السفير: عشائر الحوار تقطع طريق الحل والمصنع مقابل المطار!

عاش اللبنانيون، ومعهم أهلهم في الاغتراب، وكل من يقيم على أرض لبنان، فصلا جديدا من فصول بلد معلق بين اللاسلم واللااستقرار. بين الحرب التي تبدو كل عدتها سلاحا وخطابا ونفوسا جاهزة، وبين قرار الخارج والداخل بالبقاء على حافة الهاوية، من دون الانزلاق الى الهاوية نفسها.
مشاهد كثيرة عاشها اللبنانيون في اليومين الماضيين، استعادوا معها شريط ويلات حرب أهلية ظنوا أنهم قد طووها قبل أكثر من عقدين بلا رجعة. مشاهد جعلت الجالس قبالة الشاشة في منزله، يسأل عن أولاده الموزعين بين مراكز عملهم أو اجازاتهم. جعلت المغترب يسعى كل دقيقة للاطمئنان عن أهله. جعلت المتوجه الى المطار يبحث عمن يدله الى خريطة الطريق الأكثر أمانا، والآتي الى لبنان يسأل عن ضرورة الزيارة، وعن مخاطر عبور "المصنع"..

حالات انسانية أكثر وأكبر من أن تحصى وتعد، تعبر عن قلق مقيم، وآخر مستجد، وعن قلق قابل للازدياد في الأيام الآتية. وفي المقابل، بدت الدولة مخطوفة، تبحث عمن يجدها، ولو شكلا في الطرق أو مجرد صورة في الشاشات، لكأن الكل هزم الدولة، فراحت تتوالد دويلات العشائر والأحياء والملثمين وقطاع الطرق، من طريق المطار الى "المصنع"، وما أفدح المكانين، كبوابتين للبنان على العالم.
أمضى اللبنانيون ساعات من حبس الأنفاس، على وقع روايات اعلامية مفبركة حول مصير الزوار اللبنانيين الـ 11 المخطوفين في سوريا، يضاف اليهم مصير الشاب حسان المقداد الذي انضم الى لائحة المخطوفين على ايدي عناصر سورية معارضة.
ساعات، اجتاح فيها القلق كل تفاصيل الجسم اللبناني، في ظل مشاهد اظهرت الدولة غائبة ومنهكة كأنها افلتت من أيدي نفسها، ليصبح الشارع رهينة السلاح والمسلحين وشريعة المقنعين والعابثين بالامن، الذين اطلوا برؤوسهم من خلف قضية انسانية محقة بامتياز.
واذا كان الخطف أمرا لا تجيزه اية شرائع أو أديان،
واذا كان الوجع عند الأهالي، وجعا وطنيا بامتياز،
واذا كانت الدولة، لا بل "الدول" مدانة في تعاملها المخزي مع هذه القضية الانسانية،
واذا كان الاعلام اللبناني المرئي، قد غادر الحد الأدنى، من موجبات المسؤولية الوطنية والأخلاقية،
اذا كان ذلك كله، فان اتباع قاعدة العين بالعين على الطريقة العشائرية، أنزلت الاهانة بالقضية أولا، وبالعشرات لا بل عشرات الآلاف من الرعايا السوريين الموجودين في لبنان ثانيا، مثلما تحولت الى نوع من خنق الذات عبر قطع الطرق، كما حصل في طريق المطار في بيروت، وفي طريق "المصنع" قرب بلدة مجدل عنجر.

