السفير: قضية سماحة : الدفاع يتسلّح بنظرية الاستدراج وجنبلاط يستكمل استدارته

استمر الوضع الداخلي مشدوداً الى قضية توقيف الوزير الأسبق ميشال سماحة، على وقع تسريبات ومعلومات متضاربة، بقيت متفلتة من أي ضوابط قانونية، وخارج إطار أي محاسبة، في وقت يُنتظر ان يمثل سماحة اليوم أمام المحكمة العسكرية لاستجوابه، في شأن ما اسند اليه عن التخطيط للقيام بأعمال إرهابية وإثارة الاقتتال الطائفي.
على خط مواز، بدا ان النائب وليد جنبلاط يُسرع الخطى، نحو إنجاز معاملات "الطلاق السياسي" من شركائه الاضطراريين في الاكثرية الحالية، بانتفاضته على معادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، واتهامه حزب الله بالارتباط بحلف خارجي على حساب لبنان، فيما يستمر مصير جلسة الحوار، المقررة الخميس المقبل، عالقاً في عنق زجاجة فريق "14 آذار"، الى حين ان يتخذ هذا الفريق القرار النهائي بالمشاركة او المقاطعة، ما دفع الرئيس نبيه بري الى القول لـ"السفير" إن هذه الطريقة من التعاطي مع الحوار ورئيس الجمهورية هي مهينة.

قضية سماحة
ومع وصول ملف التحقيق في قضية سماحة الى القضاء العسكري، يُفترض ان يساهم ذلك في اتضاح صورة الحقيقة بشكل افضل، بعيداً عن غبار التسريب والتسييس الذي أثير في الايام الماضية، لا سيما أن أحد وكيلي الدفاع سيحضر أولى جلسات التحقيق اليوم، وهو المحامي يوسف فنيانوس (أحد قياديي تيار المردة)، وذلك عملا بقانون اصول المحاكمات، ما يعني انه سيتسنى للدفاع ان يستمع للمرة الاولى منذ توقيف سماحة الى أقوال الأخير، من دون تصرف او تأويل.
وعلمت "السفير" ان فريق الدفاع الذي يضم فنيانوس ومالك السيد سيبدأ من اليوم ما يشبه "الهجوم المضاد" في ملف سماحة، وهو سيبني استراتيجيته الدفاعية على إثبات فرضية "استدراج" سماحة الى نقل العبوات، للإيقاع به، وضبطه بالجرم المشهود، بعدما عززت المعطيات والمعلومات المتوافرة لدى الدفاع تلك الفرضية.
وفي المعلومات المتوافرة بحوزة فريق الدفاع، ان الشخص الذي تولى الإيقاع بسماحة ليس فقط متعدد الأسماء، بل الولاءات الأمنية أيضاً، وهو عمل لفترة مع مخابرات الجيش ثم مع المخابرات الفرنسية وصولا الى فرع المعلومات، كما تقول مصادر الدفاع التي تشير الى ان اسمه الحقيقي ميلاد كفوري، الى جانب اسمين مستعارين له.
ووفق المعلومات، فإن فريق الدفاع عن سماحة سيطلب استدعاء هذا الشخص الى التحقيق للاستماع الى أقواله ومواجهته بسماحة، وقالت مصادر الدفاع لـ"السفير" إنها ستصر على هذا المطلب، وفي حال رُفضت الاستجابة له، "نكون امام طبعة جديدة من محمد زهير الصديق".
وبانتظار استكمال المسار القضائي، كان لافتاً للانتباه موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي أكد "عدم السماح لأحد بالتدخل في شؤوننا، أو بتحويل لبنان مجدداً ساحة لتصفية الحسابات، وتصدير الازمات الخارجية إليها، وسنتخذ، في ضوء المعطيات والنتائج، الموقف السياسي والقرار الذي يتناسب مع الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله وعدم السماح لأي كان بتعريض أمن اللبنانيين وسلامتهم للخطر".

"الخارجية" ترفض التسرع
وبينما وجدت قوى "14 آذار" في ملف سماحة فرصة لتزخيم مطالبتها باتخاذ إجراءات رسمية ضد سوريا، قال وزير الخارجية عدنان منصور لـ"السفير" قبيل مغادرته امس الى السعودية، للمشاركة في المؤتمر الاستثنائي للقمة الاسلامية، إن الحكومة لن تتخذ اي قرار يتعلق بسوريا قبل صدور قرار او حكم قضائي واضح ومعلل بقضية ميشال سماحة، برغم كل الضغوط التي تمارسها قوى سياسية معروفة، وبرغم المطالبات بطرد السفير السوري، او بإلغاء المجلس الاعلى اللبناني ـ السوري، او باستقدام قوات دولية ونشرها على كامل الحدود السورية.
وأضاف: إن الحكومة لا يمكن ان تتخذ قراراً سياسياً مهماً ومصيرياً في ما خص العلاقة مع سوريا، بناءً على تسريبات إعلامية عن سير التحقيق مع سماحة، وهي لن تتخذ أي قرار قبل صدور الحكم القضائي، ونحن نترك الملف للقضاء.

بري ينتقد سلوك "14 آذار"
في هذه الأثناء، يُتوقع ان تحسم قوى "14 آذار" خلال الساعات المقبلة، قرارها المتأرجح بين المشاركة في الحوار ومقاطعته، وذلك تبعاً لما ستؤول اليه المشاورات مع رئيس الجمهورية، وداخل صفوف المعارضة.
من ناحيته، قال الرئيس نبيه بري لـنا إن طريقة تعامل قوى "14 آذار" مع طاولة الحوار ورئيس الجمهورية على حد سواء هي مهينة وغير مقبولة، مشيراً الى انه لا يجوز ان يظل الحوار أسير مزاجية فريق "14 آذار" وما يراه في مناماته السياسية، ولا يصح ان يبقى رئيس الجمهورية حتى ما قبل أيام قليلة من الموعد الذي حدده لجلسة الحوار، الخميس المقبل، "مكبلا" ينتظر موقف المعارضة، ليعرف هل ستشارك أم لا، وإذا كانت ستشارك فهل بأقطابها أم بممثلين عنها.
في المقابل، أبلغتنا مصادر بارزة في "تيار المستقبل" ان موضوع المشاركة من عدمها في جلسة الحوار، ما تزال قيد الدرس والتشاور، ولم يُتخذ بعد موقف نهائي بشأنها، متوقعة حسم القرار خلال اليومين المقبلين، بعد التواصل مع رئيس الجمهورية.
وأشارت المصادر الى انه سبق لفريق "14 آذار" ان حدد اربعة مطالب لمعاودة الحوار، وقد تحقق أحدها وهو إعطاء الأجهزة الأمنية "داتا الاتصالات"، بينما بقيت ثلاثة أخرى عالقة وهي: تسليم الشخص المطلوب للتحقيق في قضية محاولة اغتيال النائب بطرس حرب، وحماية قادة "14 آذار"، وإقرار "حزب الله" بجدول أعمال الحوار. وتابعت المصادر مستدركة: في الوقت ذاته، نسجل لرئيس الجمهورية موقفه الإيجابي حيال مسألة "الداتا" وكلامه المتقدم في عيد الجيش، وخلال استقبالاته في بيت الدين، وبالتالي فإن كل هذه المعطيات مجتمعة تخضع للدرس والنقاش، تمهيداً لاتخاذ الموقف المناسب.

 

السابق
وليد: الامرة للدولة لا للسلاح
التالي
النهار: الحوار مرشح للتأجيل وجنبلاط يلمّح إلى سماحة ومرجع أمني: لغة التهويل انتهى عهدها