اللواء: غبار إعلامي يثيره الدفاع عن سماحة وواشنطن تطالب القضاء باحترام المعايير الدولية!

اتجهت الأنظار إلى المملكة العربية السعودية حيث من الممكن في ضوء المشاورات الجارية على هامش القمة الاسلامية التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أن تتبلور الوجهة السياسية لمقاربة الملفات الإقليمية، والتي بات لبنان معنياً بها أكثر من أي وقت مضى، فيما كانت أروقة المحكمة العسكرية وقاعة التحقيق فيها، تتحضّر ليوم طويل من الشغب الإعلامي – الحقوقي على المهمة التي أنجزها فرع المعلومات وقضت بتعطيل "المهمة الإرهابية" التي كان مكلفاً بها الوزير السابق ميشال سماحة، بدأه فريق الدفاع بسلسلة من التصريحات والإعلانات والإشتراطات، بما في ذلك تسريب معلومات عن أن سماحة "استفاق" من الصدمة، وأبلغ قاضي التحقيق رياض أبو غيدا بأن ما اعترف به بمحاضر موثقة ومصوّرة، جاء تحت "الضغط النفسي" بعد "الكمين" الذي نصبه له ميلاد كفوري "العميل السري" لفرع المعلومات.
وبانتظار العودة إلى جلسة تحقيق جديدة، ربما تكون الخميس المقبل، تفاعلت قضية سماحة، واسترعت اهتماماً أميركياً بعد الموقف الفرنسي، فيما تؤكد مصادر المعلومات أن سوريا تُبدي استياءها مما وصفته "تقاعس" حلفاءها في لبنان في الدفاع عن سماحة.
والبارز في الموقف الأميركي ما أعلنته المتحدثة باسم الخارجية فيكتوريا بولاند، من أن أي "اجراءات قضائية ضد سماحة يجب أن تجري بطريقة شفافة وتحترم المعايير الدولية".
ورفضت بولاند التعليق على الاتهامات، معربة عن قلقها من انتقال التوترات الطائفية من سوريا إلى لبنان، داعية السلطات اللبنانية للتعاون مع قوى الأمن اللبنانية جيداً لمواجهة أية ارتدادات للأزمة السورية.
وبغضّ النظر عن الموقف الأميركي واستدلالاته، فقد جاء مكمّلاً "للشغب الإعلامي – الحقوقي" في جهد واضح للإيحاء بأن سماحة كان "ضحية كمين" أكثر من كونه ضالعاً في مخطط إرهابي تفجيري، استناداً إلى رواية مفادها بأن العبوات الناسفة التي عثرت عليها شعبة المعلومات، كانت بغرض وضعها على الحدود اللبنانية – السورية لمنع تسلل المسلحين والسلاح من لبنان الى الأراضي السورية، وهي رواية تبناها بالكامل رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية، بعدما كانت سرّبتها قناة "المنار" نقلاً عن مصادر قضائية، هي في أغلب الظن أحد محامي الدفاع مالك السيّد أو يوسف فنيانوس، اللذين روّجا بعد جلسة التحقيق الأولى أمام أبو غيدا توقعهما بإطلاق سراح سماحة، استناداً الى تراجعه عن إفادته التي كان وقّعها أمام المدعي العام التمييزي بالإنابة القاضي سمير حمود.
إلا أن مرجعاَ أمنياً متابعاً للملف أكد أن كل ما يعمّمه وكلاء الدفاع ليس إلا تهويلاً ومضيعة للوقت، وأنه مهما فعلوا فإن شيئاً لن يمنع محاكمة سماحة، وقال إن الأدلة قاطعة والاجتماعات بين سماحة والشاهد ميلاد كفوري مسجلة بكل تفاصيلها بالصوت والصورة، كاشفاً بأن سماحة وقّع على محضر التحقيق بملء إرادته، نافياً أمام المدعي العام حمود أن يكون يوقّع بضغط من أحد.
