مخطط تفجيرات يخفي مخططاً آخر؟

ليقل القضاء كلمته في قضية الوزير السابق ميشال سماحة. وحين يقول هل تستطيع الحكومة ان تكون بمستوى الاحكام التي يحتمل ان يصدرها في حق سماحة ومن وردت اسماؤهم في التحقيق من المسؤولين السوريين؟ هذا هو السؤال. واذا لم تشأ المسّ بالاشخاص الذين يهابهم، او يعمل في خدمتهم، العديد ممن هم في الحكومة وقواها السياسية، فهل تستطيع الحكومة ان تتخذ قرارات نضجت مبرراتها، كأن توقف العمل بالاتفاقات المبرمة مع النظام السوري؟
هذا يدخل ايضا في باب "النأي بالنفس"، فإذا لم يكن الأمن الوطني خطا احمر، فما عساه يكون؟ مجرد وجهة نظر يصح فيها قولان او اكثر؟ اللبنانيون يعرفون ان كثيرين منهم، بعض من فريق 14 آذار قبل 2005 وكل فريق 8 آذار لاحقا، ساوموا على امن البلد وعلى الاستقلال والسيادة، لكن الاستمرار وكأن شيئا لم يحصل في سوريا ونظامها بات يعادل الانتحار السياسي. وليعلم حلفاء النظام السوري انه لم يعد هناك ما يمكن ان يرتجوه او يتوقعوه منه.
لم تكن مفهومة تماما ردود فعل فريق 8 آذار على اكتشاف قضية التفجيرات وكشفها. أهي تعاطف مع "الحليف" ميشال سماحة، ام انها في سياق ولائهم المستمر للنظام السوري، أم انها استنكار للضربة التي نجح بها "فرع المعلومات"؟ لو اردنا استخلاص شيء فقد نتوصل الى انهم كانوا يفضلون نجاح المخطط على فشل ما اراده مجرمو النظام السوري. اي انهم كانوا سيشعرون بثقة واطمئنان لو قدّر، لا سمح الله، للمخطط ان ينفذ. اي انهم باتوا في حاجة ماسة الى كم من الجثث، الى فتنة داخلية، لعل في ذلك انقاذا لنظام الاسد، وبالتالي انتشالا لهم من التوجسات والاحباطات التي يعيشونها.

اذا صحت التسريبات من اعترافات سماحة فإنها تشبهه، وهو في مواجهة الادلة، وتشبه واقعيته كونه قام سياسيا بما هو اخطر واكثر اضرارا لمصلحة النظام السوري، لكنه لا يعتبر نفسه مدبر تفجيرات، ولذا وقع في الفخ. ومع ذلك فإن حلفاء ذلك النظام، المتضررين من انكشاف القضية، يريدون تبرئته لإدانة "فرع المعلومات". ما المطلوب من هذا الجهاز لينال اعتراف فريق 8 آذار بـ"وطنيته"، او في الحد الادنى بأنه يقوم بعمله، لا اكثر ولا اقل. لم يحسنوا شكره على كشف عملاء اسرائيل، لكنهم خوّنوه بعد توصله الى الخيط المؤدي الى القتلة في قضية الاغتيالات. من الواضح ان مشكلة هذا الجهاز ليست في قصوره وعدم مهنيته، وانما في عدم خضوعه كأجهزة اخرى لإمرة الاجهزة السورية.

نسي حلفاء النظام السوري ان "اعلان بعبدا"، الصادر عن الجلسة الاولى للحوار المستأنف، يلزمهم رفض كل ما يمس الاستقرار والامن، لكنهم اخفقوا عند الاختبار الاول لـ"التضامن الوطني". المهم الآن ان لا تكون "قضية سماحة" تمويها للفريق الحقيقي المكلف بالتفجيرات.  

السابق
إسرائيل تهدّد كل لبنان بضربة شديدة إذا دافع حزب الله عن إيران
التالي
برغاميني: خوف اوروبي على لبنان