اشتباك بين السنيورة
ورعد في الحوار
وقد فرض ملف المخطوفين نفسه على طاولة الحوار الوطني الذي انعقد بمن حضر في قصر بيت الدين، في غياب الرئيس نبيه بري، الرئيس سعد الحريري، النائب سليمان فرنجية ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري.
وتمحورت مداخلات "المتحاورين" حول موضوع المخطوفين وما رافقه من احداث في الضاحية الجنوبية وصولا الى مجدل عنجر، وتقرر بناء على ذلك، تشكيل وفد من الهيئة يسعى بدءا من اليوم، مع الدول المؤثرة، من اجل معالجة هذا الموضوع، والافراج عن المخطوفين، على ان تعود طاولة الحوار الى الانعقاد في العشرين من ايلول المقبل لطرح الورقة الرئاسية حول الاستراتيجية الدفاعية، والتي آثر رئيس الجمهورية ميشال سليمان عدم طرحها في جولة الامس، نظرا لغياب اطراف اساسيين عن الجلسة.
وكان اللافت للانتباه في الحوار، "الاشتباك السياسي" الذي حصل بين رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، والرئيس فؤاد السنيورة على خلفية ما وصفه الاخير بمظاهر الفلتان واللااستقرار (مشيرا الى ما حصل في الضاحية امس الاول)، معتبرا ان ما جرى ليس صدفة، "بل هو فصل جديد من ممارسة الارهاب على المواطنين". ودعا السنيورة الى استعادة هيبة الدولة بحل مشكلة السلاح والالتزام بالدستور واتفاق الطائف، وبوحدانية سلطة الدولة على كامل أراضيها، والى تشكيل حكومة إنقاذ تخلف هذه الحكومة البائسة، تعمل على استعادة الثقة بالبلاد وسمعتها واقتصادها، والى ضبط المعابر والحدود مع سوريا من خلال التقيد الكامل بمندرجات القرار 1701.
ورد رعد منتقدا من يأتي ويلوم الضحية، مؤكدا ان هذا الكلام "مرفوض وغير مسؤول وليس مبنيا على معطيات، وليس له رصيد سوى التحريض وصب الزيت على النار، والسير وراء اوهام واهداف سياسية ومكتسبات".
واستذكر رعد "حكومة السنيورة البتراء" (قبيل حكومة الدوحة الثانية) واتهم رئيس الحكومة الأسبق باخذ البلد نحو الانقسام، وقال "هذا الاحتقان الذي يحصل في البلد سببه الانقسام الذي اخذت انت البلد اليه".

الحكومة تشكل خلية أزمة
كما فرض موضوع المخطوفين نفسه على طاولة مجلس الوزراء، في بيت الدين، وقررت الحكومة تشكيل خلية ازمة لمتابعة قضية المخطوفين. وقالت مصادر وزارية لـ"السفير" ان جلسة مجلس الوزراء كانت امنية بامتياز، وإنه تم استعراض ما احاط قضية الزوار اللبنانيين والملابسات والروايات التي تعددت مصادرها وخلقت جوا من الارباك والتوتر في صفوف الاهالي، كما تم استعراض قضية خطف حسان المقداد في دمشق. واخذ مجلس الوزراء علما بتأليف الوفد من هيئة الحواء للسعي مع الدول المؤثرة، ورجحت المصادر امكان تطعيم الوفد حكوميا عبر بعض الوزراء، للقيام بزيارات قريبة للدول المؤثرة في الخاطفين (السعودية، قطر وتركيا).

واشارت المصادر الى انه لم تصل الى مجلس الوزراء اية معلومات دقيقة حول مصير المخطوفين، باستثناء ما تبلغه وزير الخارجية عدنان منصور حول سلامة اللبنانيين الـ11.
واقترح وزير الدولة مروان خير الدين استدعاء السفير التركي في لبنان الى وزارة الخارجية، وتسليمه رسالة الى السلطات التركية تحملها المسؤولية عن سلامة المخطوفين، وتدعوها الى تكثيف اتصالاتها ووضع ثقلها لانهاء هذا الملف، ولا سيما ان هناك بعض التفاصيل تؤشر الى علم السلطات التركية بمكان وجودهم واحتجازهم، خاصة من خلال الاجراءات والتسهيلات التركية التي قدمت للاعلاميين، كما لذوي بعض المخطوفين، خلال زيارتهم المخطوفين قبل ايام.

وبحسب مصادر وزارية، فإن مداخلات الوزراء، ومعهم رئيسا الجمهورية والحكومة، اكدت هيبة الدولة وعدم السماح بالمساس بها، ولفت في هذا السياق تأكيد وزراء حركة "امل" و"حزب الله" رفض الطرفين القاطع أي مس بهيبة الدولة ومكانتها، وبالتالي عدم القبول بمنطق قطع الطرق، والتشديد على دور الجيش في هذا المجال، وتفويضه قمع المخالفات فور حصولها واينما كان .
من جهة ثانية، وصل الى بيروت امس، وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس في زيارة تستمر يومين، والتقى فور وصوله رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عدنان منصور، كما زار ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري. كما تردد انه التقى شخصيات من المعارضة السورية في السفارة الفرنسية في قصر الصنوبر .