وعلق المرجع على كلام المحامي السيّد بالادعاء على المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي ورئيس شعبة المعلومات العميد وسام الحسن بتهمة تسريب معلومات إلى الإعلام، بأن هذا الكلام غير قانوني وتافه، مشدداً على أن القانون يعاقب على تسريب وثائق وليس معلومات قد يسربها أي كان.
وأشار مصدر قضائي إلى أن القضاء لم يتسلم حتى الساعة أي ادعاء، علماً أن القوى الأمنية تعتبر حسب القانون ضابطة عدلية لا يجوز الطعن بها.
ولفت المصدر إلى أن التركيز على كفوري (الذي تبين أمس انه حضر مؤتمر الدوحة في قطر ضمن الوفد المرافق للوزير محمّد الصفدي) هو لحجب الأنظار عن جريمة سماحة، علماً أن كفوري جاء في المراحل الأخيرة بعد مرحلة تسليم العبوات الناسفة في سوريا ونقلها إلى بيروت، ثم تسليمها إليه.

الراعي في عكار
وعلى وقع التحقيقات المتواصلة مع سماحة، بدأ البطريرك الماروني بشارة الراعي زيارة تاريخية إلى عكار، وسط إجراءات أمنية استثنائية غير مسبوقة، استهلها من بلدة العبدة حيث أقيم له استقبال إسلامي مسيحي حاشد، تقدمه نواب المنطقة وفاعلياتها الدينية والسياسية والاجتماعية، وأقيم مهرجان خطابي تحدث فيه كل من: النائب هادي حبيش، والنائب خالد ضاهر، الذي أكد "على العيش المشترك وعلى ضرورة الوجود المسيحي في الشرق، وأن "قيامة لبنان لا تكون إلا بالحرية والنظام الديموقراطي".
كما كانت كلمة لمفتي محافظة عكار الشيخ أسامة الرفاعي قال فيها: "إن عكار حاضنة الجيش، العيش المشترك فيها تجسد، إذا أحبت أكرمت إن كرهت عفت ومن حرمانها أعطت الوطن".
وألقى البطريرك الراعي كلمة منوهاً ب"عكار المضيافة التي تستقبل النازحين السوريين، وتتضامن معهم إنسانيا وروحيا وفوق ذلك، هي المنطقة التي تتأذى من سقوط القذائف السورية على اطراف أرضها، فلا بد من حمايتها لتكون أرض السلام والتلاقي".
وقال: "نجدد الالتزام للبنان والالتزام معا بالميثاق الوطني، ميثاق العيش المشترك الإسلامي – المسيحي، وبقضايا العدالة والسلام في إطار الأسرة الدولية وشرعيتها، مع تحييد لبنان العسكري عن المحاور والتحالفات الإقليمية والدولية، ففي زمن يجري الحديث فيه عن ربيع عربي نحن مدعوون في لبنان الى ربيع محبة الى ربيع التلاقي والتآخي، ونحن هنا في عكار ننظر الى هذه المكونات التي تتشكل منها المنطقة الاسلامية والمسيحية فنراها نموذجا للعيش المشترك والعيش الواحد، ونتطلع الى لبنان الوطن الجامع للجميع كما نتطلع الى لبنان المسؤول تجاه العالم العربي الباحث عن موقعه ودوره".
وطالب الراعي رئيس الجمهورية بالدعوة إلى طاولة الحوار الوطني، والجلوس بروح المسؤولية والتجرد الى هذه الطاولة، ويطرح المسائل الجوهرية المتعلق بها نهوض لبنان، واستعادة دوره ورسالته.
ثم انتقل الراعي الى مطرانية عكار حيث استقبله المطران باسيليوس منصور ممثلا البطريرك اغناطيوس الرابع هزيم والمدير العام لـ "مؤسسة فارس" العميد وليم مجلي، وقد تسلم الراعي الصليب والانجيل المقدس وأُلبس وشاحا مقدسا".
بعدها انتقل الراعي إلى رعية مار جرجس المارونية في حلبا، ثم كانت المحطة التالية في دائرة الأوقاف الإسلامية في حلبا، فبلدة ببنين حيث استقبله المفتي الرفاعي، وبعدها زار كلا من برقايل وقبعيت ورحبة وحرار وبينو وبقرزلا وغيرها من القرى العكارية.

