حرب سوريا في رهانات اللاعبين

منظمة التعاون الاسلامي على خطى الجامعة العربية في تعليق عضوية سوريا التي تقاطعها عواصم أميركا وأوروبا وتركيا وسواها. والأمم المتحدة والجامعة العربية في حركة تشاور لتعيين بديل من الموفد الخاص المشترك كوفي أنان المستقيل. مشهدان على مسرح واحد، لكن الاختلاف بينهما شكلي والتكامل جوهري. وهما جزء من حرب سوريا، وإن ظهرا على هامش الدينامية العسكرية فيها. فالحرب مفتوحة الى النهاية وباب الحل السياسي مغلق. ولا مفتاح للباب. لا في قمة مكة، ولو تجاوزت ايران وأكثرية الأعضاء الخلاف العميق وتوصلتا الى موقف موحد على الورق. ولا في الأمم المتحدة، سواء أعطت للموفد الجديد ما طلبه أنان من قرار في مجلس الأمن فلم يحصل عليه. ولا مهرب لخليفته من الأسباب التي قادت الى اعترافه بالفشل. ولا شخصيته كانت المشكلة لتكون شخصية سواه مفتاح الحل.

ذلك أن إصرار الأمم المتحدة على تعيين موفد ليس رهاناً على الحل بل مجرد حرص على وجود دولي رمزي في سوريا لأسباب سياسية وإنسانية. والانقسام في مجلس الأمن بين أميركا وأوروبا من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى ليس السبب في تعذّر الحل بمقدار ما هو النتيجة للرهانات المختلفة على وظيفة حرب سوريا. وهي وظيفة خطرة وخطيرة على سوريا كبلد والسوريين كشعب كما على البلدان المجاورة، وباب للربح والخسارة في صراع استراتيجي بين القوى الاقليمية والدولية على ما يتجاوز سوريا وحتى موقعها الاستراتيجي.
والكل يتحدث عن المخاطر ويعمل للفرص. فليس بين اللاعبين في الداخل والخارج من يجهل أو من لم يعترف بأن إطالة الصراع هي وصفة لتهميش القوى المعتدلة والمطالب الشعبية المحقّة، وازدياد التطرّف واندفاع القوى الأصولية الى المعركة، وتنامي العصبيات والغرائز والشحن الطائفي والمذهبي. وليس أخطر من الدمار في المدن والقرى سوى تدمير النسيج الاجتماعي وسقوط عشرات آلاف الضحايا ونزوح مئات الألوف الى البلدان المجاورة، وحاجة الملايين الى الغذاء والدواء وحليب الأطفال وأبسط متطلبات العيش لمن لم يحصدهم العنف.
لكن الحرب مستمرة، لأن وظيفتها الداخلية والخارجية لم تنتهِ بعد. فمن يغذّيها يعرف ان الحسم العسكري صعب. ومن يتحدث عن الحوار يعرف ان الحل السياسي أصعب. لا مجلس الأمن يتحدث بصوت واحد ويتدخّل لانهاء الحرب. ولا القوى التي تعمل من خارج مجلس الأمن تتحرّك عملياً بمقدار ما تندفع في خطابها السياسي. لا روزنامة الانتخابات الرئاسية الأميركية هي وحدها ما يؤخّر التفاهم بين واشنطن وموسكو على مخرج من المآزق. ولا أحد يعرف كيف يكون شكل سوريا حين تصل الى نهاية النفق الطويل.  

السابق
القمّة الإسلامية: الدعوة والمسؤولية
التالي
تنافس بين مغتربين فلسطينيين لبناء المنازل الفخمة