اللواء: شظايا الخطف السوري تشل الحوار وتهدّد الإستقرار تعميم التجربة الصومالية من الرويس في البقاع

موضوع واحد طغى على جلسة هيئة الحوار الوطني، وعلى جلسة مجلس الوزراء، هو الفوضي الأمنية التي عصفت في البلاد منذ الأربعاء الماضي، والناجمة عن شظايا الخطف السوري الذي تفاقمت أحداثه من الإعلان عن خطف اللبناني حسان المقداد، إلى الغارة الجوية على منطقة أعزاز التي نفذتها مقاتلة سورية، وأدت الى مقتل أكثر من 40 شخصاً وعشرات الجرحى، وتدمير مباني وأماكن سكنية، بينهم أكثر من 4 لبنانيين من الزوار المخطوفين، الأمر الذي نقل شظايا الخطف السوري إلى داخل لبنان، على نحو دراماتيكي، وسط مخاوف جدية من "صوملة" لبنان، أو تعميم التجربة اليمنية، مع تحوّل العشائر والتيارات والزمر المسلحة الى قطّاع طرق وصيادين للبشر، وكأن لا دولة ولا مسؤولين ولا هيبة ولا سلطة ولا قوى أمنية ولا قرارات سياسية.
واللبنانيون الذين هالهم مشهد "الفرقة العسكرية" لآل المقداد، وأخبار "الجناح العسكري"، وإطلاق العنان لـ "بنك الأهداف" السوري ولرعايا عرب، سرعان ما تحركت دولهم في السعودية وقطر والإمارات والكويت لإجلائهم ومنعهم من المجيء إلى لبنان لتمضية عطلة عيد الفطر السعيد، كما كان يحدث في السنوات الماضية، ناموا على قطع طريق المطار مجدداً و"فلاشات" التلفزيونات والأخبار العاجلة ومواقع الانترنيت التي تعمل ليل نهار، واستفاقوا على أخبار قطع الطريق عند المصنع رداً على قطع طريق المطار وترنح جدية الحوار، مع الإعلان المبكر عن غياب رئيس المجلس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية وشخصيتين كبيرتين من قوى 14 آذار هما الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع بالإضافة الى نائب رئيس المجلس فريد مكاري عن الجلسة.
واستأثرت هذه التطورات المخيفة باهتمامات تعدّت لبنان بالدول المعنية باستقراره، ولم تغب عن محادثات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي قاربها من زاوية الاهتمام بشؤون النازحين السوريين التي يتابعها من خلال جولته في المنطقة، وعشية الاجتماع الذي سيعقد في باريس ودعت إليه فرنسا في 30 الشهر الحالي.

