ميقاتي: لبنان بقي وفيا لالتزاماته الدولية رغم انتهاجه سياسة النأي بالنفس

أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي "أن الحكومة اللبنانية، حين التزمت سياسة النأي بالنفس، كانت على بينة تامة من مدى الضرر الذي سيلحق بلبنان من جراء اعتماد سياسات أخرى تضر باستقراره وأمنه" مشددا على أنه "على الرغم من إنتهاج لبنان هذه السياسة، وفي هذا الوقت بالذات، الا أنه بقي وفيا لالتزاماته الدولية كي يكون منسجما مع تاريخه كعضو مؤسس فاعل في المؤسسات الدولية كافة".

موقف ميقاتي جاء في الكلمة التي سيلقيها مساء اليوم، ممثلا لبنان، في أعمال "قمة التضامن الإسلامي الاستثنائية" في مكة المكرمة. وهنا نص الكلمة: "يطيب لي في مستهل كلمتي أن أتقدم منكم، يا خادم الحرمين الشريفين ببالغ الشكر والتقدير والامتنان على كرم الضيافة، وكريم الرعاية، وحسن الاستقبال، ولا عجب في ذلك إذ أن هذه الخصال الحميدة هي من ثمار ذلك النبت الطيب الذي زرعه مؤسس المملكة، الملك عبد العزيز، طيب الله ثراه، في نفوس أبنائه البررة، وفي نفوس شعبه الشقيق، وها هي الأجيال تتوارثها من بعده على مر الأيام. إنني على ثقة بأن رئاستكم لهذه القمة الاستثنائية، وما تتمتعون به من حكمة مرموقة، ورأي سديد، وحرص على جمع شمل الأمتين العربية والإسلامية، كفيل باجتراح الحلول اللازمة لما نتعرض له من صعوبات وتحديات".

وأضاف: "تنعقد هذه القمة الإستثنائية في ظل ظروف مفصلية دقيقة بالنسبة للدول العربية وشعوبها، وبالغة الخطورة من جراء ما يواجهه المسلمون من اعتداءات وتشريد، وكذلك هو الحال بالنسبة لقضية فلسطين. فعلى الصعيد العربي وما تشهده بعض الدول العربية الشقيقة من متغيرات وتطورات، يستحوذ الوضع في سوريا على اهتمام خاص من قبل المجتمع الدولي بصورة عامة، ومن قبل الدول العربية، ومن بينها لبنان بصورة خاصة. يعلم الجميع مدى تأثير تداعيات الوضع في سوريا على إستقرار لبنان وسلمه الأهلي. من هنا حرصنا كبير أيها الاشقاء على المحافظة على وحدة لبنان وحمايته من اية اخطار قد تحيط به، هذا الوطن الذي طالما اعتبرتموه رسالة لتجسيد المحبة والتعايش بين الأديان، وطالما كنتم تسارعون لانتشاله من عثراته، كلما ألمت به المحن، انطلاقا من تفهمكم الأخوي لخصوصية وتنوع نسيجه السكاني، خاصة بعد أن أثبتت التجارب التي مر بها في الماضي القريب، أنه، بقدر ما يظل هذا النسيج بمنأى عن تعريضه للضرر، بقدر ما يظل لبنان رسالة، وبقدر تحميله ما لا طاقة له على تحمله يصبح عالة على كاهل شعبه وأشقائه وأصدقائه ومحبيه.