عاش اللبنانيون، ومعهم أهلهم في الاغتراب، وكل من يقيم على أرض لبنان، فصلا جديدا من فصول بلد معلق بين اللاسلم واللااستقرار. بين الحرب التي تبدو كل عدتها سلاحا وخطابا ونفوسا جاهزة، وبين قرار الخارج والداخل بالبقاء على حافة الهاوية، من دون الانزلاق الى الهاوية نفسها.
مشاهد كثيرة عاشها اللبنانيون في اليومين الماضيين، استعادوا معها شريط ويلات حرب أهلية ظنوا أنهم قد طووها قبل أكثر من عقدين بلا رجعة. مشاهد جعلت الجالس قبالة الشاشة في منزله، يسأل عن أولاده الموزعين بين مراكز عملهم أو اجازاتهم. جعلت المغترب يسعى كل دقيقة للاطمئنان عن أهله. جعلت المتوجه الى المطار يبحث عمن يدله الى خريطة الطريق الأكثر أمانا، والآتي الى لبنان يسأل عن ضرورة الزيارة، وعن مخاطر عبور "المصنع"..
حالات انسانية أكثر وأكبر من أن تحصى وتعد، تعبر عن قلق مقيم، وآخر مستجد، وعن قلق قابل للازدياد في الأيام الآتية. وفي المقابل، بدت الدولة مخطوفة، تبحث عمن يجدها، ولو شكلا في الطرق أو مجرد صورة في الشاشات، لكأن الكل هزم الدولة، فراحت تتوالد دويلات العشائر والأحياء والملثمين وقطاع الطرق، من طريق المطار الى "المصنع"، وما أفدح المكانين، كبوابتين للبنان على العالم.
أمضى اللبنانيون ساعات من حبس الأنفاس، على وقع روايات اعلامية مفبركة حول مصير الزوار اللبنانيين الـ 11 المخطوفين في سوريا، يضاف اليهم مصير الشاب حسان المقداد الذي انضم الى لائحة المخطوفين على ايدي عناصر سورية معارضة.
ساعات، اجتاح فيها القلق كل تفاصيل الجسم اللبناني، في ظل مشاهد اظهرت الدولة غائبة ومنهكة كأنها افلتت من أيدي نفسها، ليصبح الشارع رهينة السلاح والمسلحين وشريعة المقنعين والعابثين بالامن، الذين اطلوا برؤوسهم من خلف قضية انسانية محقة بامتياز.
واذا كان الخطف أمرا لا تجيزه اية شرائع أو أديان،
واذا كان الوجع عند الأهالي، وجعا وطنيا بامتياز،
واذا كانت الدولة، لا بل "الدول" مدانة في تعاملها المخزي مع هذه القضية الانسانية،
واذا كان الاعلام اللبناني المرئي، قد غادر الحد الأدنى، من موجبات المسؤولية الوطنية والأخلاقية،
اذا كان ذلك كله، فان اتباع قاعدة العين بالعين على الطريقة العشائرية، أنزلت الاهانة بالقضية أولا، وبالعشرات لا بل عشرات الآلاف من الرعايا السوريين الموجودين في لبنان ثانيا، مثلما تحولت الى نوع من خنق الذات عبر قطع الطرق، كما حصل في طريق المطار في بيروت، وفي طريق "المصنع" قرب بلدة مجدل عنجر.
اشتباك بين السنيورة
ورعد في الحوار
وقد فرض ملف المخطوفين نفسه على طاولة الحوار الوطني الذي انعقد بمن حضر في قصر بيت الدين، في غياب الرئيس نبيه بري، الرئيس سعد الحريري، النائب سليمان فرنجية ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري.
وتمحورت مداخلات "المتحاورين" حول موضوع المخطوفين وما رافقه من احداث في الضاحية الجنوبية وصولا الى مجدل عنجر، وتقرر بناء على ذلك، تشكيل وفد من الهيئة يسعى بدءا من اليوم، مع الدول المؤثرة، من اجل معالجة هذا الموضوع، والافراج عن المخطوفين، على ان تعود طاولة الحوار الى الانعقاد في العشرين من ايلول المقبل لطرح الورقة الرئاسية حول الاستراتيجية الدفاعية، والتي آثر رئيس الجمهورية ميشال سليمان عدم طرحها في جولة الامس، نظرا لغياب اطراف اساسيين عن الجلسة.