مجلس الوزراء
ومثلما فرض الوضع الأمني نفسه على طاولة الحوار، مغيباً الاستراتيجية الدفاعية، غيّب هذا الوضع سلسلة الرتب والرواتب التي كانت البند الرئيسي على طاولة مجلس الوزراء، مع 47 بنداً أبرزها مد حصرية شركة طيران الشرق الأوسط للرحلات الجوية عبر مطار بيروت لمدة 20 سنة.
وأكّد وزير العمل سليم جريصاتي في اتصال مع "اللواء" أن الوضع الأمني في البلاد أخذ أكثر من ساعتين ونصف من المناقشات في الجلسة الى جانب موضوع المخطوفين اللبنانيين في سوريا، حيث اتفق على تشكيل خلية أزمة وزارية لمواكبة هذه الأزمة والتواصل مع الجهات المعنية وذوي المخطوفين للعمل على الوصول إلى نهاية سعيدة بهذا الصدد.
وشدّد على أن عدم البحث في موضوع سلسلة الرتب والرواتب لا يعود إلى وجود خلافات حولها بل بفعل ضيق الوقت وارتباط رئيس الحكومة بموعد مسبق مع وزير الخارجية الفرنسي الذي اقام على شرفه مأدبة افطار، موضحاً أن هذا الأمر سيكون مدرجاً على جدول أعمال أوّل جلسة لمجلس الوزراء والتي حددت في 4 أيلول المقبل، وقال: "إن زيادة غلاء المعيشة التي أعطيت للموظفين في القطاع العام ستدفع دفعة واحدة ابتداء من 1/2/2012".
واوضح وزير المال محمد الصفدي انه اقترح تجزئة السلسلة والدرجات على ثلاث مراحل:
الاولى في العام 2012 ، والثانية في 2013 والثالثة من الاول من 2014 بحيث تصبح السلسلة كاملة.
وبحث مجلس الوزراء في الاجراءات الامنية والقضائية والاعلامية الواجب اتخاذها لإعادة ضبط الوضع الامني ، ولمعالجة قضية المخطوفين.
فقرّر مجلس الوزراء تشكيل لجنة وزارية برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل والوزراء مروان شربل وعدنان منصور وشكيب قرطباوي لتقوم بمهام خلية ازمة لحل مسألة المخطوفين اللبنانيين واستقصاء المعلومات المتعلقة بهم والتواصل مع ذويهم ومواكبة الاتصالات الامنية والدبلوماسية الجارية بشأن اطلاقهم،وتقرّر استدعاء الصحفيين الذين دخلوا اعزاز للتحقيق معهم حول كيفية دخولهم وخروجهم ومن هي الجهة التي أمنت لهم الضمانة بالدخول والخروج الآمن..
كما تقرّر استصدار استنابات قضائية ?بحق كل الذين قاموا بأعمال مخلة بالامن، او باعتداءات او بأعمال خطف،
وناقش مجلس الوزراء تعاطي المحطات التلفزيونية مع الازمات وتحملها المسؤولية في نقل الصور والمواقف المسيئة وغير المسؤولة دون رقابة، مما يسهم في تعميم حال الفوضى وفي الاساءة الى صورة لبنان في الخارج والى علاقاته بالدول الصديقة والشقيقة.
واطلع وزير الاعلام المجلس الوزراء على دعوته الوسائل الاعلامية الى اجتماع للبحث في المسؤولية الاعلامية .
وبحث مجلس الوزراء بكيفية وضع خطة امنية لاعادة ضبط الوضع وبالتنسيق بين القوى الامنية في تحمّل المسؤولية وان يكون من ابرز اجراءاتها الامساك بطريق المطار من قبل القوى العسكرية ومنع قطعه منعاً باتا.
وسينعقد اجتماع لمجلس الامن المركزي للاتفاق على اجراءات هذه الخطة، وللتنسيق بشأنها بين القوى العسكرية ..
وبعد انتهاء الجلسة، سئل الوزير محمد فنيش عما اذا كانت الخطة الامنية ستشمل الضاحية الجنوبية، فاجاب: بأن اعطاء الانطباع بأن الضاحية خارجة عن سلطة الدولة غير صحيح.
واللافت ان فنيش سأل عن الدور التركي الذي يؤمّن ويضمن دخول وخروج الصحافيين من والى اعزاز، ولا يمكنه القيام بأي خطوة باتجاه خاطفي اللبنانيين.?

خطف السوريين
وتزامنت اجراءات مجلس الوزراء، مع اعلان "المجلس العسكري" لآل المقداد عن وقف "جميع العمليات العسكرية" على جميع الأراضي اللبنانية، كاشفاً عن اطلاق 18 مخطوفاً سورياً ثبت عدم علاقتهم "بالجيش السوري الحر"، والابقاء على عدد مماثل، والاحتفاظ بالمواطن التركي الذي خطف في المطار، علما ان رئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا اعلن من جهته ان لا وجود "للجيش الحر" في لبنان.
وشدد الناطق باسم عائلة المقداد ماهر المقداد ان سبب وقف العمليات يعود إلى دخول طابور خامس على الخط، مؤكدا ان العائلة ليست مسؤولة عن اي عملية خطف حصلت امس في شتورة، نافيا ان يكون لدى العائلة اي مخطوف سعودي او خليجي.
وفي بادرة حسن نية تجاه الشعب السوري لمناسبة عيد الفطر اعلنت مجموعة "سرايا المختار الثقفي" الافراج عن 5 من المخطوفين السوريين لديها، علما ان مجلس علماء البقاع ادان اعمال الخطف، داعيا إلى اطلاق كل المخطوفين، مستهجناً الظهور المفاجئ للمسلحين المقنعين وانتشار الكمائن والحواجز المسلحة، مستغربا نأي الدولة عن مسؤوليتها.
اما مصير المخطوفين اللبنانيين الـ 11 في سوريا، فما يزال مصيرهم مجهولا، بعدما صعق اهاليهم في الضاحية امس الاول بخبر مقتلهم نتيجة الغارة السورية على مقر احتجازهم في "اعزاز"، لكن الناطق الاعلامي باسم "ثوار شمال سوريا" محمد نور اكد مقتل 4 نتيجة القصف، ونجاة 7 آخرين اصيبوا بجروح، فيما نقل وزير الخارجية عدنان منصور عن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ان جميع المخطوفين بخير وسالمون، وهي المعلومة نفسها التي اكدها مجلس الوزراء.
وسجل امس، حادث خطف جديد من شأنه ان "يشعل" الحزب التقدمي الاشتراكي، حيث افيد عن اختفاء رجل الاعمال رجا الزهيري، والعثور على سيارته في عرمون، وترددت معلومات ان الحادث حصل لاسباب مالية.  

السابق
عون: في لبنان من الحكماء ما يكفي لإطفاء النار ومنعها من الاشتعال
التالي
الشرق الأوسط: عشيرة المقداد تعلن وقف عملياتها العسكرية واحتفاظها بـ20 سوريا وتركي واحد