إنطلاقا من هذا المفهوم، واستنادا إلى ما تختزنونه في قلوبكم من محبة صادقة للبنان، وبدافع من حرص الحكومة اللبنانية على مصلحة لبنان العليا التي لا تتحقق إلا من خلال استقراره، ووحدة شعبه والمحافظة على سلمه الأهلي، وصونا له من تداعيات الأحداث الجارية حاليا في سوريا، التزمت الحكومة اللبنانية سياسة النأي بالنفس التي تقضي بعدم التدخل في شؤون الآخرين، وفي كل ما من شأنه أن ينعكس سلبا على الأوضاع الداخلية في لبنان، وقد حظيت هذه السياسة باجماع داخلي عبر عنه "إعلان بعبدا" الذي إعتمد كوثيقة رسمية نتيجة اجتماع هيئة الحوار الوطني برئاسة فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان. كما حظيت هذه السياسة بدعم المجتمع الدولي بعد أن اتضح له أنها تساهم فعليا في عدم اتساع رقعة الأحداث في منطقتنا التي تجتاز حاليا ظروفا لا تحسد عليها، وقد مكنت هذه السياسة التي اعتمدتها الحكومة اللبنانية من تركيز إهتمامها منذ البداية، على تقديم المساعدات الإنسانية للاخوة النازحين السوريين، إنطلاقا من العلاقات التاريخية والروابط الاجتماعية والعائلية بين الشعبين اللبناني والسوري بالرغم من تزايد اعداد النازحين باستمرار، وتواضع الإمكانات المادية للبنان".

واردف ميقاتي: "لذلك، ومنعا لكل التباس، لا بد من الإشارة في هذا المجال إلى أن الحكومة اللبنانية، حين التزمت سياسة النأي بالنفس كانت على بينه تامة من مدى الضرر الذي سيلحق بلبنان من جراء اعتماد سياسات أخرى تضر باستقراره وأمنه، وبالتالي فأن تفهمكم لهذه السياسة سنعتبره جهدا إضافيا مشكورا كي يظل لبنان رسالة محبة وسلام، بدلا من أن يكون رقما زائدا من أرقام التشرذم والانقسام. وعلى الرغم من إنتهاج لبنان هذه السياسة، وفي هذا الوقت بالذات، الا أنه بقي وفيا لالتزاماته الدولية كي يكون منسجما مع تاريخه كعضو مؤسس فاعل في المؤسسات الدولية كافة.
أن تسارع الأحداث في منطقتنا العربية، لا يجب أن يشكل مبررا للتراخي في تعاطينا مع القضية الفلسطينية، بينما يغتنم العدو الإسرائيلي هذا الأمر للمضي في تنفيذ مخططاته الرامية إلى إقامة المستوطنات الجديدة، وتوسيع ما هو قائم منها على مرأى ومسمع الدول التي اطلقت الوعود باقامة الدولتين، وآخر مآسينا وعد الاعتراف بالقدس، عاصمة أبدية للدولة العبرية، ونتساءل هنا، ألا يستحق كل ذلك منا وقفة تحيي الأمل في النفوس كما أحييتموه، يا خادم الحرمين الشريفين، يوم أطلقتم المبادرة العربية للسلام في قمة بيروت، فأثبتم للعالم كله رغبتنا الصادقة وتمسكنا باقامة سلام عادل في مقابل تمنع إسرائيل عن التجاوب مع أي دعوة للسلام. فمن هذه الأرض التي كرمها الله فجعلها مهدا للنبوة، وبجانب هذه الكعبة المشرفة، نتجه بابصارنا إلى أولى القبلتين وثالث الحرمين إلى مدينة القدس، مناشدين بأسمها أخوتنا الفلسطنيين، اليوم قبل الغد، استئناف جهود المصالحة التي إنطلقت بمبادرة خيرة من جلالتكم في هذه الأرض بالذات، وندعو الى الاسراع باستكمالها كي يكون الرابح الوحيد بينهم هو فلسطين القضية".

وختم ميقاتي بالقول: "السيد الرئيس، أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، لنعمل جميعا يدا واحدة بهدي قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم. إنما المؤمنين أخوة فأصلحوا بين اخوانكم وإتقوا الله لعلكم ترحمون. صدق الله العظيم. ندعو المولى عز وجل كي يهدينا في أقوالنا وأفعالنا إلى الصراط المستقيم، لرفع المعاناة عن شعوب الأمتين العربية والإسلامية فيجعل خوفها أمنا، ويأسها أملا ومستقبلها واعدا. إنه على كل شيء قدير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".  

السابق
المجلس الاسلامي الشيعي: تصريحات زغيب من قضية المخطوفين تعبر عن رايه الشخصي
التالي
الناطق الاعلامي باسم الخاطفين محمد نور يؤكد مقتل 4 من المخطوفين اللبنانيين في سوريا