الحوار
وفي موضوع الحوار، علمنا ان رئيس كتلة "المستقبل" النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، سيقابل بعض ظهر اليوم الرئيس ميشال سليمان للاطلاع منه على الخطوط العريضة للتصور الذي ينوي رئيس الجمهورية طرحه على طاولة الحوار بخصوص الاستراتيجية الدفاعية، والذي هو عبارة عن مجموعة افكار وضعها عدد من المستشارين وتم استخلاصها من مجموع الاوراق التي قدمت على الطاولة، والتي يمكن ان تعتبر خلاصة للافكار التي تكونت لهؤلاء، لكي يصار في ضوئها اتخاذ الموقف المناسب من مسألة المشاركة او عدمها في الجلسة المقبلة لهيئة الحوار الوطني المقرر يوم الخميس المقبل.
ولفتت مصادر مطلعة إلى ان الرئيس السنيورة سيسلم الرئيس سليمان مذكرة تقترح تأجيل جلسة الخميس، لأن الظروف الحالية لا تساعد على البحث جدياً في موضوع الاستراتيجية الدفاعية والوصول به إلى نتائج.
واوضحت المصادر انه لم يكن هناك موعد امس للرئيس السنيورة للقاء الرئيس سليمان، على عكس ما تداولته الصحف، علماً ان التواصل بين الرجلين موجود ومستمر، وكذلك الامر بين الرئيس السنيورة وقيادات 14 آذار، وهذا التواصل سيستمر خلال الساعات المقبلة توصلاً إلى اتخاذ قرار في شأن المشاركة او عدمها.
واشارت مصادر الرئيس السنيورة إلى انها تعتبر ان الحوار وسيلة ضرورية واساسية، لكن القرار في شأن المشاركة في جلسة الخميس ما زال موضع تشاور بين أطراف 14 آذار، وهو الامر الذي اكده ايضاً الرئيس امين الجميل الذي دعا إلى حسم امر وجود دولتين وسلاحين في لبنان، معتبرا ان مقولة الجيش والشعب والمقاومة هي هرطقة.
قانون الانتخاب
اما بالنسبة إلى قانون الانتخاب الذي اقرته الحكومة مؤخراً على قاعدة النظام النسبي وتقسيم لبنان إلى 13 دائرة انتخابية، فقد استرعى الانتباه، ثلاثة مواقف سياسية، على الرغم من تراجع الاهتمام السياسي به، على خلفية الانشغال بقضية سماحة.
أولها اعلان النائب ميشال عو انه ليس خائفاً من اي قانون انتخابي، وانه سيربح الانتخابات حتى في ظل النظام الاكثري، لكنه فضل ان يخسر عدداً من النواب في النظام النسبي من اجل التمثيل الصحيح.
والثاني، تأكيد نائب المتن ميشال المر بأن القاعدة لا ترضى بقانون الانتخاب الذي اقرته الحكومة، مقترحاً ابقاء الدائرة المتعلقة بالمتن كما كانت او تصغيرها تاركاً للحكومة ولمجلس النواب القيام بما هو مناسب.
اما الثالث، فكان هجوم النائب فرنجية على النائب وليد جنبلاط الذي اعتبر انه يملك اليوم الثلث المعطل، مشيرا إلى ان جنبلاط يريد ضمانات من الملك السعودي حول حصته في الحكومة المقبلة، والانتخابات النيابية، وعندما يحصل عليها سيطير الحكومة.
واضاف ان جنبلاط يقدم اوراق اعتماده إلى الخارج ليضمن وضعه في الداخل، واذا ضمن مواقعه لن يعير اي اعتبار لرئيس الحكومة ولا لرئيس الجمهورية، وسينقلب في خمس دقائق من ضفة إلى اخرى، وهذا بدأ بالتكويع بموقفه من الاستراتيجية الدفاعية.  

السابق
في أحوال بعض اللبنانيّين اليوم
التالي
الشرق الأوسط: قمة مكة تنطلق اليوم لتأسيس عهد جديد من التضامن الإسلامي