وكان اللافت للانتباه في الحوار، "الاشتباك السياسي" الذي حصل بين رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، والرئيس فؤاد السنيورة على خلفية ما وصفه الاخير بمظاهر الفلتان واللااستقرار (مشيرا الى ما حصل في الضاحية امس الاول)، معتبرا ان ما جرى ليس صدفة، "بل هو فصل جديد من ممارسة الارهاب على المواطنين". ودعا السنيورة الى استعادة هيبة الدولة بحل مشكلة السلاح والالتزام بالدستور واتفاق الطائف، وبوحدانية سلطة الدولة على كامل أراضيها، والى تشكيل حكومة إنقاذ تخلف هذه الحكومة البائسة، تعمل على استعادة الثقة بالبلاد وسمعتها واقتصادها، والى ضبط المعابر والحدود مع سوريا من خلال التقيد الكامل بمندرجات القرار 1701.
ورد رعد منتقدا من يأتي ويلوم الضحية، مؤكدا ان هذا الكلام "مرفوض وغير مسؤول وليس مبنيا على معطيات، وليس له رصيد سوى التحريض وصب الزيت على النار، والسير وراء اوهام واهداف سياسية ومكتسبات".
واستذكر رعد "حكومة السنيورة البتراء" (قبيل حكومة الدوحة الثانية) واتهم رئيس الحكومة الأسبق باخذ البلد نحو الانقسام، وقال "هذا الاحتقان الذي يحصل في البلد سببه الانقسام الذي اخذت انت البلد اليه".
الحكومة تشكل خلية أزمة
كما فرض موضوع المخطوفين نفسه على طاولة مجلس الوزراء، في بيت الدين، وقررت الحكومة تشكيل خلية ازمة لمتابعة قضية المخطوفين. وقالت مصادر وزارية لـ"السفير" ان جلسة مجلس الوزراء كانت امنية بامتياز، وإنه تم استعراض ما احاط قضية الزوار اللبنانيين والملابسات والروايات التي تعددت مصادرها وخلقت جوا من الارباك والتوتر في صفوف الاهالي، كما تم استعراض قضية خطف حسان المقداد في دمشق. واخذ مجلس الوزراء علما بتأليف الوفد من هيئة الحواء للسعي مع الدول المؤثرة، ورجحت المصادر امكان تطعيم الوفد حكوميا عبر بعض الوزراء، للقيام بزيارات قريبة للدول المؤثرة في الخاطفين (السعودية، قطر وتركيا).
واشارت المصادر الى انه لم تصل الى مجلس الوزراء اية معلومات دقيقة حول مصير المخطوفين، باستثناء ما تبلغه وزير الخارجية عدنان منصور حول سلامة اللبنانيين الـ11.
واقترح وزير الدولة مروان خير الدين استدعاء السفير التركي في لبنان الى وزارة الخارجية، وتسليمه رسالة الى السلطات التركية تحملها المسؤولية عن سلامة المخطوفين، وتدعوها الى تكثيف اتصالاتها ووضع ثقلها لانهاء هذا الملف، ولا سيما ان هناك بعض التفاصيل تؤشر الى علم السلطات التركية بمكان وجودهم واحتجازهم، خاصة من خلال الاجراءات والتسهيلات التركية التي قدمت للاعلاميين، كما لذوي بعض المخطوفين، خلال زيارتهم المخطوفين قبل ايام.
وبحسب مصادر وزارية، فإن مداخلات الوزراء، ومعهم رئيسا الجمهورية والحكومة، اكدت هيبة الدولة وعدم السماح بالمساس بها، ولفت في هذا السياق تأكيد وزراء حركة "امل" و"حزب الله" رفض الطرفين القاطع أي مس بهيبة الدولة ومكانتها، وبالتالي عدم القبول بمنطق قطع الطرق، والتشديد على دور الجيش في هذا المجال، وتفويضه قمع المخالفات فور حصولها واينما كان .
من جهة ثانية، وصل الى بيروت امس، وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس في زيارة تستمر يومين، والتقى فور وصوله رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عدنان منصور، كما زار ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري. كما تردد انه التقى شخصيات من المعارضة السورية في السفارة الفرنسية في قصر الصنوبر .
  

السابق
الأخبار: الأمن أخذ محلّ الاستراتيجية في الحوار
التالي
النهار: 15 آب الخطف لبنان بلا دولة خلية أزمة للمخطوفين وتدابير لطريق المطار