم دين شيعي مع صديقي المفتي الجعفري أحمد طالب وهو صهر آية الله فضل الله، وقد كان القاسم المشترك بين المنضويين في هذا التجمع هو وقوفهم في وجه ولاية الفقيه».

ماذا جرى معه بعد اعتقاله في سوريا؟ يقول: «تعرضت لتعذيب وحشي لا يحتمله إلا نبيّ أو وصيّ من أجل انتزاع اعتراف مني بأني عميل إسرائيلي وعلى علاقة مع العميل الصهيوني الآخر عقاب صقر، وخلال بعض جلسات التحقيق كان يشارك بعض مسؤولي حزب الله وقد أكرهوني على التوقيع على أوراق محتواها أشبه بالخيال نصها المحققون وكان عليّ توقيعها بالإكراه, أذكر منها إدّعاءهم بأنني قدّمت إلى العدو الإسرائيلي معلومات إستراتيجية تمس بالأمن القومي السوري… اضطررت إلى التوقيع على هذا الكلام الخيالي، كما استغل حزب الله ذلك وقام بتصوير شريط فيديو لي وأنا أُكره على الاعترافات المركّبة، وحمل الشيخ نبيل قاووق (مسوؤل حزب الله في الجنوب) شريط الفيديو وأرسل وراء وفد من أهلي وأقربائي إلى الضاحية الجنوبية كي يشاهدوا بأم عينهم اعترافاتي الوهمية ويهينني أمامهم… بعد إخلاء سبيلي من قبل المحكمة، اعتقلتني المخابرات السورية من جديد ولمدة ثلاثة أشهر أخرى في زنزانتي الانفرادية. بعد مدة الأشهر الثلاثة، وفي شهر تشرين الأول 2011، نقلني عناصر أمن حزب الله بأربع سيارات GMC سوداء اللون وداكنة الزجاج وأنا معصوب العينين وأدخلوني إلى الأراضي اللبنانية حيث سلموني للأمن العام اللبناني».

ماذا عن التحقيقات في لبنان؟ يقول مشيمش: «في زنازين الأمن العام عوملت معاملة غاية في السوء، بعدها نقلوني إلى فرع المعلومات الذي بدا أكثر إنسانية وعوملت معاملة الآدميين. بعدها عرضت على القاضي عماد زين الذي ورطني ورغبني في الإجابة على التحقيق من دون أن يمنحني حق الحصول على محام خلال الجلسة الأولى وهذا أقل حقوقي. وبعد الجلسة الثانية ومواجهتي لعماد زين بأنه هو من طلب مني أن أسير بالتحقيق من دون محام، جلبوا لي محام قرأ إفادة التحقيق الأولى وقال لي هي إفادة عادية ليس فيها إقرار ولا اعتراف من جانبك بأي قضية ولا كلمة إدانة بحقك، ومن ثم وقعنا أنا والمحامي على هذه الإفادة، وأفاجأ بعد أسبوع بصدور قرار تطالب فيه المحكمة بإعدامي لأنني عميل للمخابرات الفرنسية والألمانية… أنا سجين سياسي بامتياز».

عائلة مشيمش والقريبون منه على يقين ببراءته، وآخر الاعتصامات لأجله كانت في شهر آذار الماضي، بالتزامن مع جلسة محاكمته الرابعة. لدى المحققين، وفي القضاء فإن مشيمش متورط، والحقيقة في هذه القضية ما تزال ضبابية، سيما أن أهل مشيمش يؤكدون أن شبح «حزب الله» ومؤامرته ما تزال تعمل، وهي الآن ناشطة في القضاء، كما كانت ناشطة في مجال فبركة الأدلة. ثمة أمور غامضة في هذه القضية قد لا يطول الوقت حتى تتضح، لكن في كل الأحوال فإن استقالة الدولة من مسؤولياتها، سواء في المطالبة باسترجاع مواطن لبناني، أو في طريقة تسلمه لاحقاً، جعل الملف كما لو كان لغزاً يحتاج إلى حل.   

السابق
الثوم كنز من الفيتامينات
التالي
حملة “حقي علي”: مشروع خليل الصحي يعوق تحرير المواطن من الارتهان